وحفلت وسائل التواصل الاجتماعي بجدل واسع حول هذه النقطة، إضافة إلى تدفق تصريحات مسؤولين غاضبين، حتى وصل الأمر لأن يهدد المستشار السابق في رئاسة الجمهورية، الدكتور حسين مسار، رئيس الوزراء الانتقالي باهيمي باداكي ألبرت، بـ”التحريض على الحكومة الانتقالية إذا لم يتم إجراء التعديل على الفور”؛ ليشمل الناطقين باللغة العربية، لاسيما النساء، واصفا الحكومة بـ”الفاشلة“.

كما دعا المهتمين من المثقفين الناطقين بالعربية إلى “توحيد صفوفهم، والتحدث علانية لمواجهة الحكومة الانتقالية وإجبارها على التعديل”.

على نفس الطريق، عبّر رئيس جمعية آفاق، محمد الحسن، عن رفضه لـ”تغييب الناطقين بالعربية من الحكومة”، مطالبا بتعديل وزاري “في أسرع وقت ممكن“.

تهديد بالتصعيد

وعلى طريق التصعيد، حشد الاتحاد العام لمؤسسات دعم اللغة العربية قواه، وعقد، الثلاثاء، مؤتمرا صحفيا، طالب فيه بإجراء تعديل وزاري يسمح بتعيين “مثقفي العربية” في مناصب وزارية سيادية كاملة بنسبة صحيحة، تتناسب مع حجم ومكانة اللغة العربية في المجتمع التشادي.

وكذلك ضم في مطالبه، “الأخذ بالاعتبار أن النسبة المئوية المخصصة للمرأة التشادية تشمل الكوادر النسائية المؤهلة، سواء باللغة العربية أو الفرنسية”، مشددا على أنها لا يجب أن تكون مقتصرة على الدارسات بالفرنسية.

وأضاف أنه يجب أن تراعى في تكوين المجلس الوطني الانتقالي، “المساواة بين مثقفي العربية ومثقفي الفرنسية، بحسب الكفاءة والمؤهلات العلمية والعملية والتمثيل المتوازن لجميع شرائح المجتمع التشادي”.

وخاطب الاتحاد جميع القوى الوطنية الفاعلة في الساحة، بأن “شعارات الوطنية والتخلص من الوصاية الأجنبية والاستقلال الكامل للبلاد، لا تتحقق إلا بتعزيز مقومات الهوية الوطنية، وفي مقدمتها اللغة الوطنية التي كانت اللغة الرسمية الأولى لكل أبناء الشعب التشادي بجميع انتماءاتهم ومكوناتهم العرقية في كل الممالك والكيانات السياسية، التي كانت قائمة على تراب هذا الوطن منذ ما يزيد على ألف عام”.

ووفق الدستور التشادي، فإن اللغات الرسمية في الدولة هي الفرنسية والعربية، والفرنسية دخلت عبر الاحتلال الفرنسي العسكري القرن الماضي، والعربية دخلت على يد مهاجرين من ليبيا والسودان، وهما دولتان تحدان تشاد من الشمال والشرق.

لذا فأكثر الناطقين بالعربية في هذه المناطق، فيما أكثر الناطقين بالفرنسية في الجنوب الذي كان أكثره يدين بديانات غير الإسلام عند بداية الغزو الفرنسي، مما شكل فرصة لنشر المدارس والثقافة الفرنسية هناك أكثر.

كما ساعدت الطرق الصوفية، ثم دعم من الحكومات العربية متمثلا في المنح الدراسية وغيرها، على نشر اللغة العربية بين من دخلوا الإسلام.

ويشتهر المتحدثون باللغة الفرنسية بأنهم “فرانكفون“، والمتحدثون باللغة العربية بأنهم “عرب فون“، وكل منهما ينتقد الآخر في تبنيه لثقافة وافدة.

“العربفون” ومفاصل الدولة

وأوضح الباحث التشادي علي موسى علي، أنه على الرغم من أن الحكومة الانتقالية تتكون من 40 وزيرا، من بينهم عناصر من المعارضة، فإن معظم الوزارات ظلت في أيدي حزب الرئيس الراحل، إدريس إديبي، أصحاب السطوة في البلد، معتبرا أن التشكيلة أظهرت “تهميشا واضحا للكيانات الناطقة بالعربية”.

وأضاف موسى لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن تلك الكيانات سواء أحزاب سياسية وجمعيات مدنية، “تطالب بالتعديل الوزاري السريع؛ بغية إشراك عناصرها في الحكومة، وتهدد بالتحرك والتصعيد ضد حكومة باهيمي باداكي ألبرت”.

وفي رأي الباحث التشادي، فإن “الشكوى من ضعف وجود الناطقين بالعربية في الحكومة، رغم أن أغلب كياناتهم موالية للنظام الحاكم، يرجع إلى عدم تمكنهم من التغلغل داخل مفصل الدولة العميقة التي يتحكم فيها الفرانكفون، باستثناء أشخاص معدودين أثبتوا وجودهم في أروقة الدولة عبر أحزابهم أو طرقهم الخاصة”.

وانعكس هذا- بحسب موسى- على أن التشكيل الوزاري “راعى في المحاصصة العوامل الجغرافية والحزبية والاجتماعية، ولم يراعِ الناطقين بالعربية، الذين تعودوا ألا تتعدى مناصبهم مستشارا أو منصبا إداريا رفيعا أو عميدا في كلية”.

skynewsarabia.com