وقال يورغ مولر، رئيس المكتب الإقليمي لحماية الدستور (الاستخبارات الداخلية) في ولاية براندنبورغ الألمانية، في تصريحات لصحيفة “دي فيلت” الألمانية: “المتطرفون يحلمون بشتاء الغضب الألماني، إنهم يأملون أن تؤثر أزمة الطاقة والزيادات في الأسعار بقوة على الناس حتى يتمكنوا من استغلال الحالة المزاجية في الترويج لتطلعاتهم المناهضة للدولة. نحن نتابع هذه الأحداث بعيون يقظة وآذان مفتوحة”.
كما أعربت وزيرة الداخلية الألمانية، نانسي فيزر، عن مخاوف مماثلة حيث قالت في تصريحات لصحيفة “هاندلسبلات” الألمانية: “بالطبع هناك خطر من أن أولئك الذين صرحوا بالفعل بازدرائهم للديمقراطية في زمن كورونا، وهم غالبا متوافقون مع المتطرفين اليمينيين، سيحاولون استغلال الارتفاع الحاد في الأسعار كموضوع جديد للتعبئة”.
وأضافت أن “أعداء الديمقراطية ينتظرون فقط استغلال الأزمات لنشر خيالات عن نهاية العالم والخوف وعدم اليقين، مثل هذه الدوائر تبحث حاليا عن مواضيع جديدة تساعدهم على التعبئة، ما وحد بالفعل المتطرفين اليمينيين وأوساط متطرفة أخرى مختلفة في احتجاجات كورونا هو القاسم المشترك: ازدراء الديمقراطية ومحاولة زعزعة الثقة في دولتنا”.
استنزاف ألمانيا
المحلل الاقتصادي الإيطالي، جورج آدموند، قال إن خطر حدوث نقص في الغاز في الشتاء المقبل أصبح أكثر وضوحا منذ أن خفضت شركة الطاقة الروسية غازبروم شحناتها بشكل كبير، ويطال ذلك خصوصاً ألمانيا التي تعتمد بشكل كبير على الإمدادات الروسية.
وأضاف آدموند لـ”سكاي نيوز عربية”، أن “الحرب بين روسيا وأوكرانيا عرضت العديد من الدول في أوروبا للخطر، وعلى رأسها ألمانيا، التي تحاول الموازنة بين دورها السياسي، وحماية اقتصادها من الانهيار، حيث تعتمد برلين على ثلث وارداتها من النفط الروسي، و45 بالمئة من مشترياتها من الفحم، و55 بالمئة من واردات الغاز من روسيا”.
وأوضح أنه “إذا لم يتم تعويض الغاز الروسي بالكامل قد ينخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.2 إلى 3 بالمئة وستكلف العقوبات كل ألماني ما بين 100 و1000 يورو سنويا، اعتمادا على كمية الغاز الروسي التي يمكن استبدالها، ولحماية المستهلكين من ارتفاع الأسعار ولتشجيع التحول إلى الطاقة المتجددة، سيتوجب على الحكومة أن تقدم دعما كبيرا قد يستنزف الخزينة الألمانية”.
شولتز في ورطة
بدوره، قال المحلل المتخصص في الشؤون الأمنية والاستراتيجية، ليون رادسيوسيني، إن العالم يشهد أزمة غير مسبوقة والعقوبات يدفع ثمنها الأوروبيون قبل الروس وتداعياتها ستكون كارثية، ومن المتوقع أن تسود اضطرابات واسعة حال طال أمد الحرب.
وأضاف رادسيوسيني، في تصريحات لـ”سكاي نيوز عربية”، أن ألمانيا تواجه أزمة غاز وباتت في خطر داهم يفاقم أضخم اقتصاد في أوروبا والحياة اليومية لمواطنيها حيث وصف المستشار الألماني، أولاف شولتز، الحرب بأنها تهديد غير مسبوق سواء على الصعيدين الأمني والاقتصادي وسط آفاق قاتمة على المدى المنظور.
واعتبر أن الأزمة الأوكرانية قلبت حسابات القارة العجوز رأسا على عقب، فالسرعة التي ينفق بها الاتحاد الأوروبي الاحتياطيات النقدية لتغطية نفقات كييف هي مصدر قلق بالنسبة إلى دول الغرب.
وأكد أن التأثيرات الاقتصادية سوف تشمل كل دول العالم، مع تفاوت نسب التأثر، ومدى قدرة الحكومات على وضع استراتيجيات ناجزة للتعامل مع الأزمة وتوفير بدائل لتفادي المخاطر الكارثية لتلك الأزمة.
خطط ألمانية
في السياق ذاته، قال كلاوس مولر، رئيس جهاز تنظيم شبكات الطاقة في ألمانيا، إن على المستهلكين في ألمانيا توفير ما لا يقل عن 20 بالمئة من استهلاكهم للطاقة لتجنب نقص الغاز بحلول ديسمبر بسبب انخفاض واردات الغاز الروسي.
وخفضت شركة “غازبروم” الروسية تدفقات الغاز إلى ألمانيا عبر خط أنابيب “نورد ستريم 1” إلى 20 بالمئة من طاقته مما يزيد الضغط على أكبر اقتصاد في أوروبا لتوفير الغاز لفصل الشتاء.
وقال مولر إن على ألمانيا أيضا خفض صادراتها من الغاز إلى الدول المجاورة 20 بالمئة واستيراد ما بين 10 و15 غيغاوات ساعة من الغاز لتجنب النقص، لافتا في مقابلة مع صحيفة “فيلت ام زونتاج” نُشرت السبت، أنه “إذا لم نوفر كثيرا ولم نحصل على أي غاز إضافي فسنواجه مشكلة”.
ورفعت ألمانيا، الشهر الماضي، المستوى المستهدف من الكميات المخزنة للخريف إلى 75 بالمئة بحلول الأول من سبتمبر و85 بالمئة بحلول الأول من أكتوبر و95 بالمئة بحلول الأول من نوفمبر وطبقت تدابير لتوفير الطاقة.
ووفقا لخطة الحكومة للطوارئ في قطاع الغاز، سيتم إعطاء الأولوية للمنازل في حالة حدوث أزمة في إمدادات الغاز، ولكن مولر قال إن إعطاء الأولوية لا يعني أن الأسر يمكن أن تستخدم الغاز بشكل مفرط في هذه الحالة، لافتا إلى أنه “من أجل تأمين الوظائف، أعتقد أن إجراءات التقشف للمنازل أمر مشروع”.