ودفعت العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، إلى تغيير تاريخي في موقف فنلندا والسويد بشأن الانضمام لحلف “الناتو“، بعدما بقيت هلسنكي محايدة خلال الحرب الباردة، في مقابل تأكيدات من موسكو بأن القوات السوفياتية لن تغزو أراضيها.
وقال بايدن في كلمته قبيل المصادقة على طلب فنلندا والسويد، إن الناتو “تحالف لا غنى عنه لعالم اليوم والغد”، مضيفا أنه “عندما انتهكت روسيا السلام والأمن في أوروبا، وعندما يتحدى المستبدون أسس نظام قائم على القواعد، فإن قوة التحالف الأطلسي والتزام أميركا بحلف شمال الأطلسي يصبحان أكثر أهمية من أي وقت مضى”.
ويأتي توقيع بايدن، على بروتوكول موافقة بلاده على انضمام السويد وفنلندا إلى الناتو، بعد موافقة مجلس الشيوخ الأميركي بأغلبية ساحقة لصالح الخطوة بتصويت 95 عضوا مقابل واحد، لصالح انضمام الدولتين، ما يجعل واشنطن الدولة الـ23 من أصل 30 بلدا التي تقر الانضمام رسميا.
وتنتظر فنلندا والسويد موافقة رسمية من اليونان والتشيك والبرتغال والمجر وإسبانيا وسلوفاكيا، وأخيرا تركيا التي شكلت تحديا أمام القرار قبل أن توافق مقابل تفاهمات مع الدولتين.
وتُشير التقديرات إلى أن تجري عملية الانضمام للناتو رسميا نهاية العام الجاري، ضمن استراتيجية جديدة للحلف تستهدف تعزيز التمركزات العسكرية في أوروبا لمواجهة أي تمدد روسي محتمل.
واعتبر مدير الاستراتيجيات والتسليح بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ومقره لندن، المسؤول السابق في حلف شمال الأطلسي، وليام ألبيركي، أن انضمام فنلندا والسويد للناتو سيغيّر أمن منطقتي الشمال الأوروبي والبلطيق، إذ يسمح لحلف الناتو بالتخطيط لدفاع كامل وموحد ضد أي مغامرة روسية محتملة ويقلل بشكل كبير من قدرة روسيا للهجوم.
وأضاف ألبيركي في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “الأمر كما ذكر تقرير الحكومة الفنلندية حول البيئة الأمنية المتغيرة، فإن الانضمام للناتو يقلل من فرصة الحرب في جميع أنحاء المنطقة، ما يمثل تحسنا هائلا في الاستقرار وتعزيز الأمن”.
وعن رد الفعل الروسي المتوقع، أشار ألبيركي إلى أن موسكو “ستقوم ببعض الضوضاء” وفق تعبيره، مضيفا: “ربما ينقلون المزيد من الصواريخ والأسلحة النووية إلى منطقة كالينغراد، وسيكون هذا للاستعراض بشكل أساسي، وقد يعلنون عن تشكيل بعض الوحدات العسكرية الجديدة على الرغم من أن كيفية تزويدهم بهذه القواعد موضع تساؤل بالنظر إلى مدى اتساع أصولهم العسكرية في أوكرانيا”.
بدوره، أوضح الباحث المتخصص في الشؤون العسكرية محمد منصور، أنه بالنظر للجانب الجغرافي في كل من السويد وفنلندا، سواء الحدود المشتركة بين هلسنكي وموسكو، أو جزيرة “غوتلاند” السويدية في بحر البلطيق، فيعتبران أساس الإضافة الإيجابية التي يمكن أن يوفرها كلا البلدين إلى حلف الناتو، بجانب إضافة محدودة لكنها فعالة للقوة العسكرية للحلف، خاصة في ساحة القطب الشمالي، إحدى الساحات التي يتوقع أن تشهد صراعا خلال السنوات المقبلة.
وتشترك فنلندا مع روسيا في حدود يبلغ طولها أكثر من 1330 كيلومترا، هي الأطول لدولة في الاتحاد الأوروبي مع موسكو، ومع ذلك فقد بقيت محايدة خلال الحرب الباردة.
وبحسب منصور فإنه مع “انضمام كل من فنلندا والسويد إلى الحلف، فسيصل العدد الإجمالي للجنود في الحلف إلى ما يقرب من 3.57 مليون، وهو رقم أقل مما كان يمكن أن تضيفه أوكرانيا إلى الحلف في مستويات ما قبل الحرب”.
وأوضح منصور قائلا: “إذا تم تضمين قوات الاحتياط في السويد وفنلندا، فسيصل العدد الإجمالي إلى ما يقرب من 4.5 مليون جندي، لكن تبقى الإضافة التسليحية التي سيقدمها كلا البلدين للحلف، أقل بكثير مما يمكن اعتباره إضافة حقيقية، على الأقل في الوضع الحالي، لكن مستقبلا ستتلقى كلا الدولتين إضافات تسليحية مهمة ونوعية”.
وبيّن أنه فيما يتعلق بالقوة البشرية، تمتلك هلسنكي القدرة على تدريب ما يقرب من 22 ألف جندي سنويا، هذا بالإضافة إلى قوة احتياط تبلغ نحو 900 ألف جندي، تعتبر الأكبر في أوروبا، وهي إحدى نقاط القوة الأساسية للجيش الفنلندي، علما أن دولا أخرى مثل النرويج ورغم امتلاكها عدد سكان مماثل لفنلندا، إلا أن قواتها العاملة والاحتياطية مجتمعة لا تتجاوز 65 ألف جندي فقط، في حين تمتلك فنلندا حاليا قوة عاملة تقدر بـ 12 ألف جندي، يمكن زيادتهم في حالة الحرب إلى 280 ألف جندي، يضاف إليهم 900 ألف جندي احتياطي يمكن حشدهم في حالة إعلان التعبئة العامة.