وحرص الرئيس الروسي على تقديم التهنئة بالفوز لنظيره الفرنسي، عبر برقية تهنئة من خلال تطبيق تلغرام، رغم الخلافات والتجاذبات الحادة بين البلدين على خلفية الحرب في أوكرانيا.
وقال بوتن في رسالته إلى ماكرون: “أتمنى بصدق النجاح في نشاطكم العام، وكذلك الصحة الجيدة”.
ويرى مراقبون أن هذه الرسالة هي أكثر من مجرد “إتيكيت” دبلوماسي، مشيرين إلى أنها تعكس حرص موسكو كما باريس على إبقاء باب الحوار والتواصل مفتوحا بين العاصمتين، لا سيما وأن ماكرون وبوتن تواصلا لنحو 20 مرة هاتفيا وعبر الفيديو منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية في 24 من شهر فبراير الماضي.
وحول دلالات التهنئة الروسية، يقول مسلم شعيتو، رئيس مركز الحوار الروسي العربي، في حديث مع “سكاي نيوز عربية”: “مع نجاح ماكرون في الانتخابات الرئاسية الفرنسية، فمن باب الأعراف الدبلوماسية أن يتقدم مختلف رؤساء الدول له بالتهنئة، لكن تهنئة الرئيس الروسي لنظيره الفرنسي، تختلف بطبيعة الحال ولها وقع خاص كونها تأتي في خضم الأزمة الأوكرانية الحادة”.
فماكرون كان على اتصال مباشر مع بوتن منذ بدء الحرب وقبلها حتى، كما يوضح شعيتو، متابعا: “وهذه التهنئة تعني أن موسكو مستعدة للحوار والتفاعل مع كافة الدول الغربية والأوروبية، وخاصة المؤثرة والكبيرة منها، كما هي حال فرنسا”.
ويضيف الخبير في الشؤون الروسية: “تأمل موسكو مع وصول ماكرون في ولاية ثانية لقصر الإليزيه، أن تسعى باريس للحفاظ على مصالحها الحيوية وخاصة مع روسيا، وأن لا تذهب بعيدا في الاصطفاف إلى جانب الخيارات الأميركية التصعيدية”.
قلق روسي مضمر
من جهتها، تقول علا شحود، الكاتبة والباحثة في العلاقات الدولية، في حوار مع “سكاي نيوز عربية”: “اللافت في تهنئة بوتن لماكرون أنها كانت قصيرة للغاية تتكون بالكاد من سطرين، وهذا ربما يعكس قلقا روسيا مضمرا من إعادة انتخاب ماكرون، كونها ربما كانت تراهن على فوز منافسته اليمينية مارين لوبان، بما كان سيسهم في إحداث انقسام كبير في الكتلة الغربية الأطلسية، وخاصة حيال الأزمة الأوكرانية والموقف من موسكو”.
وتضيف الباحثة في العلاقات الدولية: “بينما في المقابل، فإن فوز ماكرون بولاية ثانية في الإليزيه، سيقود لتعزيز الموقف الأوروبي الموحد الداعم لكييف والمشدد للعقوبات على روسيا على خلفية الحرب في أوكرانيا، والعمل على الحد التدريجي للاعتماد الأوروبي العام على النفط والغاز الروسيين، وهذا كله بطبيعة الحال مبعث خيبة أمل في روسيا. لكن مع ذلك فالكرملين يعي تماما أهمية دولة كبيرة ومهمة بحجم فرنسا ومحوريتها أوروبيا ودوليا، ولهذا كان لا بد من تقديم التهنئة لماكرون”.
هذا وفاز ماكرون، الأحد، بالانتخابات الرئاسية الفرنسية وهزم منافسته مارين لوبان، ليصبح بذلك أول رئيس فرنسي يحظى بولاية ثانية منذ عقدين من الزمن.
وانتخب ماكرون بعد حصوله على 58 في المئة من الأصوات، مقابل 42 في المئة للمرشحة لوبان.
ووفق المحللين، فإن الأزمة الأوكرانية وكيفية إدارة الخلاف والصراع الغربي والأوروبي مع روسيا وانعكاساته السلبية على الأوضاع الداخلية الفرنسية، ولا سيما اقتصاديا، ستكون بمثابة شغل ماكرون الشاغل في ولايته الجديدة.