وتغيرت الموازين الاقتصادية بين البلدين خلال العقدين الماضيين، بحيث صار ذلك التغيّر مولدا أساسيا للتوجهات الاقتصادية على مستوى العالم.
ويعتبر مراقبون شهر أكتوبر من العام 2000 نقطة انطلاق للعلاقات الاقتصادية بين البلدين، بعدما وقع الرئيس الأميركي آنذاك بيل كلينتون على قانون العلاقات الأميركية الصينية، والذي منح الصين الحق في امتلاك علاقات تجارية طبيعية ودائمة مع الولايات المتحدة، ومهد الطريق أمام موافقة واشنطن على دخول بكين إلى منظمة التجارة العالمية، الأمر الذي حوّل الصين إلى قوة صناعية وتجارية عالمية خلال سنوات قليلة.
فخلال 6 سنوات فقط من توقيع ذلك القانون، صارت الصين الشريك التجاري الثاني للولايات المتحدة، متفوقة على المكسيك نفسها، الشريك التجاري التاريخي لأميركا.
وفي ذات عام توقيع القانون التجاري بين البلدين، كانت الولايات المتحدة تصدّر للصين ما يقدّر بحوالي 16 مليار دولار سنويا، وتستورد بضائع بقيمة تزيد عن 100 مليار دولار.
وقفزت هذه الأرقام بعد عقدين من العلاقات التجارية المفتوحة بين البلدين، لتصّدر أميركا موادا بقيمة 124 مليار دولار، بينما وصلت قيمة ما تستورده إلى 434 مليار دولار.
وساهمت هذه القفزات في تسجيل الصين لأسرع وتيرة للنمو الاقتصادي خلال السنوات العشرين تلك، وحتى عبر التاريخ، إذ بلغ متوسط النمو الاقتصادي الصيني لحوالي 7 في المئة سنويا، بينما لم يتجاوز متوسط النمو الاقتصادي الأميركي خلال تلك السنوات نسبة 2.5 في المئة.
ولم يعن ذلك أن العوامل الداخلية للاقتصاد الصيني صارت متفوقة على تلك الخاصة بأميركا، فالناتج المحلي الإجمالي الأميركي ما يزال الأكبر على مستوى العالم، بقيمة تقدر بحوالي 19.5 تريليون دولار، بحصة تزيد عن 24 في المئة من الاقتصاد العالمي، كان نصيب الفرد منها قرابة 60 ألف دولار سنويا.
وظلّ الناتج المحلي الإجمالي الصيني بحدود 12.2 ترليون دولار، شاغلا فقط 15 في المئة من الاقتصاد العالمي، وبحصة لا تزيد عن 8.6 ألف دولار للفرد في العام الواحد.
وحدد الباحث الاقتصادي سلمان الحسني في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية” العقبات التي تحول دون مواكبة الصين للاقتصاد الأميركي، قائلا: “اعتبارا من العام 2010 صار الاقتصاد الصيني يتجاوز دولا صناعية كبرى مثل اليابان وألمانيا، وصارت تتطلع لأن تكون الاقتصاد الأول على مستوى العالم، لأنه خلال هذه السنوات ارتفعت وتغيرت نوعية حاجات قرابة 1.4 مليار مواطن صيني، صاروا يطالبون بالمزيد من الحقوق وشروط العمل والأجور، وهي قضايا على الاقتصاد الصين مواجهتها للتمكّن من مواجهة اقتصاديات كبرى لبّت تلك المطالب”.
ويميل ميزان الاستثمار الأجنبي المباشر بين البلدين لصالح الولايات المتحدة، فالاستثمار الأميركي في الصين بلغ خلال العام الماضي أكثر من 123 مليار دولار، بينما وصلت قيمة استثمارات الصين في أميركا 38 مليار دولار فقط.
قمة افتراضية لإذابة الجليد
وأشادت الصين، الثلاثاء، بالقمة التي عقدت عن بعد بين الرئيسين الصيني والأميركي، قائلة إن المحادثات كانت صريحة وبناءة وتبعث بإشارة قوية إلى العالم.
وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية تشاو ليجيان: “إذا لم تتمكن العلاقات بين الصين والولايات المتحدة من العودة إلى الماضي، يجب أن يواجها المستقبل”.
واستغرقت القمة الافتراضية بين الزعيمين وكبار مساعديهما أكثر من ثلاث ساعات في أول اجتماع رسمي بينهما منذ تولى بايدن منصبه في يناير.
وفي بداية القمة الاثنين، قال بايدن لـشي: “كما قلت من قبل، علينا أن نتأكد أن المنافسة بين بلدينا لا تصل بنا إلى نزاع سواء مقصود أو غير مقصود، مجرد منافسة بسيطة ومباشرة”، حسبما نقلت “الأسوشيتد برس”.
ورحب شي بالرئيس الأميركي باعتباره “صديقه القديم” وكرر لهجة بايدن الودية في تصريحاته الافتتاحية، قائلا: “الصين والولايات المتحدة بحاجة إلى زيادة التواصل والتعاون”.
وشدد البيت الأبيض على عدم التعويل على نتائج فورية مهمة لهذه القمة، ولم يصدر أية بيانات رسمية، عدا تصريح مسؤولين في البيت الأبيض أن الاجتماع كان موضوعيا.