ومن المقرر أن يلقي نحو 150 من الزعماء أو رؤساء حكومات، خطابات أثناء الاجتماع السنوي الذي ينعقد حضوريا للمرة الأولى بعد عامين من عقده عن بعد، جراء أزمة جائحة كورونا.
تاريخيا، كانت شهدت منصة الجمعية العامة ذات المنبر الرخامي، في الثمانين عاما الماضية، العديد من الخطابات التي لا تُنسى مهما مضى الزمن، لتُسجل مواقف حاسمة، أو علامات على منعطفات في العلاقات الدولية.
كاسترو.. الخطاب الأطول
في عام 1960، كان الخطاب الأول للزعيم الكوبي فيدل كاسترو في الأمم المتحدة، حيث سجلت كلمته المدة الأطول على الإطلاق خلال دورات الجمعية العامة التي تنعقد سنويا، بتوقع أربع ساعات ونصف.
حينها أطلق كاسترو على خطابه اسم “فلسفة الحرب ستزول بعد زوال فلسفة النهب”، مستعرضا أهداف الثورة الكوبية. كما شن هجوما حادا على الرئيس الأميركي حينها جون كينيدي، حيث وصفه بـ”الجاهل”، بجانب تحذير واشنطن من مهاجمة “كوبا الثورية“.
ووفق مجلة “فورين بوليسي”، فإن كاسترو قدم في التجمع الأممي ذكرى غريبة، عبر الاحتفاظ بالدجاج حيا في غرفته بالفندق.
خروتشوف.. واقعة الحذاء
كما شهدت الدورة الـ15 للجمعية العامة للأمم المتحدة التي عقدت عام 1960، واقعة غريبة بطلها زعيم الاتحاد السوفيتي السابق، نيكيتا خروتشوف، في واحدة من أكثر اللحظات شهرة في الحرب الباردة، عندما نزع حذاءه وضرب به بقوة على منبر الجمعية العامة.
وجاء تصرف خروتشوف اعتراضا على خطاب رئيس الوفد الفلبيني، لورينزو سومولونج، حين هاجم السياسة الخارجية للاتحاد السوفيتي وتصرفاته في منطقة شرق أوروبا “الاستعمارية” وفق تعبيره، بعد مناقشة حادة مع الكتلة الغربية حول الصين الشعبية والفلبين.
وأصبح هذا التصرف مثالا كلاسيكيا على خطابه، الذي شهد تحذيرا متهورا وإطلاق سيل من الشتائم لرئيس الوفد الفلبيني، قائلا: “سندفنك“.
جيفارا.. الموت أو الوطن
في ديسمبر 1964، ألقى الثائر تشي جيفارا خطابا أمام الجمعية العامة، مدافعا فيه عن حقوق الضعفاء، منتقدا قدرة الأمم المتحدة على مواجهة السياسة “الوحشية ونظام الفصل العنصري” في جنوب إفريقيا، و”سوء معاملة الإمبريالية للهنود الحمر”، في إشارة للولايات المتحدة.
وفي نهاية خطابه، أطلق جيفارا صيحته اللاتينية “الأرض أو الموت”، دليلا على استمراره في ثورته، لينهي خطابه بتصفيق حاد.
وصرح جيفارا خلال تواجده في مقر الأمم المتحدة بتعرضه لمحاولتي اغتيال فاشلتين.
عرفات.. الغصن
خطابات الزعماء العرب كانت حاضرة أيضا من بين أبرز الكلمات على مدار اجتماعات الجمعية العامة، ففي عام 1974، ألقى ياسر عرفات، الزعيم السابق لمنظمة التحرير الفلسطينية، خطابا بعدما تمت دعوة المنظمة لأول مرة بناءً على طلب حركة عدم الانحياز.
وفي خطابه، دعا عرفات إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة، قبل أن يطلق تحذيره الشهير: “لا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي”.
تشافيز.. هجوم حاد على بوش
وفي الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2006، صعد هوغو تشافيز، زعيم فنزويلا آنذاك، إلى المنصة في اليوم التالي لإلقاء الرئيس الأميركي آنذاك جورج دبليو بوش أمام الجمعية، حيث شرع في وصف الأخير مرارا بأنه “الشيطان”.
ووصفت شبكة “سي إن إن”، تشافيز بأنه “الرئيس المسرحي الذي طالما أحب الأضواء التي توفرها الجمعية العامة، وأنه اعتاد على استخدام خطاباته لتوصيل كتب لمؤلفين يساريين بارزين، مثلما حدث عندما رفع كتابا للبروفيسور الأميركي نعوم تشومسكي”.
القذافي.. وتمزيق الميثاق
كعادته، أثار الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي الجدل، وأصبح محور حديث حضور الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2009، والتي شهدت ظهوره الأول في خطاب بلغت مدته 96 دقيقة، بعد تقديم نفسه على أنه “ملك الملوك“.
وأطلق القذافي العديد من التصريحات التي تطرقت لأشياء مختلفة، بداية من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى اغتيال الرئيس الأميركي جون كينيدي.
واتهم القذافي الولايات المتحدة بتطوير إنفلونزا الخنازير، كما بلغ هجومه مداه على مجلس الأمن الدولي، قبل أن يمزق ميثاق الأمم المتحدة تعبيرا عن غضبه.
الجدل بشأن الزعيم الليبي الراحل لم ينته عند هذا الحد، حيث تم رفض محاولاته لإقامة خيمة بدوية في عدة مواقع في منطقة نيويورك، قبل أن يشكل أخيرا معسكرا في الفناء الخلفي لأرض تابعة للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
نتانياهو.. قنبلة وخط أحمر
كانت كلمة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، في الجمعية العامة عام 2012، مثار متابعة من وسائل الإعلام الدولية، حينما دعا الأمم المتحدة إلى رسم “خط أحمر واضح” لوقف تطوير إيران للأسلحة النووية.
وخلال خطابه، كشف نتانياهو عن مخطط رسمت عليه قنبلة ذات فتيل، مقسمة إلى أجزاء مختلفة، ورسم خط أحمر دلالة على تخصيب اليورانيوم بنسبة 90 بالمئة.
وقال: “يجب رسم خط أحمر هنا، قبل أن تكمل إيران المرحلة الثانية من تخصيب اليورانيوم اللازمة لصنع قنبلة“.
نجاد.. وكلمات عدائية
وعلى نفس المنوال في عامي 2010 و2011، تسبب خطاب الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد إلى انسحاب مندوبين من الدول الغربية. وادعى حينها أن الولايات المتحدة ساعدت في تنظيم هجمات الحادي عشر من سبتمبر.
وقالت مجلة “فورين بوليسي” إن نجاد استخدم الأمم المتحدة بانتظام كمنصة للهجوم على القوى الغربية. وتسببت تصريحاته في مغادرة ممثلي 32 بلدا، من بينها دول الاتحاد الأوروبي وكندا وأستراليا ونيوزيلندا، قاعة الاجتماعات.
ترامب.. ورجل الصواريخ
وفي 2017، جاء الخطاب الأول للرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، أمام الأمم المتحدة بلهجة متشددة، خاصة مع وصفه الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون بـ”رجل الصواريخ“.
واستهدف ترامب كوريا الشمالية وإيران في خطابه الذي استمر 40 دقيقة، مهددا بأن بلاده “ستدمر كوريا الشمالية بالكامل” إذا لزم الأمر، معتبرا كيم جونغ أون بـ”رجل الصواريخ يقوم بمهمة انتحارية لنفسه ونظامه“.
ساكاشفيلي.. وانسحاب الروس
وأثار الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي في كلمته من منبر الأمم المتحدة عام 2013، قبل فترة وجيزة من انتهاء ولايته الرئاسية، غضبا روسيا، حين أشار إلى “فشل مشروع عميل الـ كي جي بي السابق فلاديمير بوتن“.
وحينها قال ساكاشفيلي: “نحن أمة موحدة في إرادتنا الانضمام إلى الأسرة الأوروبية، للأمم الديمقراطية، وسنبقى كذلك”. وعلى وقع حديثه، غادر الوفد الروسي القاعة قبل مطالبتهم بإجراء “فحص طبي للحالة النفسية” للرئيس الجورجي.