وفي تطور لافت في مستوى التنسيق العسكري والسياسي بين الروس والصينين، أجرت طائرات روسية وصينية تدريبات مشتركة لتسيير دوريات في منطقة آسيا والمحيط الهادىء، وفق ما أعلنت وزارة الدفاع الروسية، الثلاثاء.

وقالت الوزارة في بيان، إن التدريبات المشتركة استمرت 13 ساعة فوق بحر اليابان وبحر الصين الشرقي، وشاركت فيها قاذفات استراتيجية روسية من طراز توبوليف تو-95 وطائرات صينية من طراز شيان-إتش 6.

ويرى خبراء عسكريون أن هذه المناورات التي تمت فيما كان الرئيس الأميركي يعقد قمة مع قادة تحالف كواد، والتي تفسر صينيا كحشد للحلفاء لتطويق الصين ومزاحمتها في مناطق نفوذها التقليدية في جنوب وشرق آسبا وفي عموم منطقة المحيطين الهندي والهادىء، هي تأتي كرد مشترك من موسكو وبكين على التحركات الأميركية في هذا الجزء من العالم.

ما يعني وفقهم أننا أمام تشابك وتداخل معقدين للملفات الدولية الساخنة، ولا سيما ملفي الأزمة الأوكرانية والمواجهة الروسية الأطلسية على وقعها، وملف تايوان والمواجهة الصينية مع واشنطن وحليفاتها في المنطقة كطوكيو وسول.

وللإحاطة بخلفيات ما يحدث وتداعياته، على مجمل المشهد الدولي وتوازناته، لا سيما في منطقة جنوب وشرق آسيا، يقول الخبير العسكري محمد صالح الحربي لموقع “سكاي نيوز عربية”: “لا بد في معرض الحديث عن هذا التطور اللافت ولفهم مقدماته، من الإشارة إلى ما تم في يوم 4 فبراير الماضي، أثناء زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتن للصين واجتماعه مع نظيره الصيني شي جين بينغ، في بكين وإعلانهما حقبة جديدة في العلاقات الدولية، ووضع حد للهيمنة الأميركية، معلنين شراكة بلا حدود بين الجانبين، مشددين على أن موسكو وبكين تعارضان أي توسيع للحلف الأطلسي مستقبلا، وعلى هذا الأساس دعمت بكين مطالبة موسكو بضرورة عدم ضم أوكرانيا لحلف الناتو، ومن جانبها أبدت روسيا دعمها للموقف الصيني المشدد على أن تايوان جزء لا يتجزأ من الصين الواحدة”.

أما بالنسبة للمناورات الحالية بين الصين وروسيا، يقول الحربي :”فهي تمثل على ما يبدو ردا على اجتماع تحالف كواد الرباعي بين الولايات المتحدة والهند وأستراليا واليابان في طوكيو، ولاظهار توازن الردع، ورفضا للمواقف التي أبداها الرئيس الأميركي بايدن، وتصريحه بأن واشنطن ستتدخل عسكريا ضد الصين في حال مهاجمتها لتايوان، رغم أن مساعدي بايدن حاولوا فيما بعد تدارك الموقف، ولهذا فهذه المناورات مؤشر واضح إلى الدعم الروسي للصين في مواجهة الولايات المتحدة، لكن الصين رغم ذلك تبقى حريصة على مراعاة مبدأ التوازن في حلحلة المشاكل والأزمات”.

بدوره يقول الأستاذ في كلية الاستشراق بمدرسة موسكو العليا للاقتصاد رامي القليوبي في حوار مع “سكاي نيوز عربية”: “من اللافت أن هذه المناورات تمثل أول تحليق مشترك للقاذفات الإستراتيجية الروسية والصينية، منذ بدء العملية العسكرية في أوكرانيا، كما لا يمكن قراءتها بشكل منفصل عن زيارة بايدن إلى منطقة جنوب شرق آسيا ولقائه مع قادة دول تحالف كواد الرباعي الذي تعتبره الصين مناهضا لها”.

وتشكل هذه التدريبات أيضا، يضيف الخبير في الشؤون الروسية: “رسالة قوية تؤكد متانة الشراكة الروسية الصينية، رغم الحصار الغربي المفروض على موسكو، وبذلك يتم تبديد المخاوف التي ربما راودت روسيا في بداية العملية العسكرية بأوكرانيا، من أن يتمكن الغرب من استمالة الصين لصف مواجهة روسيا، مثلما حدث في ثمانينيات القرن الماضي حين قاطعت الصين دورة الألعاب الأولمبية في موسكو، وناهضت الوجود العسكري السوفييتي في أفغانستان”.

وأضاف: “لكن الوضع يبدو مختلفا تماما اليوم، لجملة اعتبارات إذ تطمح الصين مثلا أن تحقق أكبر ناتج إجمالي محلي حتى من جهة القيمة الاسمية، وتحتاج لذلك لموارد الطاقة الروسية لدعم قطاعها الصناعي والتكنولوجي، وعلى الصعيد السياسي، فروسيا والصين تتقاسمان الرؤية المشتركة لضرورة إقامة نظام عالمي متعدد الأقطاب، علاوة على أن بكين تدرك أنها قد تكون الهدف المقبل للغرب في حال هزمت روسيا في المواجهة الحالية”.

وردا على المناورات الروسية الصينية، قال جيش كوريا الجنوبية إنه أمر بالإقلاع الفوري لطائرات مقاتلة بعد أن دخلت 4 طائرات حربية صينية و4 روسية على الأقل منطقة الدفاع الجوي الخاصة به يوم الثلاثاء.

أما في طوكيو، فقال وزير الدفاع الياباني نوبو كيشي، إن اليابان أطلقت طائرات نفاثة بعد اقتراب طائرات حربية روسية وصينية من مجالها الجوي الثلاثاء، أثناء استضافة طوكيو لزعماء مجموعة الحوار الأمني الرباعي (كواد) التي تضم الولايات المتحدة.

وهو ما نفته وزارة الدفاع الصينية، الأربعاء، مؤكدة أن الطائرات الروسية والصينية لم تنتهك المجال الجوي لدول أخرى خلال الدوريات المشتركة.

وقال الممثل الرسمي لوزارة الدفاع الصينية وو تشيان، في مؤتمر صحفي: “التزمت الطائرات الروسية والصينية بصرامة بقواعد القانون الدولي ذات الصلة خلال الدورية، ولم تنتهك المجال الجوي لبلدان أخرى”.

وأكد المسؤول العسكري الصيني أن الدورية كانت جزءا من الخطة السنوية للمناورات المشتركة بين البلدين وليست موجهة ضد دول ثالثة.

skynewsarabia.com