وقال بلينكن للصحفيين إن المحادثة الهاتفية المرتقبة “في الأيام القادمة” مع لافروف لن تكون للتفاوض بشأن أوكرانيا، بل ستكون مخصصة للسجناء الأميركيين في روسيا وباستئناف تصدير محاصيل الحبوب الأوكرانية.

ويرى مراقبون أن هذا الإعلان الأميركي عن قرب الاتصال بين رئيسي الدبلوماسيتين الأميركية والروسية بعد أشهر طويلة من القطيعة، قد يمثل بداية لكسر الجليد بين موسكو وواشنطن ولإعادة الاعتبار للجهود الدبلوماسية المباشرة، ولمنع تدهور العلاقات بينهما أكثر مما هو حاصل الآن.

 

فيما يحذر محللون من تحميل هذه المكالمة أكثر مما تحتمل، سيما وأن بلينكن أعلن أنها لن تكون خاصة بالتفاوض حول أوكرانيا، مستدركين بأنها تبقى رغم ذلك خطوة ضرورية لتبديد ولو جزئيا مناخات التنابذ والقطيعة السائدة بين البلدين.

وتعليقا على أهمية المكالمة المرتقبة وحظوظها في إحداث اختراق في علاقات البلدين، يقول الخبير الروسي في الشؤون الدولية تيمور دويدار، في لقاء مع “سكاي نيوز عربية”: “حتى قبل هذه المحادثة المزمعة، هناك فريق عمل روسي أميركي يعمل دوما خفية، حتى أن ثمة مباحثات متواصلة وراء الكواليس من الأبواب الخلفية بين الجانبين، وعليه، فإن خارجيتي البلدين تعكفان على إنجاز صيغ الحل للخلاف بين البلدين، ومن ثم عرضها على الرئاستين الروسية والأميركية لإقرارها من عدمه”.

 

وهكذا فموضوع السجناء رغم أهميته هو ثانوي في هذا الصدد، كما يرى الخبير الروسي، متابعا: “لبّ الموضوع هو قبول الغرب للأمر الواقع الروسي في أوكرانيا واستيعاب الرؤية الروسية الهادفة لضم أجزاء من أوكرانيا لها، فيما تتعرض القيادات الأوروبية والغربية عامة لضغط شديد من الرأي العام في بلدانها على خلفية تورطها في الصراع الأوكراني وارتدادات ذلك الكارثية على استقرار اقتصادات منطقة اليورو بشكل خاص، ولهذا فما يجري هو بداية مهمة نحو الركون لمبدأ الحوار المباشر لحل الأزمات المحتدة بين الغرب وعلى رأسه أميركا وروسيا”.

بدوره، يقول أستاذ العلاقات الدولية وفض النزاعات حسن المومني، لـ”سكاي نيوز عربية”: “لا شك أن أي تواصل بين موسكو وواشنطن الآن يعتبر نوعا من التقدم الإيجابي في العلاقات المحتدة بينهما، بغض النظر عن نوعية وموضوع ذلك التواصل، خاصة وأن هناك انقطاعا حتى بالتواصل الدبلوماسي بينهما طيلة الأشهر الماضية منذ اندلاع الحرب الأوكرانية، ومن هنا أهمية هذه المكالمة حيث أن حدوث التواصل بين القوى الكبرى خلال الأزمات والحروب مهم جدا وضروري لاحتوائها ووقفها”.

ويضيف الخبير الاستراتيجي والأمني: “مسألة السجناء تحظى هنا ولا ريب بأهمية كبيرة لدى الإدارة الأميركية سيما وأن الانتخابات النصفية ستتم في شهر نوفمبر القادم، وبالتالي فهي قضية محلية محورية لدى الرأي العام الأميركي، لكن التواصل والتفاوض حولها قد يشكلان مدخلا لتطوير التواصل الأميركي الروسي عامة، وهو ما يعتمد إلى حد بعيد على نتائج هذه المحادثة الهاتفية، فإن نجحت في تذليل مشكلة السجناء وإطلاق سراحهم، فإنها ستمهد الطريق بلا شك لخطوات انفتاحية متبادلة بين الطرفين في مختلف الملفات، وفي مقدمها ملف الأزمة الأوكرانية“.

ويمضي المومني في شرح الموقف بالقول: “سيما وأن واشنطن رحبت كذلك باتفاق الحبوب الأخير بين موسكو وكييف، وهكذا ثمة مجموعة عوامل ومؤشرات قد تشكل بداية تبلور مناخات انفراج وتقارب وجنوح نحو الخيارات الدبلوماسية، لحلحلة الخلاف الحاد بين الروس والأميركيين”.

فروسيا تعلم تماما، كما يرى أستاذ العلاقات الدولية وفض النزاعات: “أن واشنطن هي المحرك الرئيسي للتصعيد الغربي والأطلسي ضدها، وهذا الاتصال بين الوزيرين الروسي والأميركي قد يشكل خطوة نحو تخفيف الاحتقان وتوفير مناخ تفاهمي، وهو حتى لو لم ينجم عنه شيء إيجابي ملموس، لكنه ضروري لخلق آلية اتصال روسية أميركية رفيعة المستوى، وهو أمر ملح جدا لتفادي المزيد من التصعيد والتدهور في العلاقات البينية، وهو على كل حال نجاح رمزي للغة الدبلوماسية وسط ضجيج الحرب ويمكن البناء عليه، لكن ينبغي كذلك عدم رفع سقف التوقعات من هذا الاتصال”.

وذكر بلينكن، خلال تصريحاته: “أعتزم إثارة قضية تشكل أولوية بالنسبة إلينا: تحرير بول ويلان وبريتني غرينر الموقوفين من دون وجه حق واللذين يجب أن يسمح لهما بالعودة إلى بلدهما”.

وتابع: “وضعنا مقترحا على الطاولة قبل أسابيع لتسهيل الإفراج” عن المعتقلين الأميركيين، ولم يشأ إعطاء تفاصيل بشأن ماهية العرض الأميركي، وفق ما ذكرت “فرانس برس”.

وتم إيداع غرينر، لاعبة فريق فينكس ميركوري، السجن منذ وصولها إلى مطار تشيريميتيفو بموسكو في فبراير حيث أوقفت وبحوزتها، وفق لائحة الاتهام، عبوات خاصة بالسجائر الإلكترونية معبأة بزيت القنب، وهي تواجه عقوبة السجن لعشر سنوات.

أما ويلان، الذي كان مسؤولا أمنيا في شركة لقطع السيارات وأحد عناصر مشاة البحرية السابقين، فاعتقلته موسكو في ديسمبر 2018 بتهمة امتلاك مواد حسّاسة، وأدين بالتجسس في يونيو 2020 وحكم عليه بالسجن 16 عاما.

وفيما يتعلق بملف تصدير الحبوب، قال بلينكن إنه سيبحث مع لافروف اتفاقا روسيا-أوكرانيا لتصدير 25 مليون طن من الحبوب تم التوصل إليه الأسبوع الماضي في إسطنبول بوساطة تركية ورعاية أممية.

وأوضح: “نأمل أن يتيح هذا الاتفاق استئناف شحن الحبوب الأوكرانية سريعا عبر البحر الأسود وأن تفي روسيا بتعهّدها السماح بعبور هذه السفن”.

skynewsarabia.com