وقد ساهم التطور التكنولوجي في تداخل دوام العمل مع الحياة الشخصية بشكل كبير، إذ باتت الإجابة على الرسائل الإلكترونية المتعلقة بالعمل في ساعات المساء، أو إنجاز إحدى مهمات العمل عن بُعد في أيام العطل، أمراً عادياً لدى المدراء وفعلاً مكرهاً لدى الموظفين الذين يواجهون أيضاً طلبات متكررة بالبقاء في الوظيفة بعد انتهاء الدوام.
وهذا بالفعل ما جسدته نتائج استبيان جديد أجراه موقع “بيت.كوم” في منطقة الشرق الأوسط، وأظهر أن أكثر من 50 في المئة المشاركين فيه فكّروا بترك وظيفتهم الحالية لإيجاد توازن أفضل بين حياتهم المهنية والشخصية.
وتقول عُلا حداد، المديرة الإدارية للموارد البشرية في “بيت.كوم”، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، إنه لطالما كان تحقيق التوازن بين الحياة المهنية والشخصية من بين التحديات التي يواجهها المهنيون في الشرق الأوسط لاسيما مع زيادة الانشغالات اليومية، مما يؤدي غالباً إلى زيادة الأعباء المهنية والشخصية، ويؤثر في نهاية المطاف سلباً على حياة الفرد.
وبحسب حداد، فإنه يمكن للموظفين تحقيق التوزان من خلال خلق حدود فاصلة بين العمل والمنزل، فالعمل له وقته والمنزل أيضاً، وبالتالي يجب التحدث بشفافية مع المدير من أجل احترام مواعيد التوقف عن العمل، ووضع أهداف منطقية لتسليم المهام، مشددة على ضرورة تجنب الموظفين هدر وقتهم في العمل، من خلال التحدث مع الزملاء لفترات طويلة وتصفح مواقع التواصل.
وترى حداد أنه يجب على أصحاب العمل إدراك أن خلق بيئة عمل تحترم توزان الحياة المهنية والشخصية للموظفين، يعود بالفوائد على الشركة، حيث أن هذا الأمر يجعل الموظفين منسجمين مع الإدارة وذي إنتاجية أعلى وعلى استعداد لتقديم أكثر مما هو مطلوب منهم.
من جهته، يقول الخبير ومدرّب الموارد البشرية صبحي خواتمي، لموقع “سكاي نيوز عربية”، إنه على كل موظف أن يعرف ما له وما عليه، وأن يوازن بين العمل والحياة، ويتجنب الخلط بينهما، مشيراً إلى أن التوازن بين العمل والحياة يقي من الاحتراق الوظيفي والنفسي، الذي يخلق شعوراً بالإرهاق والتشاؤم وقد يدفع الشخص إلى كره وظيفته.
ويشرح خواتمي أنه عادة ما يخضع العمل الإضافي لقوانين ناظمة، سواء في قواعد العمل أو في النظام الداخلي لكل مؤسسة، ولذلك فإن النصيحة التي توجه لكل شخص هي ضرورة الاطلاع جيداً على النقاط الموجودة في عقد العمل والنظام الداخلي للشركة، قبل قبول الوظيفة وذلك لتفادي أي لبس ممكن أن يحصل لاحقاً حول هذه النقطة تحديداً.
ونوه خواتمي أنه لا يجوز للموظف رفض القيام بأي عمل اضافي، في حال لم يكن هذا الأسلوب نهجاً متكرراً في الشركة، فالأفضل في هذه الحالة القبول به واعتباره فرصة للتطور في الوظيفة، مشدداً على أنه لا يصح القيام بأي عمل إضافي دون أجر إضافي تحت أي حجة.