وجاء تغيير أسماء تلك الشوارع والساحات في كييف بعد يوم واحد فقط من احتفال أوكرانيا بمرور 31 عاما على استقلالها، والذي تزامن مع ذكرى مرور نصف عام على بدء الحرب بينها وبين روسيا في 24 فبراير الماضي.
تولستوي وماركس.. القائمة تطول
وهكذا تقرر تغيير أسماء شوارع في العاصمة الأوكرانية تحمل أسماء كتاب وأدباء روس كبار مثل ألكسندر بوشكين وليو تولستوي وأنتون تشيخوف وإيفان تورغينيف وميخائيل ليرمونتوف.
ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل امتد ليطال فلاسفة ومنظرين شيوعيين كبار ليسوا روسا، كالألمانيين كارل ماركس وفريدريك إنغلز، اللذين سميت شوارع كثيرة باسمهما في جميع أنحاء الاتحاد السوفييتي السابق ودول المنظومة الشيوعية آنذاك.
لندن بدل موسكو
وتشمل قائمة الأسماء الأخرى التي تم تغييرها أسماء القادة العسكريين السوفييت خلال الحرب العالمية الثانية، بالإضافة لشوارع سميت على أسماء مدن روسية مثل موسكو وروستوف وماغنيتوغورسك، فيما تم إطلاق اسم العاصمة البريطانية لندن، على أحد شوارع كييف وفق التسميات الجديدة.
فأعيد مثلا تسمية شارع كان يحمل في السابق لقب وزير دفاع سوفييتي، ليصبح اسمه كتيبة آزوف التي ارتبط اسمها خاصة بالحصار الروسي لمصنع آزوفيستال على مدى شهرين في مدينة ماريوبول.
كما أزيل اسم الكاتب الروسي ميخائيل بولغاكوف، أحد أعظم الكتاب في الاتحاد السوفييتي السابق، المطلق على أحد شوارع كييف رغم أنه مولود فيها.
ويرى مراقبون أن مثل هذه الإجراءات من شأنها تجذير الصراع بين البلدين، وتوسيعه ليطال مستويات إنسانية وفكرية وثقافية، خاصة وأن ثمة تداخلا عرقيا ولغويا وثقافيا وتاريخيا متينا بين الروس والأوكرانيين.
فيما يرى آخرون أن من حق كييف التخلص من تركة الحقبة السوفييتية وما كانت تبطنه من هيمنة روسية وبمختلف رموزها، خاصة وأنها تخوض منذ 6 أشهر حربا وجودية مع موسكو.
قرارات للفت الأنظار
وتعليقا على هذه القرارات الأوكرانية ودلالاتها الثقافية والسياسية، يقول الكاتب والباحث المختص في الشؤون الأوروبية والدولية ماهر الحمداني، في حديث مع موقع “سكاي نيوز عربية”: “هذه الخطوة من قبل كييف لم تعد مشابهة لخطوات مماثلة لها سبق واتخذتها هي وبعض الحكومات الأوروبية بعد اندلاع الحرب بينها وبين موسكو، من قبيل منع تدريس اللغة الروسية بالمناهج الأوكرانية ومنع الكتب الروسية بالمكتبات، أو تغيير أسماء لوحات فنية روسية وحظر الأدب الروسي وغيرها من خطوات كان هدفها الأول الحشد والتعبئة القومية في أوكرانيا ضد الروس”.
لكن ما يحدث الآن، يضيف الحمداني: “مرده أن الحكومة الأوكرانية تحاول التذكير بوجود حرب بينها وبين روسيا، كون الموضوع بات يحوز اهتماما أقل بمرور الوقت حول العالم، بعكس الأشهر الأولى من اندلاع تلك الحرب، وهكذا فكييف تحاول لفت الأنظار لخلافها مع موسكو حيث أن وتيرة المعارك تخف نسبيا، ولهذا هي تسعى لإعادة الزخم للموضوع عبر إثارة هكذا خطوات دعائية حول قضايا ثقافية وحساسيات تاريخية، بما يمنح فرصة لإعادة الحدث الأوكراني للواجهة ولصدارة الأحداث”.
ويستدرك الخبير بالشؤون الدولية قائلا: “لكن الواقع أن ردود الفعل الشعبية في أوروبا وكذلك في أوكرانيا، حيال مثل هذه الممارسات التمييزية ضد رموز الثقافة والأدب الروسيين، أثبتت أن هذا التحشيد المحموم ضد الروس ككل لم يفلح، حيث تعالت أصوات أوروبية وأوكرانية منددة بها وتدعو للتمييز بين الأمة والثقافة الروسيين وبين القيادة الروسية”.
حلقة في سلسلة
من جهته، يقول الباحث الخبير في الشؤون الروسية والأوكرانية تيمور دويدار، في لقاء مع موقع “سكاي نيوز عربية”: “مع الأسف هذه القرارات هي مجرد حلقة في سلسلة من سياسات التمييز ضد الروس بأوكرانيا ومحاولة طمس كل ما هو روسي فيها على مدى نحو 3 عقود، لدرجة تغيير أسماء مدن بأكملها في السابق وليس شوارع فقط كما يتم الآن”.
وأضاف: “فمثلا تم تغيير اسم مدينة نيبروبتروفسك إلى نيبر كون اسمها الأصلي كان يرمز للقيصر الروسي بطرس الأول، وقس على ذلك”.
هذا وكتب رئيس بلدية كييف فيتالي كليتشكو، تعليقا على القرار عبر تطبيق تليغرام: “الأسماء الجديدة يجب أن تخلد ذكرى الأحداث التاريخية المهمة لأوكرانيا، وكذلك الشخصيات والأبطال المشهورين الذين مجدوا أوكرانيا وقاتلوا من أجل استقلال دولتنا”.