وسرعان ما انتقد مسؤولون جمهوريون، طريقة تعامل بايدن مع المنطاد الصيني الذي أُسقط بعد تحليقه لأيام عبر الولايات المتحدة مثيرا توترا بين البلدين، وعلى وقعه، ألغى وزير الخارجية أنتوني بلينكن رحلة كانت مقررة إلى بكين.
واستنكر نائب رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ ماركو روبيو تريث، ما اعتبره تريثا من الرئيس الأميركي قبل تنبيه المواطنين من المنطاد الذي أجرى جولة “غير مسبوقة” فوق الولايات المتحدة، قائلا إن ذلك يرقى إلى “التقصير في أداء الواجب”.
وعلى هذا المنوال، انتقد رئيس لجنة القوات المسلحة الجمهوري، مايك روجرز، بايدن قائلا إن السماح للمنطاد بعبور الولايات المتحدة “مثال آخر على ضعف إدارة بايدن”.
على الجانب الآخر، علق البيت الأبيض بأن بايدن اتبع نصيحة البنتاغون وكبار القادة العسكريين بعدم إسقاط المنطاد في البداية لتجنب خسائر مدنية محتملة وأضرار أخرى.
ونقلت شبكة “فوكس نيوز” الأميركية عن مسؤول دفاعي كبير، قوله إن القرار اتخذ بدافع من الحذر الشديد وأن “الحساب الأساسي لم يكن القيمة الاستخباراتية، بل بالأحرى سلامة الأميركيين على الأرض”.
وربط الجمهوريون أزمة الحدود بواقعة المنطاد الصيني هذا الأسبوع، إذ غرد النائب بن كلاين، بولاية فيرجينيا، قائلًا: “جو بايدن.. أخيرًا.. إسقاط منطاد التجسس الصيني يشبه إغلاق الحدود الجنوبية بعد فرار أكثر من 1.2 مليون بشكل غير قانوني إلى بلادنا.. الانتظار كل هذا الوقت لاتخاذ إجراءات بعد فوات الأوان”.
حرج للإدارة الأميركية
ويرى مراقبون أن واقعة المنطاد الصيني تسببت في حرج بالغ للإدارة الأميركية، إذ سيستخدمها الجمهوريون للحديث عما يعتبرونه “ضعف بايدن” واستغلال هذا الأمر في منافسات انتخابات الرئاسة المقبلة.
وقال الخبير المتخصص في العلاقات الدولية، أيمن سمير، في تصريحات لـ”سكاي نيوز عربية”، إن تغيَّر الموقف الأميركي في التعامل مع المنطاد الصيني منذ اليوم الأول حتى إسقاطه، يؤكد أن الحسابات الداخلية الأميركية وراء تغير هذا السلوك.
وللدلالة على تأثير أزمة المنطاد على السياسة الأمريكية، أوضح سمير أن:
- الضغوط الداخلية لعبت دورًا كبيرا في هذا الأمر، خاصة ضغوط الحزب الجمهوري وعلى رأسهم الرئيس السابق دونالد ترامب، ونيكي هايلي، سفيرة الولايات المتحدة السابقة لدى الأمم المتحدة، الذين طالبوا بايدن باتخاذ موقف حاسم ضد الصين.
- هناك لجان في الكونغرس تفكر في إجراء نوع من المحاسبة لبايدن، بسبب ما اعتبر تأخرا في التعامل مع المنطاد وأظهر أميركا بأنها ضعيفة، بعدما تجول المنطاد في الأجواء الأميركية بعدد من الولايات.
- حتى لو كان المنطاد مدنياً كما تقول الصين وليس له تأثير في جمع معلومات ذات قيمة، فكونه يتجول فوق الأراضي الأميركية، فهذا سبب إحراجا بالغا لواشنطن، كما أظهر أن الدفاعات الأميركية ليست يقظة كما كان يعتقد البعض.
- عدد من السياسيين الأميركيين يعتبرون أن الإدارة الراهنة تعاملت مع الأمر ببطء شديد أساء لصورة البلاد كقوة عظمى.
- كشف المنطاد عيوبًا في السياسية الأمريكية في التعامل مع الصين، وكذلك ثغرات في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي ويمكن أن تتعامل واشنطن معها في الفترة المقبلة للحد منها.
استغلال في صراع الانتخابات
من جانبه، قال الأكاديمي والمحلل السياسي المهتم بالشؤون الأميركية سعيد صادق، في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”، أنه يجري استغلال أزمة المنطاد الصيني في الصراع على الانتخابات الرئاسية المقبلة، وبالتالي يحاول الجمهوريون اعتباره نقطة ضعف للرئيس بايدن.
وأضاف “الانتقاد يأتي بالأساس من عبور المناطق على عدد من الولايات والتي بها مناطق استراتيجية وعسكرية، وتأخر رد الفعل تجاهه، وبالتالي يتم المتاجرة بذلك لأسباب انتخابية، على الرغم من اتخاذ بايدن أسلوبا علميا بالاستماع لرأي البنتاغون عما يجب فعله”.
وأوضح صادق أنه بالتأكيد سيؤثر هذا الحادث على الداخل الأميريكي بجانب تأثيره على العلاقات بين واشنطن وبكين، إذ أظهر الصين بأنها ليست ضعيفة عسكريا كما يعتقد البعض، وقد تصل إلى العمق الأميركي، ومع ذلك ستضطر الولايات المتحدة لتطوير معداتها العسكرية والنظر في إجراءاتها الدفاعية لمراقبة هذه الأمور مستقبلًا.