وارتبط مقتل إدريس ديبي بعودة بعض المرتزقة الذين كانوا يقاتلون في ليبيا، وانتقال مجموعات مسلحة غير حكومية عبر الحدود “الليبية- التشادية” تدعى “جبهة التناوب والتوافق في تشاد” إلى داخل البلاد، حيث قامت في 11 أبريل، بالتزامن مع إجراء الانتخابات الرئاسية، بشن هجوم مسلح ضد القوات المسلحة التشادية واستولت على مقاطعتي “تيبستي” و”كانيم” شمالي البلاد، قبل أن تنجح القوات التشادية في تحريرهما.

وأعلن الجيش التشادي في 19 أبريل نجاحه في التصدي لتلك الميليشيات مما أسفر عن مقتل أكثر من 300 عنصر مسلح ومقتل 5 وإصابة 36 من الجيش التشادي.

 وعقب إعلان وفاة ديبي تم الإعلان عن حل البرلمان والحكومة، وتشكيل مجلس عسكري لإدارة شؤون البلاد برئاسة محمد إدريس ديبي، نجل الرئيس ديبي والبالغ من العمر 37 عاما، وذلك لمدة 18 شهراً بالإضافة إلى فرض حظر التجول وإغلاق حدود تشاد مع كافة دول الجوار.

إلا أن أحزاب المعارضة ترفض تولي نجل ديبي مقاليد الحكم في البلاد، كما ترفض فكرة توريث الحكم وتطالب بانتخابات ديمقراطية في أسرع وقت، في حين تمكن المرتزقة التشاديين من العودة مرة أخرى إلى تشاد في محاولة منهم لإحداث فوضى أمنية والقيام بانقلاب عسكري ضد السلطة، الأمر الذي قد يدفع البلاد إلى حافة الهاوية والدخول في حرب أهلية.

  تشاد أمام مفترق طرق

من جانبه قال الباحث في الشأن الأفريقي حسن حبيب، في تصريح لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن الأخوة في تشاد أمام مفترق طرق خطير في تاريخهم، وأمام منعطف حاسم والقرار في أيديهم وحدهم دون غيرهم، إما أن يفكروا بطريقة صحيحة بعيدا عن الحسابات الضيقة وينجوا ببلادهم وأهلهم إلى بر الأمان، وأما أن يغلبوا المصالح الشخصية الضيقة على المصلحة العامة وعندها قد تنزلق البلد إلى حرب أهلية طويلة الأمد، ولن يكون هناك رابح بل سيخسر الجميع.

وأعرب حبيب عن أمله بأن يقوم المجلس العسكري الحاكم بفتح حوار مجتمعي واسع يشمل كل الأطراف في البلاد من أجل الاتفاق على صيغة جديدة ومرضية للجميع، لحكم البلاد بصورة ديمقراطية يشارك فيها الكل، ويصل فيها من يصل للحكم عبر انتخابات حرة ونزيهة.

كما أعرب عن أمله في أن يتم وضع كل التدابير اللازمة لجعل الفترة الانتقالية قصيرة قدر الإمكان، متمنيا من المعارضة التشادية أن يكونوا على قدر الحدث، واضعين نصب أعينهم مصلحة بلادهم قبل كل شيء والانخراط في السجال السياسي البناء عوضا عن اللجوء إلى تحقيق الرغبات عبر فوهة البندقية.

 مستقبل غامض

وقد يفتح اغتيال إدريس ديبي الباب واسعا أمام تطورات شديدة الخطورة على مستقبل تشاد وشعبها خاصة أن المتمردين الذين قتلوا ديبي في معارك معهم، مصنفون ضمن جماعات إرهابية ترتبط بالقاعدة وبوكو حرام، وتتنقل عبر الحدود الشاسعة في منطقة صحراوية يعرفون تفاصيلها جيداً.

ويشارك الجيش التشادي في قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في مالي ويعتبر الأكثر خبرة في القوة المشتركة لمجموعة دول الساحل الخمس التي تضم موريتانيا ومالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد.

ورغم إعلان محمد إدريس ديبي عن تعيين 14 جنرالاً قيل إنهم من بين جنرالات الحرب الأعلى كفاءة والأكثر ولاء للرئيس الراحل، ضمن المجلس العسكري الانتقالي، إلا أن ذلك لا يشكل ضماناً للاستقرار والهدوء في الوقت الذي يهدد فيه المتمردون باستئناف الهجوم. 

وعاد حبيب ليؤكد – في تصريح لموقع “سكاي نيوز عربية” – أنه إذا وضع محمد إدريس ديبي نصب أعينه أن مهمته الآن محصورة في إدارة البلاد خلال هذه المرحلة الانتقالية، وأتاح للمعارضة فرصة الحوار البناء خلال هذه الفترة للتفاهم على المرحلة الدائمة، فإن ذلك لن يؤجج الصراع، لو افترضنا جدلا أن كل من ديبي الابن والمعارضة كلاهما حريص على مصلحة البلاد، أما إذا كان كل طرف ينتظر الفرصة للقضاء على خصمه واغتنام الكعكة بمفرده فإن ذلك سيكون له عواقب وخيمة.

وفي ظل إصرار المتمردين على متابعة المواجهة حتى إسقاط العاصمة نجامينا، لا تلوح في الأفق مؤشرات على استقرار قريب في تشاد ولا جوارها، حيث تنشط التنظيمات الإرهابية وتستقطب المزيد من الشباب، فهل تستطيع المرحلة الانتقالية من نزع فتيل الأزمة في البلاد.

skynewsarabia.com