وفحوى الخطة الروسية، التي أعلنها البيت الأبيض، تتضمن شن حملة تضليل على وسائل التواصل الاجتماعي بتصوير أوكرانيا على أنها “معتدية وتستعد لهجوم وشيك على قوات تدعمها روسيا في الشرق الأوكراني”.
وتقدر المعلومات الاستخبارية الأميركية، التي أزيلت عنها السرية، أن الغزو العسكري قد يبدأ ما بين منتصف يناير ومنتصف فبراير.
أما على الجانب الأميركي نفسه، فتحضرت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بنحو 18 احتمالا للرد على هذا الغزو المحتمل لأوكرانيا، وفقا لنائبة وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية فيكتوريا نولاند.
وفي خضم تصاعد تلك الأزمة، طرح خبراء لموقع “سكاي نيوز عربية” 8 سيناريوهات محتلمة ومفتوحة على مسارات أخرى.
الهجمات الإلكترونية: هذا السيناريو بدأ بالفعل، حيث تعرّض، الجمعة، نحو 70 موقعا حكوميا بأوكرانيا لهجوم معلوماتي، وطالت الاتهامات أجهزة الاستخبارات الروسية.
وفيما رد “البنتاغون” بتأكيد تنفيذ روسيا تلك الهجمات، أعلن حلف شمال الأطلسي، أنه سيوقع مع كييف اتفاقا لمنحها الخبرة بمكافحة “البرامج الخبيثة”.
وهنا يقول الباحث بجامعة نيجني نوفغورود الروسية عمرو الديب:” الهجمات الإلكترونية قد تكون حادثه هنا أو هناك لكنها ليست ممنهجة”، مستبعدا شن حرب إلكترونية شاملة.
ويضيف من موسكو، خلال تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن:”حدوث حرب إلكترونية ممنهجة أمر مستبعد إلى حد كبير لأن هناك خطوط حمراء قائمة بين الفريقين”.
حرب كلامية فتبريد الأزمة: راستمرار “الحرب الكلامية” لتحقيق أكبر مكاسب ثم تبريد الأزمة، وسحب موسكو قواتها من حدود كييف،أحد السيناريوهات المطروحة وبقوة.
وهذا الأمر تبلور خلال طلب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، باجتماع ثلاثي مع نظيريه الأميركي جو بايدن، والروسي فلاديمير بوتن، افتراضيا، لنزع فتيل الأزمة.
وفي تلك النقطة يرى الباحث محمد حامد، مدير منتدى شرق المتوسط للدراسات السياسية، أنه رغم المحادثات الأميركية الروسية إلا أن “التصعيد لا يزال مستمر”.
ومفسرا في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”، رؤيته بأن:” دليل التصعيد ما كشفته واشنطن من معلومات استخباراتية وصور الأقمار الاصطناعية، باستمرار الحشود الروسية على حدود أوكرانيا لاقتحاممها، وسعيها لإيجاد ذريعة إعلامية لاحتلال كييف”.
ومختلفا مع تلك الرؤية، يقول الباحث عمرو الديب:” أتوقع استمرار المواجهة الكلامية والمفاوضات والمناقشات، لكن أي سيناريو آخر لن يحدث في القريب العاجل، لذا فالحرب الكلامية مستمرة”.
الخيار العسكري: أحد أصعب السيناريوهات التي يستعبدها المراقبين، لكن يتم التهديد بها من جميع الأطراف، وفي حال حدوث غزو روسي لأوكرانيا، قد تتطور الأوضاع لمواجهة عسكرية تقود لحرب عالمية ثالثة.
وفيما تحشد موسكو ما يقرب من 100 ألف جندي روسي قرب الحدود الأوكرانية، اعترف المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي، أن قادة وزارة الدفاع الأميركية يراجعون الخيارات العسكرية والأمنية والدفاعية الممكنة للتعامل مع أي تصعيد روسي.
وفي تلك الزاوية، يعود الباحث محمد حامد، مضيفا: “أعتقد أن الرئيس الروسي لن يغزو أوكرانيا، لأنه أذكى من الوقوع بفخ أميركي منصوب له لإسقاطه”.
وواصل حديثه:” بوتن سيبقي على هذه المناوشات لتحقيق أكبر مكاسب من خلال الحوار مع الغرب بهدف إبعاد شبح انضمام أوكرانيا لحلف الناتو، وبالتالي إبعاد الناتو عن الحدود الروسية”.
أما الباحث عمرو الديب، فيقول إن:”روسيا لا تستطيع مواجهة واشنطن عسكريا ولا واشنطن تستطيع ذلك، نحن فقط أمام فصل جديد للحرب الباردة، لذا فخيار الحوارهو السبيل المطروح”.
ويفسر ذلك، قائلا:” اجتياح عسكري روسي لأوكرانيا لن يفيد موسكو، لأنها حققت هدفها بضم شبه جزيرة القرم، كما أنها تعي أن ذلك سيكلفها خسائر فادحة”.
اللجوء لمجلس الأمن: خيار مطروح آخر، عبر عنه مسؤولان أميركيان، الجمعة، بأنه إذا اختارت روسيا تصعيد الأزمة في شأن أوكرانيا، فيمكن للولايات المتحدة اللجوء لمجلس الأمن.
لكن الأمم المتحدة نفسها فتلتزم الصمت الشديد حتى الآن بشأن الخلاف الدائر بين موسكو وواشنطن، العضوين الدائمين في مجلس الأمن.
تبادل عقاب الوكلاء: بدأ هذا السيناريو بالتحقق، حيث أدرجت موسكو، الجمعة، اثنين من مساعدي الناشط الروسي والمعارض المسجون أليكسي نافالني على قائمة الإرهاب والتطرف.
الخطوة الروسية كانت للرد على واشنطن، التي عاقبت 5 كوريين شماليين، والروسي رومان ألار، والهيئة الروسية “بارسيك”، لدعم برنامج كوريا الشمالية الصاروخي.
عقوبات اقتصادية مؤلمة: من أكثر السيناريوهات المتوقعة، حيث أعدت الولايات المتحدة مع حلفائها الأوروبيين حزمة عقوبات “مؤلمة للغاية” ضد روسيا.
ووفقا لبيان الخارجية الأميركية، الأربعاء الماضي، فإن لدى واشنطن وأوروبا فهم مشترك لنوع الإجراءات المالية التي”سيكون لها تأثير قوي على موسكو”.
كما يعزز تلك الفرضية، مقترح أعضاء ديمقراطيون بالشيوخ الأميركي، بإصدر قانون بمعاقبة الرئيس الروسي فلاديمير بوتن وزرائه ميخائيل ميشوستين ومسؤولين عسكريين روس بارزين.
ومن وجهة نظر الباحث محمد حامد، لموقع “سكاي نيوز عربية”، فالعقوبات الأميركية مستمرة ضد موسكو من حكم الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما وخلال فترة دونالد ترامب تم رفع القليل منها، ومستمرة مع حكم بايدن.
أما بالنسبة الاتحاد الأرووبي- والحديث لحامد- سيفرض عقوبات لكن بتحفظ ولن تكون شاملة جراء ورقة الضغط الروسية المتمثلة في الغاز.
ويضيف: “استطاعت روسيا عبر تصدير الغاز لأوروبا، إنشاء معسكريين أوروبيين مختلفين أحدهما: معسكر مؤيد لواشنطن بضرورة مواجهة روسيا وعقابها، والأخر يعارض ويدعم مهادنة روسيا”.
أما الباحث عمرو الديب، فيقول إن واشنطن وحلفائها الغربيين توعدوا موسكو بعقوبات ستطال قلب النظام الروسي ومنه بوتن، كما هدودا بانضمام فلندا والسويد لحلف الناتو، هي أمور مثل للضغط”.
تكرار أزمة الصواريخ الكوبية: أحد السيناريوهات التى قد تلوح في الأفق تهديد روسيا، بإرسال بنى تحتية عسكرية إلى أعتاب أميركا؛ في كوبا وفنزويلا، على غرار أزمة الصواريخ الكوبية في أكتوبر 1962 ضمن أحداث الحرب الباردة.
وعن ذلك يقول الباحث عمرو الديب:” ستكون خطوة غبية؛ فروسيا لاتستطيع أن تقلق واشنطن في أي منطقة بالعالم، وليس بفنزويلا أو كوبا، الأمر هو تصعيد في نبرة الدبلوماسية”.
توسع التحالفات الدولية: حال انفراج الأزمة بين الأطراف، قد ترتب عليها استقطابات دولية تطال دول جديدة بالشرق الأوسط ومناوشات بمناطق النفوذ الروسي والأميركي.
وهنا يؤكد الباحث عمرو الديب لموقع “سكاي نيوز عربية” أن للأزمة تأثير ستظهر معالمه على التحالفات الدولية والشرق الأوسط بشكل خاص، وستحدث استقطابات قدي يكون أهم عناصرها إيران، وسوريا وبشكل ما في ليبيا ومالي، وربما ترتفع وتيرة الحرب الباردة.