وقال هؤلاء الخبراء من بريطانيا ومصر في أحاديث منفصلة لـ “سكاي نيوز عربية” إن حظر حماس سيترتب عليه تشديد الخناق على تحركات تنظيمات الإسلام السياسي والإخوان داخل الأراضي البريطانية.
لكنهم استبعدوا في الوقت ذاته إقدام حكومة لندن على حظر التنظيم في الوقت الحالي، رغم تهديده المباشر للهوية البريطانية والأوروبية، داعين بريطانيا إلى توضيح العلاقة بينها وبين تنظيم الإخوان، وأسباب عدم إجراء المراجعة المطلوبة على أنشطة التنظيم في البلاد منذ عام 2015 وحتى الآن.
وأعلنت وزارة الداخلية البريطانية، الجمعة، إدراج حركة “حماس” بشكل رسمي، ضمن قائمة منظمات الإرهاب المحظورة في المملكة المتحدة،
وبموجب القرار الذي نال موافقة البرلمان البريطاني، فإن حركة حماس أضحت منظمة إرهابية، سواء تعلق الأمر بشقها السياسي أو بجناحها العسكري.
وبحسب وزارة الداخلية البريطانية، فإن أعضاء “حماس” والذين يدعون إلى دعم الحركة يمكن أن يواجهوا عقوبة السجن لمدة تصل إلى 14 سنة.
وفي وقت سابق، قالت الداخلية البريطانية، في بيان، إن حركة حماس “لديها قدرات إرهابية واضحة تشمل امتلاك أسلحة كثيرة ومتطورة، فضلا عن منشآت لتدريب إرهابيين”.
ضربة قوية
جاسم محمد رئيس المركز الأوربي لدراسات مكافحة الإرهاب، وصف القرار البريطاني بـ”ضربة قوية للإخوان وللإسلام السياسي في بريطانيا؛ لأنها ستحمل في تداعياتها تضييق وتشديد الخناق بشكل كبير على الإسلام السياسي بكل أنواعه.
وقال في حديث خاص لـ”سكاي نيوز عربية” إن “القرار يتماشى مع حالة التأهب وتشديد الحكومة لسياساتها الأمنية، لاسيما بعد الهجمات الأخيرة التي تعرضت لها، مشيرا إلى أن القرار سبقه حظر 78 كيان تعمل على أراضيها”.
والأحد 14 نوفمبر الجاري، احتجزت الشرطة البريطانية 3 أشخاص بموجب قوانين مكافحة الإرهاب بعد أن انفجرت سيارة خارج مستشفى بليفربول، ما أدى إلى مقتل شخص وإصابة آخر.
وصرحت شرطة مكافحة الإرهاب بأن 3 أشخاص تتراوح أعمارهم بين 21 و29 عاما احتجزوا في منطقة كنسينغتون، وفق أحكام قانون الإرهاب.
كشفت الشرطة البريطانية، الأربعاء، 17 نوفمبر الجاري، أن منفذ هجوم ليفربول يوم الأحد الماضي بدء يعد للهجوم من أكثر من 7 شهور.
قرار غير مكتمل
وأكد جاسم محمد على أنه ينبغي على بريطانيا إدراج الإخوان على قائمة الإرهاب، “قرار إدراج الحركة على قائمة الحظر قرارا غير مكتمل، ما لم يقترن بوضع الإخوان أيضا ضمن لائحة الإرهاب”.
وتسائل الخبير الأوربي: “لماذا لم تقم الحكومة البريطانية بمراجعة ملف الإخوان في بريطانيا منذ 2015، وبنيتها الإقتصادية و التنظيمية حتى الآن، رغم أن التنظيم يحمل تهديدا مباشرا للهوية الأوربية والبريطانية؟!”.
ونبه رئيس المركز الأوربي لدراسات مكافحة الإرهاب أنه بالإمكان التعرف على العلاقة بين حماس والإخوان، بشكل كبير من خلال المنظمات والجمعيات والتبرعات المالية والإغاثة الإسلامية المشتركة بين حماس و التنظيم”.
وفي هذا الصدد، استبعد جاسم محمد في هذا الصدد إقدام لندن على حظر تنظيم الإخوان على أراضيها في الوقت الحالي، لكنه عاد ليؤكد أن “الحظر سيكون خطوة ريما غير إعتيادية وتظل كافة الخيارات مفتوحة”.
وتحدث “محمد” عن الدافع البريطاني لحظر حماس وتصنيفها منظمة إرهابية، ملمحا إلى أن التوجهات البريطانية بحظر الحركة ضمن سياسة جديدة للأخيرة بعد خروجها رسميا من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، وتقاربها مع الولايات المتحدة، وفي إطار أيضا تعميق العلاقات السياسية والدبلوماسية بشكل أوسع من السابق مع إسرائيل.
ونقل جاسم محمد عن بريتي باتيل، وزيرة الداخلية البريطانية، قولها للصحفيين يوم 19 نوفمبر 2021 في واشنطن: “اتخذنا وجهة نظر مفادها أنه لم يعد بإمكاننا فصل نوع الجانب العسكري والسياسي، وهذا يستند إلى مجموعة واسعة من المعلومات الاستخبارية والمعلومات يرتبط أيضًا بالإرهاب”.
ليس مفاجئا
ومن وجهة النظر البريطانية، والحديث لأحمد عجاج الأكاديمي والخبير في الشئون البريطانية، فإنه لا علاقة لحماس كمنظمة بالإخوان.
وأوضح عجاج في حديث خاص من لندن لـ”سكاي نيوز عربية” : الحكومة البريطانية لم تعتبر الجماعة في مراجعتها خلال حكومة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون في دائرة المتطرفين، وقالت إنه يوجد بعض الأطراف فيها يحملون فكرا متشددا لكن التنظيم بشكله العام لا ينطبق عليه هذا الوصف”.
وزاد “عجاج” المقيم في لندن، بأن “الحكومة البريطانية الحالية لا ترى ضرورة لفتح هذا الملف، بينما موضوع حماس مختلف لأن الدافع الأكبر لذلك هو الضغط الاسرائيلي وهو ما عبر عنه وزير خارجية اسرائيل يائير لابيد بأن قرار حظر حماس هو ثمرة جهود قوية بين بريطانيا واسرائيل”.
وفي رأيه فإن القرار البريطاني، ليس مفاجئا لعدة اعتبارات بينها؛ أن الحكومة الحالية مؤيدة لاسرائيل وبها وزراء لا يخفون ذلك؛، إضافة إلى أن بريطانيا صنفت الذراع العسكرية لحماس في الماضي كحركة إرهابية كما فعلت مع حزب الله بحناحه العسكري ثم السياسي لاحقا.
كما بين أنه بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أصبحت الأخيرة أكثر تطابقا مع سياسات الولايات المتحدة؛ التي سبق وصنفت حماس حركة إرهابية .
لا اعتراض عربي
وقال الباحث في العلاقات الدولية إنه على صعيد العالم العربي تعرف حكومة لندن إن قرارها لن يلقى اعتراضا، حيث إن حماس تتلقى من إيران دعما عسكريا وماليا، ولا تناصر القضايا العربية، ولا تدين طهران في تدخلاتها بشئون المنطقة بل تجاهر بتحالفها معها”.
وأضاف: “لندن تعلم أن القرار لن يترتب عليه تبعات مرهقة اقليميا ولا دوليا، بل أن قرارها سيعود بالنفع على الحكومة دون أن يترتب عليه أي أعباء أو تكاليف”.
وفي شرحه لطبيعة وتأثير إدراج حماس على لائحة الإرهاب، قال : “الحركة أصبحت حاليا إرهابية في القانون البريطاني بعد موافقة البرلمان، وهو ما يشير إلى أنه لم يعد بامكان المواطنين البريطانيين أن يناصروها أو يدعموها ماليا وحتى معنويا”.
ضبط التنظيم
الخطوة البريطانية بحظر حماس هى بمثابة “تقييد وضبط لايقاع وحركة تنظيم الإخوان داخل بريطانيا، بعد أن سبق وأضافت كتائب القسام على قائمة الحظر”، وفقا لرأي دلال محمود أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة.
وحذرت دلال محمود في حديث خاص لـ”سكاي نيوز عربية”، من أن المرحلة الحالية تشهد نشاطا للتنظيم الدولي للحفاظ على تماسكه واستعادة نشاطه، وهو ما قد يكون بمزيد من التحركات للكيانات المرتبطة به داخل بريطانيا، لوقف تداعيات الانقسام الذي يضرب رأس التنظيم.
يشار إلى أن الصراع قد اشتعل في قمة “رأس الإخوان” بين جبهة محمود حسين الأمين العام السابق للجماعة، ومعسكر إبراهيم منير، القائم بأعمال المرشد ونائبه، المقيم في لندن، وكان محركها الأول الصراع على المال والمناصب والنفوذ.
ونوهت دلال محمود إلى ضرورة عدم اغفال الارتباط الشديد الذي ظهر مؤخرا بين حماس وإيران فقد يكون هذا التحرك البريطاني أحد محاولات التأثير على إيران في جولة التفاوض الجديدة في فيينا.
وحول التأثير القريب لتداعيات حظر حماس على نشاط الإخوان، توافقت محمود مع ما ذهب إليه الدكتور جاسم محمد، قائلة: “لا اعتقد أنه سيتأثر بشدة نظرا لتنوع نشاط المنظمات والجمعيات والانشطة التي تتبع الإخوان في البلاد، علاوة على أن الجماعة متغلغلة في الاقتصاد البريطاني”، على حد تقديرها.
فرع من الإخوان
وبدوره، قال أحمد يوسف أحمد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، في حديث لـ”سكاي نيوز عربية” إنه على الرغم من أن حماس هي فرع من فروع تنظيم الإخوان الدولي، لكنهم تمكنوا من إعطاء صورة غير حقيقية عن توجهاتهم، وعدم صلتهم بحماس، لدى الأجهزة المعنية في بريطانيا.
ويقول نص ميثاق تأسيس حركة حماس، أن الحركة جناح من أجنحة الإخوان بفلسطين، وأن حركة الإخوان تنظيم عالمي ومن كبرى “الحركات الإسلامية” في العصر الحديث، حسب الميثاق.
وتابع الدكتور أحمد يوسف أحمد: “روج الإخوان كذبا وعلى غير الحقيقة، صورة عن أنفسهم بأنهم تنظيم مدني يسعي للديمقراطية وأنهم مضطهدين فى بلادهم”.
ودلل على ذلك بأن التنظيم الإرهابي فعل ما فعله من إرهاب في مصر وفي غيرها، ولم يؤثر هذا على اهتزاز صورتهم ببريطانيا، متسائلا: “هل هناك أكثر مما قاموا به فى مصر عقب ثورة 30 يونيو 2013 من حرق وتدمير كنائس ورعاية للإرهاب؟!”.
وإزاء ذلك، شدد على أنه لا يتوقع أن يكون للقرار تأثير مباشر على تنظيم الإخوان وحظره، لكنه قال أيضا ربما يكون حظر حماس، إيذانا بقيام حملات ضدهم ممن يعرفون طبيعة حركتهم ونشاطهم.