وقال جوزيب بوريل لصحيفة “إلموندو” الإسبانية، تأكيدا على ضرورة وجود وسيط لفض النزاع بين روسيا وأوكرانيا: “ما من بديل، يجب أن تكون الصين، أنا متأكد من الأمر“.
وأضاف: “لا يمكن للدبلوماسية أن تكون أوروبية أو أميركية، الدبلوماسية الصينية لديها دور تلعبه هنا”.
واستطرد بوريل: “لم نطلب منهم ذلك وهم أيضا (الصين) لم يطلبوا، لكن بما أنه يتحتم أن يكون الدور لقوة، ولا تستطيع الولايات المتحدة ولا أوروبا أن تكونانها، يمكن للصين أن تكون كذلك“، مؤكدا أنه “من الواضح أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لا يستطيعان التوسط“.
ويرى مراقبون في تصريحات رأس الدبلوماسية الأوروبية هذه، تطورا إيجابيا لافتا في مسار محاولات البحث عن مخرج من الأزمة الأوكرانية، التي أصبحت تهدد بإغراق القارة الأوروبية في أتون حرب مدمرة، وأزمات متناسلة تلوح أفقها، خاصة في ازمة اللاجئين الأوكرانيين المتدفقين لمختلف بلدان أوروبا.
ويعتبر مراقبون أن في طرح اسم بكين “بادرة حسن نية، وتعبير عن الجدية الأوروبية في التوصل لحل سلمي وتوافقي مع موسكو”، على خلفية تصاعد الأزمة بين روسيا وبلدان الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
وتعليقا على أهمية هذه التصريحات الأوروبية، ودورها في تغليب لغة الدبلوماسية على لغة العقوبات والحرب، يقول الباحث والكاتب السياسي، طارق جوهر، في حوار مع موقع “سكاي نيوز عربية”: “تصريحات بوريل مؤشر إيجابي ولا ريب بأن الاتحاد الأوروبي أصبح يعي حجم الأزمة المشتعلة في عقر الدار الأوروبية”.
ويشدد على أن هذه “أخطر أزمة أوروبية وحتى دولية منذ الحرب العالمية الثانية، ولا تقل خطورة عن أزمة الصواريخ الكوبية مثلا، ولهذا فمن الحكمة اعتماد منطق الحوار وتفهم هواجس مختلف الأطراف، وليس الاكتفاء بشيطنة الآخر وتبرئة الذات، والإغراق في سرديات وثنائيات الأخيار والأشرار”.
ويستطرد جوهر: “نحن نتحدث عن حرب خطيرة ومكلفة يمكن أن تتحول في أي لحظة لحرب نووية لا رابح فيها، ولسنا هنا أمام سيناريو شبيه بالقصف النووي الأميركي لليابان بعد هجوم بيرل هاربور واستسلام طوكيو بعد ذلك، فما هو قائم حاليا هو تصادم قوى نووية كبرى لديها قدرة على الرد بالمثل على بعضها البعض”.
ويتابع: “من هنا تأتي أهمية هذه الدعوة الأوروبية، التي بمثابة إشارة واضحة للصين للعب دورها في تهدئة الأوضاع، وممارسة دورها لرعاية الحوار بين الطرفين الغربي والروسي، ومجرد طرح بوريل لاسم الصين ينطوي على رغبة أوروبية في تجنب التصعيد وفي التهدئة، كون الصين مقبولة من الطرفين، خاصة من الطرف الروسي بحكم علاقات بكين وموسكو القوية”.
وفيما يتعلق بحظوظ هذه الدعوة في النجاح ومدى استجابة الصين لها، يقول الكاتب والباحث السياسي: “في ظل الانسداد السياسي وتصاعد لغة العنف والحرب مع تكلفتها الإنسانية الرهيبة، فإنه من الأرجح أنها ستشكل مدخلا للبحث عن وساطة قوية لتقريب الطرفين المتنازعين ورعاية المفاوضات بينهما”.
ويضيف: “بكين هي الخيار الأمثل، نظرا لما تتمتع به من مكانة دولية مرموقة ومن علاقات متوازنة مع مختلف الفرقاء، فضلا عن ما تتمتع به من قوة عسكرية واقتصادية تؤهلها للعب دور مؤثر في كبح جماح تمادي الحرب وانفلاتها”.
ويردف جوهر: “بكين ستكون مستعدة للعب دور إيجابي وبناء، لكن شريطة أن يطلب منها الاتحاد الأوروبي ذلك مباشرة وليس تلميحا فقط، وهو أمر لن يطول، حيث أعتقد أن العواصم الأوروبية ستفعل جهدها لإخماد هذه النار المتقدة في خواصر القارة العجوز، وهي مع الأسف نار محفوفة بالمخاطر النووية”.
ويختتم الرجل حديثه إلى موقع “سكاي نيوز عربية”، بالقول: “على رأس هذه الجهود سيكون العمل على إشراك الصين في العمل على وقف هذه الحرب، وإحلال الدبلوماسية بديلا عنها، لحل المشكلات المتفاقمة”.