ورغم عدم إعلان منفذي انقلاب الغابون، الذي تم إعلانه الأربعاء، نواياهم بشأن فرنسا، حتى الآن، إلا أن سلسلة الانقلابات التي وقعت في مالي وبوركينا فاسو والنيجر صاحبها رفضا لاستمرار النفوذ الفرنسي في هذه البلاد، مع زيادة التعاون في المقابل مع روسيا والصين.

ويحمل محللون سياسيون تحدثوا لموقع “سكاي نيوز عربية” باريس جزء من مسؤولية هذه الانقلابات، معددين أسباب ذلك، وانعكاسه على اقتصادها، متوقعين استمرار مسلسل الانقلابات.

رد الفعل الفرنسي

  •  سياسيا، تعليق باريس حتى الآن متحفظ في انتظار التطورات وتوجهات منفذي الانقلاب؛ حيث صرحت رئيسة الوزراء الفرنسية، إليزابيث بورن، بأن بلادها تتابع الموقف في الغابون عن كثب، وذلك خلال إلقائها لخطاب أمام مؤتمر السفراء في باريس.
  •  اقتصاديا، وقعت خسارة سريعة، متمثلة في إعلان شركة التعدين الفرنسية “إيراميت”، التي تملك وحدة “كوميلوغ” لإنتاج المنغنيز في الغابون، الأربعاء، أنها علقت كل عملياتها في البلاد.

إثر ذلك، انخفض سهم الشركة، بعد إعلان وقف التعدين، 4.7 بالمئة إلى 72.95 يورو.

وتحتل الغابون المركز الثالث عالميا في إنتاج المنغنيز بحجم إنتاج 2.3 مليون طن متري بحسب بيانات عام 2018، وبفضل ذلك صارت مجموعة التعدين الفرنسية “إيراميت” ثاني أكبر منتج لخام المنغنيز عالي الجودة في العالم، وتدير منجم “مواندا” الرئيسي عبر شركة “كوميلوغ”.

وإن حمل انقلابيو الغابون سياسة رافضة للنفوذ الفرنسي ستكون ضربة كبيرة لاقتصاد فرنسا الذي يستثمر في المنغنيز، ويخشى من تداعيات انقلاب النيجر على استثمارته في اليورانيوم.

 مسؤولية ماكرون

يصف المحل السياسي المقيم في باريس، نزار الجليدي، انقلاب الغابون بأنه حلقة في سلسلة تهاوي النفوذ الفرنسي في إفريقيا، مستشهدا بتهاوي أسهم شركة “إيراميت” في البورصة فور الانقلاب بنسبة 5 بالمئة.

ويحمل الجليدي، الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، وقصر الإليزيه نصيبا من المسؤولية عن ذلك، قائلا إنهم “يصرون على إتباع نفس السياسات في إفريقيا التي ثبت عدم جدواها”.

وتتعبأ الدول التي حدثت فيها انقلابات في العامين الأخيرين، مثل مالي وبوركينا فاسو والنيجر، بمشاعر غضب من باريس، وتوجيه اتهامات لها بأنها لم تتوقف عن “استنزاف” ثروات بلادهم، وأنها تعتبرهم “أتباعا” لها، رغم الاستقلال عنها بعد حركات التحرر القرن الماضي.

“ليس الانقلاب الأخير”

تربط مديرة المركز الفرنسي للأبحاث وتحليل السياسات الدولية عقيلة دبيشي بين تفشي عدوى الانقلابات في مناطق النفوذ الفرنسي في غرب إفريقيا وبين الصراع الدائر بين دول كبرى على إفريقيا، متمثلة في محور روسيا والصين، ومحور أوروبا والولايات المتحدة.

وتضيف لذلك أسبابا محلية، مثل الفقر رغم غناها بالثروات الطبيعية، وتزوير الانتخابات، والفساد، متوقعة أن انقلاب الغابون “لن يكون الأخير” في القارة.

يتفق معها المحل السياسي، علي موسى علي، قائلا: “عدوى الانقلابات آخذة في الانتشار، ولن تتوقف في الغابون والنيجر، خاصة مع استمرار ضعف مؤسسات الدولة في عدة دول، وسيطرة فئات محددة على الحكم، والشعور بالظلم”.

ويشير في ذلك إلى أن عائلة بونغو، ظلت تسيطر على الحكم في الغابون لمدة أكثر من 55 عاما؛ حيث حكم الأب ثم ابنه منذ عام 1967، وهي “تسيطر بشكل كبير على موارد البلاد”.

الانقلاب الأول؟

وكمؤشر لدور ضعف النفوذ الفرنسي في الغابون، يقول “علي” إن الغابون شهدت استقرارا سياسيا طويلا منذ استقلالها عن فرنسا عام 1960، ولم يحكمها انقلاب عسكري في تاريخها، وتعاقب على حكمها 3 رؤساء منذ ذلك الوقت.

وتعرضت الغابون لعدة محاولات انقلابية، لكنها فشلت في تغيير الرئيس، منها محاولة انقلاب على الرئيس “ليون إمبا” أول رئيس للغابون، عام 1964، ولكن باريس تصدت له.

وفي 7 يناير 2019 وقعت محاولة انقلاب على الرئيس علي بونغو، لكن ألقي القبض على الضباط المتورطين.

skynewsarabia.com