وقال خبراء لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن “التحرك الجزائري بزيارة وزير الشؤون الخارجية، رمطان لعمامرة، إلى باماكو ولقائه نظيره المالي عبد اللاي ديوب، وعقد الممثلة الخاصة للاتحاد الأوروبي لمنطقة الساحل، إيمانويلا ديل ري، بباماكو عدة لقاءات مع ممثلي تنسيقية الحركات الأزوادية CMA وممثلين من حركات بلات فورم، قبيل اجتماع الدورة السادسة للجنة متابعة الاتفاقية، لهما دوافع متعددة”.
دوافع تحريك اتفاق الجزائر
- العضو المؤسس في “الحركة الوطنية لتحرير أزواد”، بكاي أغ حمد، قال لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن هناك “عدة دوافع من قبل المجلس العسكري الحاكم، والجزائر والاتحاد الأوروبي، لتحريك اتفاق الجزائر“.
- “أهم هذه الدوافع، هدف سياسي، حيث يحاول المجلس العسكري كسب شرعية دولية في العزلة السياسية التي يعيشها بتمديد العقوبات على مؤسسات وكيانات مالية من قبل مجلس الأمن مؤخرا”، وفقا لبكاي.
- وأضاف: “محاولة المجلس الانتقالي إظهار نفسه بأنه ليس المعطل لاتفاق الجزائر، وإلقاء المسؤولية على الحركات الأزوادية في فشل تنفيذ الاتفاق، مجرد تحايل سياسي من قبل باماكو على الاتفاق والمجتمع الدولي، فخلال 7 سنوات من توقيع الاتفاقية لم تنفذ الحكومات المالية أيا من بنودها”.
اتفاق الجزائر
- في 2015، تم توقيع اتفاق المصالحة والسلام بين الحكومة المالية والحركات الأزوادية، برعاية الجزائر.
- نصت بنود اتفاق الجزائر على “إعادة بناء الوحدة الوطنية للبلاد على قواعد تحترم وحدة أراضيها، وتأخذ في الاعتبار تنوعها الإثني”.
- كما نصت على “استعادة السلام في مالي بشكل أساسي من خلال عملية اللا مركزية أو الإقليمية، وإعادة تشكيل جيش وطني من أعضاء الجماعات المسلحة السابقة التي كانت موقعة.
- شملت كذلك تعزيز الاقتصاد (خاصة في الشمال)، على أساس الحوار والعدالة والمصالحة الوطنية.
وحسب مركز “كارتر” (منظمة أميركية غير حكومية تعمل كمراقب مستقل لاتفاق السلام)، يعيش الاتفاق مأزقا غير مسبوق، فمنذ أكتوبر 2021 أصبح الحوار بين أطرافه أكثر صعوبة، ولأجل تحريك المياه الراكدة دعا المركز لمراجعة الاتفاق.
وفي مطلع أغسطس 2022، اتفقت الحكومة الانتقالية في مالي وحركات إقليم أزواد على تفعيل اتفاق السلام بينهما، بدمج 26 ألف مقاتل سابق من الحركات الأزوادية في الجيش خلال عامي 2023-2024.
وحمل المؤتمر الاستثنائي للحركة الوطنية لتحرير أزواد “MNLA”، حالة تشاؤمية من تطبيق اتفاقية الجزائر، والتي وصفها بيان الحركة بأنها “مشلولة” و”عاجزة عن توفير الأمن ومواجهة الجماعات الإرهابية”، مما أفقدها المصداقية لدى الشعب الأزوادي.
أهداف اقتصادية
“ومن الأهداف الأخرى التي أدت إلى محاولة الجزائر والاتحاد الأوروبي إحياء اتفاق المصالحة والسلام بين الحكومة المالية والحركات الأزوادية، هو تأمين طريق “أنبوب الغاز”، في ظل أزمة الغاز التي يعيشها الاتحاد الأوروبي منذ الأزمة الأوكرانية، والبحث عن بدائل للغاز للروسي، وأيضا من خلالها يحاول المجلس العسكري الحصول على مكاسب سياسية واقتصادية”، وفقا لـ”بكاي“.
وأضاف القيادي في “الحركة الوطنية لتحرير أزواد”، أن “المجلس العسكري يسعى إلى حفظ ماء وجه باماكو وحلفائها من الدول الإقليمية، لافتا إلى أن باماكو وحلفاءها “يهدفون للسيطرة على إقليم أزواد، الغني بالموارد الطبيعية من غاز وبترول وذهب وغيرها”.
وتضغط الجزائر على المجلس العسكري للوفاء بالتزاماته وتحقيق الأهداف التي وضعت له، وذلك لقلقها من تعثر الاتفاق، حسب الباحث في “مركز راند” الأميركي للاستشارات الأمنية، مايكل شوركين.
والشهر الماضي، وقعت الجزائر مذكرة تفاهم مع نيجيريا والنيجر لمد خط أنابيب للغاز الطبيعي عابر للصحراء، بهدف تعزيز صادرات الغاز إلى أوروبا.
وتقدر تكلفة المشروع 13 مليار دولار، وقد ينقل ما يصل إلى 30 مليار متر مكعب سنويا لأوروبا. ويربط خط الأنابيب حقول الغاز النيجيرية عبر النيجر بالحدود الجزائرية لربطها بالشبكة الجزائرية.
ويمتد لـ4128 كلم، منها 1037 كلم في نيجيريا و841 كلم في النيجر و2310 كلم في الجزائر.
خطوة استباقية
وأشار بكاي كذلك إلى أنه من أهداف التحرك الجزائري الأوروبي والترحيب من قبل المجلس العسكري، “استباق الأمور في حالة تمكن الأزواديين من توحيد أنفسهم في كيان واحد قوي، وتحقيق العديد أهدافهم، أبرزها حق تقرير المصير للشعب الأزوادي”.
وأضاف أن “المجلس العسكري وقوى إقليمية يحاولان إعادة إقليم الأزواد إلى ما قبل 2012 بطريقة ملتوية، وإحراج الحركات الأزوادية أمام المجتمع الدولي”.
وقبل أيام، أقر المؤتمر الاستثنائي للحركة الوطنية لتحرير أزواد، مبدأ الاندماج بين الحركات الأزوادية، في هيئة واحدة سياسيا وعسكريا، تنفيذا لنتائج مؤتمر الحركة السادسة الذي انعقد في كيدال نوفمبر 2019.
وتم تكليف المكتب التنفيذي للحركة الوطنية لتحرير أزواد بمباشرة آلية الاندماج، من خلال خارطة طريق متفق عليها، مع الأخذ في الاعتبار احترام المصلحة العليا للشعب الأزوادي.
ملف الإرهاب
وحول ملف مكافحة الإرهاب، قال بكاي إن “عدم تنفيذ اتفاق الجزائر أسهم في تصاعد نشاط الجماعات الإرهابية في مالي ودول الساحل”، متهما الجيش المالي بـ”ممارسة أعمال غير إنسانية وجرائم حرب شمالي مالي”.
واستطرد: “لا توجد نية حقيقية لمكافحة الإرهاب أو حصول الأزواد على حقوقهم من قبل المجلس العسكري، وإعطاء إقليم أزواد استقلاله يعد الحل الجذري الذي ينهي الأزمات ويقضي على الإرهاب وكل مشاكل الساحل، لكنه يرى أن كثيرين يرتزقون من الأزمات في مالي“.
وحسب الباحث شوركين، فقد أعربت الجزائر عن قلقها إزاء التدهور الأمني في مالي، مما ينعكس على الأوضاع في جنوب الجزائر، لذلك “تسعى لدفع الأمور في باماكو إلى الأفضل”.
ووفقا لمركز إفريقيا للدراسات الاستراتيجية ومقره واشنطن، فإن “نشاط تنظيم داعش يتنامى بشدة في مالي، خاصة في غاوا، وميناكا، حيث أسفر إرهاب داعش عن مقتل أكثر من ألف شخص، أي ما يقرب من 40 في المائة من جميع الوفيات في مالي خلال 2022. كذلك شنت ما تسمى جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” أكثر من 50 هجوما إرهابيا في مالي”.