وتجلى الصراع في اشتباكات بين التنظيمين، هي الأولى من نوعها في المنطقة التي تعد مناطق نفوذ لجماعة “نصرة الإسلام والمسلمين“، فرع تنظيم القاعدة في الصحراء الكبرى، والمكونة من اندماج 5 جماعات محلية.
وفي 28 يناير، اندلعت اشتباكات عنيفة بينهما في “تين اكوف” شمال شرق بوركينا فاسو على الحدود مع مالي، امتدت شرقا إلى قرية “بكل” في تيسي على حدود مالى مع بوركينا فياسو بوركينافاسو، بعد وصول دعم كبير من “نصرة الإسلام والمسلمين” التي يقودها الإرهابي المطلوب دوليا “أياد أغ غالي”.
وشن عناصر “نصرة الإسلام والمسلمين” عمليات تهجير للسكان بتهمة الولاء لداعش، وفرضوا حظر تجوال وسط اشتباكات جرت 3 و4 فبراير، وسيطروا على وادي “تاندريويل” حتى “تين درنجيتن”، وهو ما اضطر داعش للانسحاب.
وفي 5 فبراير، هاجمت جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” قرية توباني على الجبهة الشمالية لبلدية تسيت، وقتلت 4 من قبيلة الفولان بتهمة الولاء لداعش، واختطفوا زعيم المنطقة، واستولوا على الماشية وأنذروا السكان لإخلاء منازلهم.
وامتدت الاشتباكات بين فرع القاعدة وداعش إلى غرب قرية” هورارا” 5 و6 فبراير.
وينشط داعش في الصحراء الكبرى بشكل أساسي في منطقة تيلابيري جنوب غرب النيجر، وفي ميناكا أقصى شمال شرق مالي، ومناطق “سوم وأودلان” شمال بوركينا فاسو.
زيادة الإرهاب
منذ عام 2012 تواصل الجماعات الإرهابية في الساحل والصحراء تنفيذ عقيدتها في الغزو والتمدد، مستغلة الروابط مع السكان والمعارك الشرسة ضد خصومها، وعلى رأسهم داعش.
ووفقا لتقرير مركز إفريقيا للدراسات الاستراتيجية (مقره واشنطن) في يناير، فإن بوركينا فاسو ومالي وغرب النيجر شهدت زيادة العمليات الإرهابية بنسبة 10% في 2021، مسجلا 5500 عملية عنف وإرهاب، وبلغ ضحايا عمليات “نصرة الإسلام والمسلمين” 12700 حالة وفاة، واتسع نطاق العنف جغرافيا باتجاه بوركينا فاسو التي تمثل 58% من عمليات العنف في الساحل.
ومنذ 2017 شهدت مالي 935 عملية إرهابية بينها 318 منذ يناير 2021، واحتجز الإرهابيون رهائن من مالي ودول مجاورة لطلب الفدية التي تشكل مصدرا لتمويلها، بحسب معهد الدراسات الأمنية (ISS)، ومن أشهرها اختطاف الراهبة الكولومبية غلوريا سيسيليا نارفايز عام 2017، والصحفي الفرنسي أوليفييه دوبوا 2021 ، وطال الاختطاف رؤساء القرى وزعماء العشائر والصحفيين وموظفي الحكومة.
صراع الزعامة
ويرى باحثون أن اشتباكات القاعدة وداعش في الصحراء الكبرى جزء من صراع التنظيمات الإرهابية على النفوذ حول العالم، من أفغانستان شرقا إلى موريتانيا غربا.
وتكتسب منطقة الصحراء والساحل أهميتها من كونها من أكبر مصادر التمويل المعتمد على التهريب والسطو والفدية.
ويقول الباحث في “مركز راند” الأميركي للاستشارات الأمنية، مايكل شوركين، لموقع “سكاي نيوز عربية”: إن تصاعد الصراع هناك إنذار قوي للحكومات والدول الداعمة لها، خاصة وأن جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” تهدف للسيطرة على شمال ووسط مالي.
وفسر شوركين تصاعد صراع داعش والقاعدة بأن الأخيرة لا تريد منافسا أيديولوجيا في المنطقة التي تتسع أمامها مع تراجع وجود القوات الفرنسية.
وتعتمد جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” في تثبيت قدميها والتمدد على أن مكوناتها من السكان المحليين، عكس داعش الذي تكثر فيه العناصر الأجنبية قليلة الخبرة في تضاريس وظروف المنطقة، وضعيفة العلاقات مع السكان.