ورغم أنه من المقرر إجراء الانتخابات العامة في تركيا سنة 2023، إلا أن مراقبين يرون أن مؤشرات عديدة قد ترجح خيار الذهاب إلى انتخابات مبكرة، أبرزها الوضع الاقتصادي المزري الذي تعيشه البلاد، وبدء تفكك حزب العدالة والتنمية الحاكم من خلال انشقاق شخصيات عنه، وتنامي الانتقادات لسياسات أردوغان في البرلمان، هذا إلى جانب تضييق أحزاب المعارضة للفجوة من حيث الشعبية مع حزب الرئيس، وضمانها مزيدا من أصوات الناخبين المحتملين لصالحها.

ووفق استطلاع جديد للرأي أجرته مؤسسة “متروبول” للأبحاث، والتي تتخذ من أنقرة مقرا لها، ونشر موقع “أحوال” المتخصص في الشؤون التركية نتائجه، فإن حزب الشعب الجمهوري، الذي يعتبر أكبر أحزاب المعارضة، قد قلّص الفارق في أصوات الناخبين مع العدالة والتنمية، إلى ست نقاط.

وحصل الشعب الجمهوري على نسبة 24 في المئة من أصوات الناخبين المتوقعين بأي انتخابات برلمانية مقبلة، في حين كانت نسبة العدالة والتنمية 30 في المئة.

وفي استطلاع مماثل أجرته ذات المؤسسة في مايو الماضي، أظهرت النتائج قبولا جيدا لحزبي المعارضة، “المستقبل” الذي أسسه رئيس وزراء تركيا السابق أحمد داوود أوغلو، و”الديمقراطية والتقدم” الذي شكله وزير الاقتصاد السابق علي باباجان، إذ كسبا أصواتا كانت تذهب في السابق للعدالة والتنمية.

ورغم ترجيح فريق من المراقبين لفرضية الانتخابات المبكرة، يذهب معسكر آخر من الخبراء لاستبعاد حدوث ذلك وخصوصا في ظل تفشي فيروس كورونا المستجد في تركيا، والذي أصاب أكثر من 205 آلاف شخص، وتسبب بوفاة ما يزيد على 5 آلاف، وفق إحصائيات بيانات جامعة جونز هوبكنز.

وبحسب الخبير في الشؤون التركية، خورشيد دلي، فإن آمال أحزاب المعارض بانتخابات مبكرة تصطدم بسلسلة من العقبات أبرزها أن القرار في الدعوة لمثل هذه الانتخابات بيد الرئيس التركي، الذي لا مصلحة له حاليا فيها. 

وفي حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، قال خورشيد: “إن دفع البرلمان نحو انتخابات مبكرة فينبغي أن يحصل هذا المشروع على الغالبية، وهو أمر غير ممكن في الوقت الراهن”.

وأضاف خورشيد: “هناك سيناريو واحد فقط يمكن أن تتم خلاله انتخابات مبكرة، ويتمثل بحدوث شيء في الداخل على صعيد التحالفات يخدم العدالة والتنمية، أو تحقيق أردوغان لإنجاز سياسي بارز كالسيطرة على جبال قنديل شمالي العراق‬ في الحرب ضد حزب العمال الكردستاني، فمثل هذه الأمور من شأنها أن تزيد من شعبيته المتراجعة، كما أنها ستمنحه فرصة لتوجيه صفعة للمعارضة”.

واعتبر خورشيد أن المعارضة التركية تفتقر إلى قيادة جماعية وتحالف متماسك، وقائد يتمتع بكاريزما قوية تمكنه من الوقوف في وجه أردوغان، مشددا على ضرورة أن تعيد هذه الأحزاب ترتيب صفوفها.

ووضع خورشيد الاقتصاد على رأس أولويات الناخبين، مشيرا إلى أنه العامل الذي سيكسر شوكة أردوغان في الانتخابات المقبلة، الذي تغنى مرارا بإنجازاته الاقتصادية التي تكذبها الأرقام من زيادة في البطالة والتضخم وانهيار بقيمة العملة الوطنية.

من جانبه أوضح الخبير في الشؤون التركية محمد عبد القادر، أن حزب العدالة والتنمية يواجه مشكلات عديدة علي مستوى القاعدة الشعبية والنخبة السياسية، تجلت نتائجها في خروج عدد من كوادر الحزب وتأـسيس أحزاب جديدة، ما أوضح حالة الضعف التي بات الحزب يعاني منها، والتي كشفت بوضوح مع نتائج الانتخابات البلدية الأخيرة وما صاحبها وتلاها من أحداث وتفاعلات في الشارع التركي.

 وبيّن عبد القادر في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن إجراء انتخابات مبكرة قد يكون العام القادم، لأنها تتطلب إجراءات مسبقة كثيرة، أو بنهاية هذا العام إذا ما استمر التراجع الاقتصادي، واستطاعت أحزاب المعارضة أن تحرز المزيد من التقدم.

ورجح عبد القادر أن نشهد ما وصفه بـ”دورة حزبية جديدة”، لا يلعب فيها العدالة والتنمية الدور الرئيسي، إن استطاعت أحزاب المعارضة “إفراز” قيادات شابة ملهمة وقوية.

واختتم الخبير في الشؤون التركية حديثه بالقول: “استطاعت أحزاب المعارضة بالفعل الوقوف في وجه أردوغان كما أوضحت معركة إسطنبول أثناء الانتخابات البلدية، فرغم التعسف السياسي والإقصاء الإعلامي وتوظيف القانون لصالح العدالة والتنمية، هُزم بن علي يلدريم مرتين، وبفارق أكبر في المرة الثانية”.

ويرزح المواطنون الأتراك تحت وطأة أزمة اقتصادية تسببت في تراجع الليرة التي وصلت الجمعة إلى أدنى مستوياتها منذ منتصف مايو، بعد أن قالت وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني إن البلاد لا تزال تواجه مخاطر تمويل خارجية، وإن دورة تيسيرها النقدي اقتربت من النهاية، وذلك بعد أن قفز التضخم بأكثر من المتوقع.

وأنهت العملة، التي وصلت إلى مستوى منخفض قياسي في السابع من مايو، الأسبوع عند 6.865 مقابل الدولار، وذلك بعد نزول إلى 6.88 في التعاملات المسائية.

وأظهرت بيانات حديثة أن التضخم قفز بأكثر من المتوقع إلى 12.5 في المئة على أساس سنوي في يونيو، ليزداد بعدا عن هدف البنك المركزي، ويدفع المحللين إلى التنبؤ بأن زيادات في سعر الفائدة تلوح في الأفق.

وفي الأسبوع الماضي، علّق البنك على غير المتوقع دورة تيسير مدتها عام تقريبا في مواجهة انخفاض بنسبة 13 في المئة لليرة هذا العام، وهو ما استنزف احتياطيات النقد الأجنبي، والالتزامات الخارجية للبلاد المرتفعة نسبيا، حسبما ذكرت “رويترز”.

skynewsarabia.com