وقُتل 3 أشخاص وأصيب 33 آخرون، أمس الثلاثاء، جراء تفجيرين استهدفا الشرطة والبرلمان بالعاصمة كمبالا، وصفتهما الشرطة الأوغندية بأنهما “اعتداء”.
قال مساعد قائد الشرطة الأوغندية، إدوارد أوشم: “يمكننا القول إنه اعتداء، لكن تحديد الجهة المسؤولة لا يزال قيد التحقيق”، موضحا أن “الانفجارين وقعا قرب المقر العام للشرطة وقرب مدخل البرلمان، وكليهما في حي الأعمال بالعاصمة”.
وتسبب التفجير قرب مقر الشرطة بتحطّم الزجاج، فيما أدى التفجير القريب من مدخل البرلمان إلى احتراق سيارات متوفقة في الجوار، كما ألغى البرلمان جلسته المقررة الثلاثاء بعد الهجوم، داعيا أعضاءه إلى تجنب المنطقة.
3 تفجيرات في أكتوبر
وشهدت أوغندا 3 تفجيرات الشهر الماضي استهدف أحدثها حافلة، في 25 أكتوبر، عبر هجوم انتحاري نفذه عنصر من “تحالف القوات الديمقراطية“.
وآنذاك، قال الناطق باسم الشرطة فرد اينانغا، في تصريحات صحفية: “لقد تأكد الحادث على أنه هجوم انتحاري قتل فيه المهاجم”، المدرج “على لائحة “الأعضاء المطلوبين” من مجموعة “القوات الديمقراطية”.
وأعلنت الشرطة أن الانفجار الذي وقع في حافلة قرب العاصمة كمبالا، أودى بحياة شخصين على الأقل، وإصابة آخرين، لم تحدد عددهم في حينه.
وجاء هجوم الحافلة غداة تفجير تبنّاه تنظيم داعش استهدف مطعما في العاصمة الأوغندية أسفر عن قتيلة وثلاثة جرحى، ووصفه رئيس البلاد يوري موسيفيني بـ”العمل الإرهابي” وسبقهما ثالث مطلع الشهر ذاته.
شرق أفريقيا
ومنذ خسر “داعش” وجوده وتبددت أحلام قيام دولته المزعومة في العراق وسوريا، تحولت توجهاته إلى محاكاة القاعدة ومنافستها في نشر خلاياه في العالم لخلق دولة افتراضية عبر أنصاره.
ولطالما كانت المنطقة الشرقية من جمهورية الكونغو الديمقراطية معقلا لنشاط الإرهاب، بشكل ينسحب على جيرانها في رواندا وبروندي وأوغندا.
ومن بين أكثر المجموعات نشاطا في المنطقة تحالف القوى الديمقراطية الناشط في أوغندا، وتأسست هذه الحركة الإرهابية في تسعينيات القرن الماضي، وانشغلت بشكل أساسي بالمشاكل الداخلية في أوغندا، وبعد طردها إلى الكونغو، اتخذ نشاطها طابعا إرهابيا عالميا، وزادت الهجمات التي تشنها باسم تنظيم داعش.
نشأة الحركة الإرهابية
تأسس تحالف القوى الديمقراطية في شمال أوغندا، على يد مجموعة من ضباط الجيش السابقين الموالين للزعيم القوي السابق عيدي أمين، وحمل التحالف السلاح ضد الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني، بدعوى الدفاع عن اضطهاد الحكومة للمسلمين، وبعد هزيمته على يد الجيش في عام 2001، انتقل إلى مقاطعة شمال كيفو في الكونغو.
وبعد فترة من النشاط المحدود، عاد تحالف القوى الديمقراطية للظهور في 2014 بمجموعة من الهجمات التي تستهدف مواطني الكونغو.
وأصبح “موسي سيكا بالوكو” قائدا للتحالف عام 2015، بعد اعتقال سلفه جميل موكولو، وفي عام 2016، أعلن الولاء لتنظيم داعش، لكن التنظيم لم يعترف بنشاط التحالف في المنطقة حتى أبريل 2019، بعد تبني هجوم على مواقع للجيش قرب حدود أوغندا، وكان هذا بمثابة إعلان عن “ولاية وسط أفريقيا” التابعة للتنظيم الإرهابي، التي ضمت موزمبيق لاحقا.
سلسلة من الجرائم
ووفق تقرير للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، في يونيو الماضي، فإن تحالف القوى الديمقراطية قتل حوالي 200 مدني، وتسبب في نزوح حوالي 40 ألف شخص في بيني منذ يناير 2021، كما استهدف أهدافا حكومية وأممية.
وأبرز هذه الهجمات حتى الآن وقع في أكتوبر 2020، عند اقتحام سجن في بيني أدى إلى هروب أكثر من 1000 سجين.
وهذا التوسع، بجانب التوسع في غرب أفريقيا، هو جزء من التوجه نحو أفريقيا بعد هزيمة داعش في معاقله في الشرق الأوسط.
تحالفات لتوسيع النفوذ
الباحث السوداني في الشؤون الأفريقية، عبد القادر كوير، قال إن التنظيمات الإرهابية تعودت أنها قد تخسر المعركة ولكنها لا تخسر الحرب وهو ما يجري حاليا حيث فرت عناصر التنظيم إلى قلب أفريقيا.
وأضاف “كوير”، في تصريحات لـ”سكاي نيوز عربية”: “بعد خسارة داعش موقعه في سوريا والعراق، بات يبحث عن إعادة تموضع في أفريقيا التي تتوفر بها كافة المقومات لتثبيت وجوده”.
وعبر عن تخوفاته من أن تحتضن المنطقة تحالفات لداعش مع تنظيمات إرهابية أخرى مثل بوكو حرام ويصبح الشريط الممتد من الصومال مرورا بكينيا وتنزانيا، وأوغندا والكونغو ورواندا حتى بحيرة تشاد هي الساحة الجديدة لداعش بعد هزيمته في سوريا والعراق.
تمركزات ضخمة
الكاتب والباحث المصري المتخصص في حركات الإسلام السياسي، مصطفى زهران، قال إن داعش بعد خسارة الموصل والرقة انتقل بتمركزات ضخمة إلى قلب أفريقيا، مشيرا إلى أن القارة السمراء تشهد منذ أكثر من عامين صعودا إرهابيا وتنافسا بين القاعدة وداعش.
وأضاف زهران، في تصريحات لـ”سكاي نيوز عربية”، أنه بمتابعة دورية للصحيفة الإعلامية لتنظيم داعش نجد الإعلان عن عشرات الاستهدافات في شرق وغرب أفريقيا.
استنساخ نموذج الرقة والموصل
واعتبر أن سقوط المدن مثلما “بالما” الساحلية في مقاطعة كابو ديلجادو، شمال موزمبيق، سيصبح أمرا تقليديا ومرجح حدوثه في أكثر من جغرافية، قائلا: “نموذج الرقة والموصل أصبح من السهل استنساخه في أفريقيا” جراء عدة أمور أبرزها واقع سياسي هش أنظمة تعايش جملة من التحديات والتحولات وكثرة الانقلابات العسكرية كما في مالي أو غيرها.
وأكد على أن الحالة الاجتماعية المترهلة في قلب أفريقيا تجعلها بيئة خصبة لنمو التطرف وتعي التنظيمات الإرهابية ذلك وتعمل من خلال توظيف هذه السياقات بإعادة تموضعها مجددا في جغرافيات أخرى.
وحول انضمام “تحالف القوات الديمقراطية” لداعش، قال زهران إن الواقع الاقتصادي المرتبك للحركات الصغيرة يدفعها نحو الانضمام تحت لواء التنظيمات الإرهابية الكبيرة كونها ذات تمويل وموارد مالية مستقرة وأنظمة إعلامية قوية ونفوذ أوسع كما هو الحال أيضا مع “أنصار السنة” في موزمبيق التي انضمت لداعش.