هذا التطور اللافت حيال مالي، من المرجح أن يصطدم بدعوة أعضاء “الوساطة الدولية” الأربعاء الماضي، إلى ضرورة تنفيذ اتفاق المصالحة المنبثق عن “مسار الجزائر 2015″؛ لتحقيق الاستقرار الدائم للجارة الجنوبية.

قرار “إيكواس” واتفاق الجزائر

هذا الحراك الجزائري بشأن مالي جاء بالتزامن مع لقاء وزير خارجيتها عبدو اللاي ديوب، بالرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الجمعى، حيث أكد أن الجزائر تلعب “دورا أساسيا كحليف وشريك استراتيجي” لبلاده.

وللجزائر أهداف ومصالح من استقرار مالي السياسي والاقتصادي، أبرزها حماية حدودها الشاسعة التي تبلغ 1359 كليومترا، بالإضافة إلى لعب دور محوري في المنطقة، وحماية أوروبا من الهجرة غير الشرعية، وفق خبراء بالشأن الجزائري.

ويقول أستاذ العلوم السياسية بالجزائر، الدكتور محمد سي بشير: “اهتمام الجزائر بمالي يعود إلى أنها دولة جارة تقع في العمق الاستراتيجي للبلاد من ناحية الجنوب، واستقرارها حيوي بالنسبة لاستقرار الجزائر“.

ويضيف في تصريحاته لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “هناك روابط أنثربولوجية وثقافية وسكانية بين مالي والجزائر لا يمكن إغفالها، مما يعزز تلك الأهمية ويعمق الاهتمام الجزائري بمالي“.

ونفى بشير أن يكون للجزائر “مصالح سياسة واقتصادية”، مرجعا الأمر إلى “الصلات الاستراتيجية والأمنية بين البلدين“.

وبحسب الدكتور عبد الرحمن بن شريط، أستاذ الفلسفة السياسية بالجزائر، فإن “اهتمام الجزائر بالأمن في مالي يرتبط بتخوفات وحسابات إقليمية من التواجد الفرنسي بالمنطقة”.

كما أن تأمين الحدود مترامية الأطراف والوضع الاقتصادي والسياسي بمالي ضمن أولويات الجزائر، بحسب تصريحات بن شريط لموقع “سكاي نيوز عربية“.

وبتعبيره، فإن “مالي دولة مضطربة لا تعرف الاستقرار بشكل مستمر؛ نظرا للتواجد الفرنسي، حيث تستولي باريس على مقدراتها الاقتصادية وتحدث حالة عدم استقرار، مما يجبر الجزائر على ضرورة تأمين حدودها وعمقها الاستراتيجي“.

ويضيف: “الجزائر تريد أن تكون عنصرا للتكامل والاستقرار بين شعوب تلك المنطقة الإفريقية، من خلال إنشاء أسواق لمنتجاتها والترويج لسلعها الاقتصادية”.

ويضيف: “الجزائر تتعامل مع مالي بشكل إيجابي، وهناك اتفاقيات وتبادل دبلوماسي وسياسي بينهما، فالجوانب الأمنية والاقتصادية والسياسية هي عناصر تكامل للدبلوماسية الجزائرية“.

أزمة أخرى تجبر الجزائر على التنسيق مع مالي، يراها أستاذ الفلسفة السياسية، هي “نزوح آلاف الماليين للجزائر، نتيجة للاضطرابات في بلدهم، فضلا عن أزمة الهجرة غير الشرعية التي تؤرق أوروبا”.

ويقول: “تحركات الجزائر تضمن الأمن الأوروبي والمنطقة، ويجعل منها نقطة تكامل وانسجام بين أوروبا وإفريقيا“.

التنسيق مع روسيا

وقالت حكومة مالي الشهر الماضي، إن “مدربين من روسيا” وصلوا البلاد، مما أثار انتقادات حادة من دول غربية، بقيادة فرنسا، لروسيا.

وتثير تلك الخطوات تساؤلات بشأن مدى التنسيق بين الجزائر وروسيا حيال أزمة مالي.

وفي هذا الصدد، يعود بن شريط ليؤكد لموقع “سكاي نيوز عربية”، أنه “لا يمكن الاستدلال بأن هناك تواطؤا جزائريا روسيا لإبعاد التغلغل الفرنسي، وإعطاء فرصة لروسيا بالتواجد، ولو بشكله غير الرسمي من خلال قوات الفاغنر الخاصة التي لا تعترف بها موسكو رسميا”.

ويتابع: “التوجه السياسي للجزائر في المنطقة لا يتناسب مع تواجد مثل هذه التشكيلات العسكرية، التي رفضت الجزائر تواجدها في ليبيا واشترطت خروجها من هناك”.

وعن إمكانية نجاح اتفاقية الجزائر وأبرز التحديات، يقول سي بشير، إنه “لا يمكن للجزائر النجاح دون دول الجوار، والمستعمر السابق فرنسا“.

ويضيف: “العائق المهم في المسألة هو (الفاعلون) من القوى الإقليمية والدولية، إضافة إلى الفاعلين المصرّين على الإضرار بمالي من أمثال الجماعات المسلحة والإجرامية العابرة للحدود”.

skynewsarabia.com