وفي خضم ذلك التصعيد، يُلوح الرئيس الأميركي جو بايدن بـ”التدخل العسكري” دفاعاً عن مصالح دول حلف الناتو وأمنها، وهو “الخيار الأصعب” في تلك الأزمة، والذي تواجه جملة من التحديات.
تستند الولايات المتحدة في ذلك إلى المادة الخامسة من معاهدة حلف الناتو، التي تم توقيعها في واشنطن في الرابع من شهر أبريل من العام 1949، والتي تتيح اللجوء إلى القوة العسكرية للدفاع عن مصالح الدول الأعضاء في الحلف، في حال الحاجة.
تستند المادة الخامسة إلى القانون الدولي من خلال المادة (15) من ميثاق الأمم المتحدة، التي تعطي الدول -فرادى أو جماعات- حق الدفاع عن نفسها عند أي تهديد.
بينما ينظر محللون إلى تلك التهديدات على كونها جزءا من التصعيد، بينما فرص تحققها عملياً غير واردة، لعدة أسباب، من بينها موقف دول الناتو نفسها من هذا السيناريو.
سيناريوهات
وهو ما يؤكده أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور طارق فهمي، في تصريحات خاصة لموقع “سكاي نيوز عربية”، الذي يشير إلى أن المشهد ما يزال غير واضح، على اعتبار أن أزمة أوكرانيا هي “جزء من كل” وحتى لو لم تكن هناك مواجهة حقيقية، فإن ثمة قضايا أخرى مرتبطة بالشواغل الأمنية وغيرها من القضايا والتي لن يقبل الجانب الروسي التنازل عليها.
ويشدد على أن المؤشرات الحالية تؤكد أنه “لن يكون هناك أي حل عسكري من جانب حلف الناتو”، موضحاً أن كلاً من فرنسا وألمانيا لا تريدان أي حل عسكري، وهو ما يعيق استخدام المادة 5 المذكورة.
ولا يعتقد أستاذ العلوم السياسية بأن عملية حشد جنود أميركيين في شرق أوروبا مؤشر على “السيناريو العسكري”، وذلك لعدة أسباب، أهمها أنها قوات رمزية لن يكون لها أي دور، وهي من الفيلق الأوروبي نفسه، وليست قوات جديدة بما يتطلب موافقة من الكونغرس الأميركي.
المادتان 5 و51
وتنص المادة الخامسة من ميثاق حلف الناتو على أن “أي هجوم، أو عدوان مسلح ضد طرف منهم (من أطراف الناتو) أو عدة أطراف في أوروبا أو أميركا الشمالية، يعتبر عدواناً عليهم جميعاً، وبناء عليه، فإنهم متفقون على أنه، في حالة وقوع مثل هذا العدوان المسلح، فإن على كل طرف منهم، تنفيذاً لما جاء في المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة، عن حق الدفاع الذاتي عن أنفسهم، بشكل فردي أو جماعي، تقديم المساندة والعون للطرف أو الأطراف التي تتعرض للهجوم، باتخاذ الإجراءات الذاتية، بالتعاون مع الأطراف الأخرى، دون تأخير”.
ومن ضمن الإجراءات التي نصت عليها المادة “استخدام قوة السلاح”، التي يُرى أنها لازمة لإعادة الأمن إلى منطقة شمال الأطلسي وتأكيده. ويتم إبلاغ مجلس الأمن دون تأخير، بكل هجوم وعدوان مسلح، وكل الإجراءات المضادة المتخذة تجاهه. ويتم وقف الإجراءات، بمجرد اتخاذ مجلس الأمن للخطوات الضرورية، لإعادة، واستقرار السلام والأمن الدوليين، بحسب نص المادة.
بينما المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة، تنص على حق الدول، فرادى أو جماعات، في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء الأمم المتحدة، وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي.
ترتيبات
وبالعودة لتصريحات فهمي، فإنه يشير في الوقت نفسه إلى أن “هناك ترتيبات حالية تجري بين الولايات المتحدة ودول الناتو من ناحية وروسيا من ناحية أخرى”، مشيراً إلى زيارة المستشار الألماني أولاف شولتس إلى روسيا، والتي من الواضح أنه تم خلالها اتخاذ خطوات -دون أن يتم الإعلان عنها بشكل كامل- وأن برلين ربما نجحت فيما لم تنجح فيه باريس (في الدفع بحلول دبلوماسية)، كما أن هناك حديثاً -غير مؤكد- عن سحب القوات الروسية.
ومع ذلك يرى فهمي أن الأزمة ما تزال قائمة، بينما هناك تنسيق ألماني فرنسي روسي مشترك لمنع أي عمل عسكري، والجانب الأميركي ينتظر نتائج تلك التفاعلات، وهو ما يظهر في مستوى الخطاب الأميركي والروسي، فيما لا تزال شكوك “الخداع العسكري والاستراتيجي” قائمة”.