وأشارت الدراسة إلى تزايد معدلات القلق من قيام تيار الإسلام السياسي في فرنسا بتكوين مجتمعات وغرس أفكار متطرفة تفصلهم عن قيم الجمهورية الفرنسية.
فمنذ الهجمات الإرهابية عام 2015، واجهت فرنسا سلسلة من هذه الهجمات من قبل متطرفين، كان آخرها حادثة المعلم “صموئيل باتي” في أكتوبر 2020.
وتستحدث الحكومة الفرنسية مجموعة من القوانين والإجراءات على المدى القصير والمتوسط للتصدي لأجندات تيارات الإسلام السياسي.
وتسلط الدراسة الضوء على عدة تحذيرات استخباراتية، أبرزها، تحذير “جون برنار بيناتل” المسؤول السابق في مكتب الاستخبارات والعمليات لفرقة المظلات الحادية عشرة، من مخاطر وتهيدات تنظيم “الإخوان” على الأمن الفرنسي.
وأكد برنار أن تنظيم الإخون استطاع ترسيخ صورة ذهنية سلبية في أوروبا عن المجتمع الإسلامي دون التفريق بين المسلمين السلميين والإخوان الذين لديهم أجندة سياسية.
وتقول الدراسة: “أصدرت الهيئات الثلاث المقربة من الإخوان وهي “اللجنة التنسيقية للمسلمين الأتراك في فرنسا”، و”الاتحاد الإسلامي مللي غوروش في فرنسا”، وحركة “إيمان وممارسة” المتشدّدة، بيانا مشتركا ندّدت فيه بما اعتبرته “فقرات وصياغات في النصّ من شأنها أن تضعف أواصر الثقة بين مسلمي فرنسا والأمة”.
ويعمل ممثلو تيارات الإسلام السياسي المتنفذين داخل الهيئات الممثلة للمسلمين في فرنسا على إعاقة التوافقات، ومن ورائها الخطة الفرنسية لمكافحة الانفصالية.
وكشف تحقيق استقصائي في 13 ديسمبر 2020 اختراق البلاد عبر شبكات وشخصيات للتأثير على المجتمع الفرنسي، ونشر التطرف والفوضى وزرع النزعات الانفصالية. وذلك عبر أذرع تركيا في فرنسا.
ويقول “جوليان مارتيناز” المستشار البلدي في مدينة “أويونا” إن “أحمد جيتين” فرنسي من أصل تركي معروف في الأوساط السياسية المحلية، فقد سبق له أن ترشح للانتخابات التشريعية عام 2017 والانتخابات البلدية في 2020 في المدينة، ودعا بوضوح إلى التصويت على أساس العرق والدين، مطالبا الأتراك والمسلمين بالتصويت له.
تفريخ المتطرفين وتشكيل دولة الخلافة
ووجدت الدراسة الحديثة أن بعض الطلاب الذين درسوا في “مدرسة الأئمة” المقربة من تنظيم الإخوان أصبحوا مقاتلين ومن بينهم “رضا حامي” الذي تم تجنيده في سوريا لاستهداف قاعة حفلات وتم القبض عليه قبل أشهر من الهجوم على مسرح “باتاكلان” في باريس في عام 2015.
كما تخرجت من المعهد “إيناس مدني” التي حكم عليها بالسجن 30 سنة لمحاولتها تفجير سيارة أمام كاتدرائية نوتردام في باريس في سبتمبر 2016. فيما غادر البعض من الطلاب الآخرين فرنسا لينضموا إلى جبهات القتال في سوريا.
وحذّر تقرير لمجلس الشيوخ الفرنسي في 12 يوليو 2020 من مؤيدي تيار الإسلام السياسي. وأكد التقرير أن هذا التيار يسعى حاليا إلى السيطرة على الإسلام في فرنسا من أجل “إنشاء الخلافة”، ويُغذّون في بعض المدن “نزعة انفصالية” خطيرة.
وتقول السيناتورة جاكلين أوستاش برينيو “يجب التحرك سريعا” لأن “كل مناطق فرنسا صارت متأثرة اليوم، باستثناء غرب البلاد وإلا ففي غضون سنوات قليلة، قد تخرج بعض من هذه المناطق والأحياء من الجمهورية عن السيطرة”.
تركيا متورطة بدعم الإرهاب
ووفق الدراسة، تسيطر تركيا على المئات المساجد في فرنسا، وتدفع الحكومة التركية رواتب أئمة 150 مسجدا، وتدرب أنقرة الأئمة على أراضيها بهدف السيطرة على معارضي الحكومة التركية فضلا عن التأثير على الداخل الفرنسي.
كما كثفت تركيا من دورات اللغة التركية في فرنسا واستغلتها لتحويلها إلى دروس دينية تخدم مصالحها وأجندتها السياسية.
كما ترسل تركيا مدرسين أتراك إلى المدارس العامة الفرنسية، كجزء من نظام يسمى “اليكو”، مما يخول لها تعليم اللغة التركية في المدارس الرسمية، ويستهدف حوالى 14 ألف تلميذ في المرحلة الابتدائية.
هذا وتوسعت أنشطة حزب الله في فرنسا ولم تعد تقتصر على الأفكار التي يصدرها إلى هناك فقط، بل امتدت إلى مجالات أخرى أيضا، أكثر خطورة.وهناك حضور ديني قوي لحزب الله في فرنسا عبر جوامع ومراكز ثقافية مرتبطة بحزب الله. ففي “غراند سينت”، شمالي البلاد، لطالما كان مركز الزهراء مكشوفاً في نشاطاته. كما أن مدير المركز”يحيى قواسمي” لم يخف يوماً دعمه للحزب.
ويقول خبراء فرنسيون إن فرض قيود على إيفاد أئمة من دول أجنبية بهدف القضاء على خطر الانعزالية هو خطوة ضمن خطة تم إعدادها وتنفيذها منذ أكثر من عام لمحاصرة نشاط التنظيمات الدينية السياسية، وخاصة تنظيم الإخوان المسلمين الذي يعمل على التأثير في الحياة السياسية في فرنسا وأوروبا.
ويقول جاسم محمد رئيس المركز في تصريح لـ”سكاي نيوز عربية”، إن السلطات الفرنسية ترفض “استغلال” الإسلام لأغراض سياسية في حملة ضد المساجد والجمعيات المتطرفة التي تدعمها تيارات الإسلام السياسي.
وأكد أنه ما زالت شريحة كبيرة من السياسيين وقادة الرأي في فرنسا تنظر إلى هذه الإجراءات على أنها ليست كافية وأن غاياتها الأساسية انتخابية بحتة بالنسبة إلى الرئيس إيمانويل ماكرون رغم المجهودات الحكومية في محاربة التطرف وحواضنه الأيدولوجية والتي باتت أكثر صرامة إثر ذبح المدرس “صامويل باتي” على يد متطرف من أصول شيشانية.