وجاء الاتهام الإسرائيلي بعد ساعات على إعلان الجيش الأميركي عن إسقاط طائرتين مُسيرتين إيرانيتي الصُنع بالقُرب من مطار أربيل الدولي، بعدما حاولتا استهداف القاعدة والقنصلية الأميركية الواقعتين بالقرب من المطار.
ومن شأن هذه الحادثة أن تزيد من الإقبال على هذا السلاح الجديد، أي المسيرات التي صارت متاحة بوفرة لعشرات الميليشيات بسبب التوجهات الإيرانية.
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي يلقي محاضرة جامعية أثناء تصريحاته، فذكر أن إيران تحاول نقل المعرفة بهذه الطائرات إلى فصائلها، لتكون قادرة على استخدامها محلياً، بما في ذلك صناعتها.
وأضاف أن ما تقوم به إيران يمس الأمن القومي الإسرائيلي، مثلما تشكل باقي الفصائل المقربة من إيران خطراً في بلدان وجودها، في العراق وسوريا ولبنان واليمن.
وتأتي تصريحات الوزير الإسرائيلي، وما سبقها من إعلان أميركي، في وقت يُنتظر فيه أن تتخذ القوى العالمية خطوات عقابية تجاه إيران، بعد اتهامها بشن هجمة عسكرية عبر طائرات مُسيرة على ناقلة النفط المدنية “ميرسر ستريت” في المياه الدولية لبحر العرب في شهر يوليو الماضي، والمملوكة لرجل أعمال إسرائيلي. الأمر الذي اُعتبر تجاوزاً لكل الأعراف والقوانين المنظمة لحرية الملاحة وسلامة التجارة العالمية.
“رأس الجسر”
وعادة ما ترفض إيران اتهامها بشن هجمات عن طريق الطائرات المُسيرة، لكن المراقبين يؤكدون إن آلية عمل إيران في ذلك الإطار تعتمد على “نظرية رأس الجسر” الأمنية، حيث تختلق إيران جهة عسكرية فاعلة، ثم تدربها وتدفعها لتنفيذ مثل تلك الهجمات، لإبعاد الشبهة عن نفسها، ولو رسمياً وعلنياً فحسب.
الباحث المختص والمتابع للشؤون الإيرانية، همبر سليم، شرح في حديث مع “سكاي نيوز عربية”، الدور الإيران في إخراج هذا السلاح الجديد من أعرافه الانضباطية في المنطقة كما قال، وتأثير ذلك على تحوله إلى وباء غير قابل للإحاطة.
وأردف الباحث “حينما أُنتجت الطائرات المُسيرة في البُلدان الصناعية، فإنها أفرزت أعرافها الذاتية، مثل حصرية امتلاكها من قِبل وزارات الدفاع الحكومية، والحرص على عدم تسربها للتنظيمات المتطرفة، إضافة إلى اقتصار استخدامها على الحروب الجارية بين الجيوش وليس في مواجهة المدنيين أو المصالح التجارية العالمية. لكن إيران لا تلتزم بأي تفصيل من ذلك، وكل استراتيجيتها تسير نحو تحويل هذا السلاح إلى أداة إرهاب وابتزاز لا توفر شيئاً، وذلك عبر منحها لفصائل وقوى غير منضبطة بأي شكل”.
مساع لردع إيران
يتابع سليم حديثه مع “سكاي نيوز عربية” قائلاً “كل تفصيل في تحركات دول المنطقة تدل على سعيها لحماية نفسها وكبح السلوك الإيراني. فتركيا رصدت ميزانيات ضخمة لتطوير ترسانتها من هذا السلاح، وكذلك أعلن الجيش الأميركي تأسيس وحدة جديدة في أسطوله البحري الخامس في منطقة الخليج العربي، اختص بالطائرات المسيرة، والعديد من دول المنطقة تسعى للحصول على تقنيات المراقبة وإسقاط تلك الطائرات قبل وصولها لأهدافها، ودون شك ستسعى لأن تمتلك ما يُمكن أن يردع النهج الإيراني”.
وكان قائد القيادة المركزية الوسطى في الجيش الأميركي، الجنرال كينيث ماكنزي، قد عبر في أوائل شهر أبريل الماضي عن هواجس الجيش الأميركي من تحولات نوعية التسلح الخاصة قائلا “إن الشرق الأوسط أصبح مثالاً لإثبات انتشار وتوظيف أنظمة الأسلحة غير المأهولة، والعديد منها ينطلق من إيران”.
المتابعون العسكريون يُجمعون بأغلبيتهم على أن مساعي إيران لنقل الطائرات المُسيرة هو جزء من استراتيجية إيران غير المتكافئة للتعويض عن ضعفها العسكري في مجالات التسلح الأخرى، بما في ذلك سلاح الطيران.
معهد السلام الأميركي نشر تقريراً مفصلاً كتبه الخبير أندرو حنا عن تاريخ المساعي الإيرانية لنشر هذه التكنولوجيا العسكرية في عدد من دول المنطقة، وأكد أن هذه التوجهات لم تعد بحاجة لتمحيص وإثبات “منذ عام 2004.
وأورد التقرير أن إيران قدمت طائرات بدون طيار أو مكونات أو تصميمات منها لوكلائها في أربعة مواقع على الأقل؛ هي لبنان والعراق واليمن وغزة “تختلف صادرات طهران من الطائرات بدون طيار من حيث المهمة والمدى والقدرات. يمكن لأقصر مدى لهذه الطائرات أن يكون 15 كيلومترا فقط، في حين أن الأطول يمكن أن يصل إلى 1700 كم. تسمح بعض الطائرات المسيرة لحلفاء إيران بالتجسس على الأعداء، بينما يستخدم البعض الآخر لشن هجمات منخفضة التكلفة من مسافة بعيدة”.