وكان الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أعلن قبل يومين أن بلادها أنهت عملية فرنسا لمكافحة الإرهاب في غرب إفريقيا، والمعروفة اختصارا باسم عملية “برخان“.

وقال ماكرون إن المهمة ستدمج في مهمة دولية أوسع، مضيفا أنه سيضع اللمسات النهائية لذلك بحلول نهاية شهر يونيو الجاري.

وكانت فرنسا قد حققت فرنسا بعض النجاحات ضد الإرهابيين في منطقة الساحل الإفريقي خلال الأشهر القليلة الماضية، إلا أن الوضع الأمني الهش للغاية في هذه المنطقة.

وهذا الأمر أصاب باريس بالإحباط مع عدم وجود ما يشير في الأفق لانتهاء العملية، إضافة إلى الاضطراب السياسي في المنطقة وخاصة في مالي.

وقال مسؤول فرنسي في غرب إفريقيا، إن الرئيس ماكرون سيعلن عن خفض عدد القوات الفرنسية التي تقاتل الإرهابيين في منطقة الساحل بغرب لإفريقيا، لافتا إلى قرار خفض عدد القوات جاء بعد أيام من سيطرة القائد العسكري في مالي الكولونيل أسيمي غويتا على السلطة في أعقاب الإطاحة بثاني رئيس للبلاد خلال 9 أشهر.

وأعرب محللون سياسيون عن مخاوفهم من عودة الإرهاب مرة أخرى للضرب بقوة في منطقة الساحل الإفريقي عقب إعلان فرنسا تعليق مهمة عملية “برخان التي تتولى محاربة الإرهاب في هذه المنطقة المضطربة من العالم.

 أسباب متعددة

ويرى المراقب الدولي العسكري السابق في دولة الكونغو الديمقراطية، كمال الزغول، في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن تعليق عملية “برخان” الفرنسية أتى على خلفية النقاش حولها في أروقة البرلمان الفرنسي.

وأضاف الزغول أن نواب فرنسيين شككوا بفعالية عملية “برخان” في دول الساحل الإفريقي، حيث ارتفعت وتيرة الإرهاب في مالي وبوركينا فاسو والنيجر خلال الربع الأخير من العقد الماضي ووصل عدد الوفيات إلى 6250 وفاة.

وقال إن  الأسباب التي أدت إلى تعليق عملية “برخان” تعود إلى دعم الأنظمة والجيوش من دون دعم المشاريع التنموية في دول الساحل، والذي أسهم بحالة إحباط لدى تلك الشعوب مما أدى إلى جعل المنطقة بيئة خصبة للإرهاب.

وتابع الزغلول: كذلك غياب الدور الأممي الذي ركز في العقد الأخير على الشرق الأوسط ومناطق أخرى في العالم،

لافتا إلى أن التجارب أثبتت في مناطق الصراع أن فرنسا لا تستطيع إدارة الصراعات من دون مساعدة أميركية وقوات أممية لأن المشهد الأفريقي واسع جدا، لذلك تسعى فرنسا لصياغة تحالف دولي جديد تحت مسمى محاربة الإرهاب.

وأشار إلى أن زيادة عدد القتلى من الجانب الفرنسي وتردي مستوى الأمن وزيادة حجم الإنفاق على عملية “برخان” وبوادر حروب أهلية في بعض دول الساحل أُثيرت النقاشات في البرلمان الفرنسي حول تعليق هذه العملية للوقوف على حيثياتها، لكن الزغول يرى أن فرنسا ستظل تدعم الأنظمة القائمة حتى تستعيد قواها من دون تدخل عسكري كبير.

 خفض عديد القوات

والمتابع للمشهد في منطقة الساحل الإفريقي يجد أنه بعد ثماني سنوات من وجود فرنسا في هذه المنطقة، حيث ينتشر 5100 من قواتها، تريد باريس الآن الانتقال من مكافحة الإرهابيين في الخطوط الأمامية إلى الدعم والمرافقة، وهي طريقة لتقليل المخاطر وإجبار دول المنطقة على تحمل مزيد من المسؤولية عن أمنها.

ووفق المشروع المدروس، تعتزم فرنسا مغادرة قواعد في شمال مالي (في مناطق تيساليت وكيدال وتمبكتو) بحلول نهاية عام 2021 لتركيز وجودها على طريق غاو وميناكا، أي قرب ما يسمى منطقة “المثلث الحدودي” بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو، وكذلك في نيامي عاصمة النيجر.

وبحسب مصادر مطلعة، سيتم خفض عديد العسكريين الفرنسيين تدريجيا، ليصل إلى نحو 3500 في غضون سنة، ثم إلى 2500 بحلول عام 2023، ومن المقرر إبقاء قوات النخبة من فرقة “سابر” الفرنسية لمواصلة ملاحقة قادة الإرهابيين.

 وسيلة ضغط

ويرى الباحث التشادي، علي موسى علي، في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن تعليق العمليات العسكرية في منطقة الساحل الإفريقي، يعد وسيلة ضغط تستعملها فرنسا، خاصة بعد الانقلاب الذي قام به الجيش الذي يقود الفترة الانتقالية في مالي.

وأضاف موسى أن الحالة الأمنية في منطقة الساحل خلال الفترة القادمة، ستتوقف على مدى قدرة الجيوش المحلية والقوات الأممية على التعاطي مع الفراغ الذي تخلفه القوات الفرنسية.

 تعليق رسمي

من جهتها، أكدت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورنس بارلي، الجمعة، أن الالتزام العسكري الفرنسي “سيظل كبيرا جدا”.

وقالت: “علينا محاربة المجموعات الإرهابية ومواصلة هذا العمل الذي سيسمح للقوات المسلحة لدول منطقة الساحل بأن تكون في وضع يمكنها من الرد والتصدي”.

وأضافت أن الوقت قد حان لأن القوات المسلحة لمنطقة الساحل أصبحت الآن تتمتع بقدرة أكبر على مواجهة “أعدائها”، في إشارة إلى عمليات كبيرة في الخريف والشتاء شكلت خلالها الجيوش الفرنسية والساحلية مجموعة من آلاف العناصر الذين قاتلوا معا.

skynewsarabia.com