وذكرت مصادر “أزوادية” لـ”سكاي نيوز عربية”، أن تنظيم داعش الإرهابي نفذ هجوما على قرية “أسيلال” الواقعة على بعد 18 كم جنوب ولاية ميناكا شمال مالي، مما أسفر عن مقتل 7 مدنيين، واستيلاء التنظيم الإرهابي على ممتلكاتهم من المواشي.
وتعد منطقة ميناكا هدفا استراتيجيا وقاعدة لتنظيم داعش في مالي ومنطقة الساحل، لتأسيس ولايته، حيث تكررت الهجمات الإرهابية للتنظيم خلال الأشهر الأخيرة، وفي مارس الماضي شهد المنطقة مذبحة نفذها التنظيم الإرهابي، وراح ضحيتها أكثر من 200 شخص معظمهم من المدنيين، بالإضافة إلى المفقودين، ونزح عدد كبير من الأهالي.
كما شن التنظيم في مارس الماضي، هجوما على قرية تيليا بمقاطعة تاهوا في النيجر القريبة من الحدود مع مالي، راح ضحيتها، 141 مدنيا ما بين رجال ونساء وأطفال، فيما نهب أكثر من 5 آلاف جمل، وقرابة 4 آلاف ونحو 20 ألفا من الأبقار والأغنام وعدد من السيارات.
وفي شهر يونيو الماضي، قتل تنظيم داعش الإرهابي، عشرين مدنيا على الأقل في قرى عدة تقع شمال مدينة غاو بشمال مالي، ونهب ممتلكات المدنيين.
وفي أغسطس الجاري، نفذ “داعش” هجوما استهدف مخيمات البدو والطوارق في منطقة “ميناكا” على بعد عشرات الكيلومترات من بوركينا فاسو والنيجر في المنطقة المعروفة بالمثلث الحدودي بين الدولتين مع مالي، راح ضحيته أكثر من 16 شخصا على الأقل وإصابة العشرات ونهب المنطقة.
إنقاذ المواطنين
من جانبه، دعا “مجتمع إدكصهك”، إحدى المؤسسات المحلية بولاية مينكا شمال مالي، السلطات المالية، والحركات الأزوادية الموقعة على اتفاقيات الجزائر للمصالحة، مواجهة الجماعات الإرهابية، وإنقاذ المواطنين في ولاية ميناكا من المذابح التي ارتكبت ضد المدنيين، منتقدا الصمت غير المفهوم من قبل حكومة بماكو تجاه النشاط الإرهابي.
ويستهدف داعش منطقة ميناكا تحديدا، لأنها تقع على منطقة حدودية بإمكانه الهروب إلى أي دولة أثناء أي مواجهة قوية، وكذلك لتوسيع نفوذهم في المنطقة، والاستيلاء على مئات المواشي وراعيها في مناطق سيطرتهم، وتزايدت هجمات داعش على المنطقة منذ إعلان فرنسا نهاية عملياتها في مالي.
وذكر مصدر “أزوادي” رفض ذكر اسمه، لـ”سكاي نيوز عربية” أن تنظيم داعش لديه وجود قوي وفعّال في منطقة الحدود الثلاثة بين “أزواد” بشمال مالي، والنيجر وبوركينا فاسو، في ولاية منياكا تحديدا حيث كثفت هجماتها ضد السكان المدنيين أكثر من أي وقت مضى منذ شهر مارس الماضي، وقتل في تلك الهجمات أكثر من ألف مدني، وعشرات الجنود من حركات بلات فورم (جماعة أزوادية).
ويضيف المصدر أن حركات بلات فورم (غاتيا، إميسا) حاولت التصدي لهجمات داعش، لكن لم تنجح، نظرا لأن التنظيم استقدم عناصر من النيجر ونيجيريا بكامل عدتهم من أسحلة “سيارات ودراجات نارية”، لافتا إلى أن التنظيم فرض سيطرته مؤخرا، على “أضرنبوكار” بشمال مالي.
ويقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة باماكو، محمد أغ إسماعيل، إن منطقة “ميناكا” تشهد صراعا بين داعش وجماعة “نصر الإسلام والمسلمين” الموالية للقاعدة، وذلك لأن ميناكا ولاية حدودية بين مالي والنيجر وإلى حد ما الجزائر.
ويضيف أغ إسماعيل أن موقعها الاستراتيجي يعطيها أهمية قصوى، كما لا ننسى أنها قريبة من المثلث الحدودي كذلك، وهي تعتبر من مناطق النزاعات القبلية بين الفلاة / العرب والطوارق منذ القدم.
ولفت إلى أن هذه المنطقة لا توجد بها الحركات الأزوادية باستثناء عناصر من بلاتفورم وحركة إنقاذ أزواد، محذرا أن غياب الحركات الأزوادية والقوات الحكومية يسهل السيطرة عليها من قبل الجماعات الإرهابية.
وأوضح أغ إسماعيل أن الجماعات الإرهابية تستغل الفراغ الأمني ويستفيد الجيش المالي من الدعم اللوجستي والعسكري الروسي، مضيفا أن “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين” رغم ضعفها مؤخرا، لديها شعبية أكثر من “داعش” وتعي جيدا بأنها إن فقدت جميع ولاية ميناكا فسينتهي وجودها من المثلث الحدودي ويتعثر تزويدها من الأسلحة الليبية، وهذا ما يفسر المواجهات مع داعش.
صراع بين المتطرفين
بدوره، يقول العضو المؤسس في “الحركة الوطنية لتحرير أزواد”، بكاي أغ حمد، إن منطقة “ميناكا” تشهد صراعا مستعرا، بين داعش وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين، فكلا التنظيمين يسعى إلى بسط السيطرة والنفوذ على منطقة معينة من وجوده، وتنظيم داعش يريد السيطرة على منطقة النصف دائرية من حدود بوركينا إلى النيجر وخط ليبيا أزواد، للتحكم في منطقة التهريب لمختلف أنواع السلع اللوجستية، وأيضا قرب عملياته في المنطقة الحدودية مع الجزائر.
ويضيف أن قيام داعش بارتكاب مجازر ضد المدنيين في تلك المنطقة لبث الرعب في وسط السكان غير الموالين له مما يجبرهم على مغادرة المنطقة.
وفي تقرير سابق لـ”سكاي نيوز عربية” أوضح خبراء أن التنظيم الإرهابي يهدف إلى تهجير البدو والمدنيين في مناطق المثلث الحدودي، والاستيلاء على المنطقة الغنية بالنفط والغاز.
والمنطقة الحدودية بين النيجر ومالي وتشاد وصولا إلى ليبيا تستخدمها التنظيمات الإرهابية لتهريب المسلحين والسلاح والمخدرات والوقود والمهاجرين، وهي مناطق “قلق” أمني دائم لهذه الدول.
وتعد منطقة “أغاديس” بشمال النيجر، مركز التهريب في الصحراء الكبرى، وتعاني المنطقة من هشاشة أمنية وصراع عرقي، وتمركز إرهابي.
ووفق تقديرات معهد الدراسات الأمنية (ISS)، فإن 3000 مهاجر يعبرون أغاديس من جنوب الصحراء الكبرى إلى ليبيا أسبوعيا.
وفي 2016، قدرت المنظمة الدولية للهجرة (IOM) أن 170 ألف مهاجر، معظمهم من غرب إفريقيا، عبروا أغاديس إلى ليبيا، وهو ما يعزز أطماع داعش في المنطقة.