ووفق تقارير رسمية وعسكرية أميركية، تسبب التدخل في أفغانستان في أكبر إنفاق للولايات المتحدة في التاريخ، سواء من الناحية العسكري أو من ناحية المساعدات اللاحقة للتدخل العسكري.
وكان الهدف المعلن لهذا الانفاق هو شل قدرة التنظيمات الإرهابية على ضرب واشنطن مرة أخرى، لكن مراقبين يرون أن هذا الهدف كلّف الولايات المتحدة أكثر مما يستحق، إذ قُدرت الخسائر إجمالا بنحو تريليون دولار أميركي خلال 20 عاما من الحرب.
88 مليار دولار للمساعدات
ويكشف تقرير صادر عن “البيت الأبيض” في يونيو الماضي، وقبيل سيطرة طالبان على أفغانستان أن المساعدات، التي قدمتها الولايات المتحدة الأمريكية جراء التدخل الأمريكي هناك تُقدّر بأكثر من 124 مليار دولار أميركي.
وقسّم التقرير المساعدات التي قُدمت عقب بدء الوجود الأميركي في أفغانستان منذ 2002 حتى الانسحاب في 2021، إلى عدة أفرع، أولها مساعدات عسكرية موجهة لقوات الأمن الأفغانية بإجمالي 88 مليار دولار، و36 مليار دولار مساعدات غير أمنية أو عسكرية.
وكان من المُقرر أن تمنح واشنطن لقوات الأمن الأفغانية مساعدات بنحو 6.3 مليار دولار خلال عامي 2021 و2022، وهو ما ناقشه مجلس النواب الأميركي بالفعل، إلا أن سيطرة طالبان على البلاد ييجعل هذا المبلغ عرضة للتجميد المؤقت.
837 مليار دولار للحرب
وذكر تقرير حديث لمكتب “المفتش العام لإعادة إعمار أفغانستان”، أحد الأجهزة الرقابية الأميركية، أن واشنطن أنفقت خلال 20 عاماً من الحرب قرابة 837 مليار دولار، مما يرفع حجم الخسائر الأمريكية إلى 961 مليار دولار، أو قرابة تريليون دولار، وفق تقديرات أخرى، بعد إضافة 124 مليار دولار قيمة المساعدات المعلن عنها من البيت الأبيض.
ويرى مراقبون ومحللون أن التريليون دولار أُنفقت بسخاء، لكن نجاح واشنطن في تحقيق هدف الاستقرار في أفغانستان مشكوك فيه ولم يتحقق بالقدر الموازي للمبالغ التي أُنفقت من أجله، فيما يعتبر الرئيس الأميركي جو بايدن أن الهدف تحقق بمنع وصول الإرهاب إلى واشنطن مرة أخرى.
تقديرات مغلوطة
ويُرجع رئيس الجمعية العربية للدراسات السياسية والاستراتيجية اللواء محمود منصور، عدم تحقيق المليارات أهدافها إلى الاستناد لمعلومات وتقديرات مغلوطة قُدمت من الأجهزة الأمنية إلى الإدارة الأميركية، وأدت لقرارات خاطئة.
ويقول منصور في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية” إن واشنطن خسرت المليارات في أفغانستان، بسبب نظرها لنفسها كقوة عُظمى دون تعاون مع الدول ذات المعرفة الحقيقية بمسرح العمليات عسكريا أو سياسيا أو اقتصاديا، ورغم مساعدة الغرب لها فإنها كانت ترى نفسها قائدا بلا شريك.
ويوضح الخبير الاستراتيجي، أن التحركات الأمريكية المنفردة قُوبلت مؤخرا بنزعة استقلال أوروبي عن واشنطن، وتصاعد النمو الصيني والروسي في الأعوام الأخيرة، ما دفع أمريكا لسياسة الهروب الكبير، من مواقع مثل أفغانستان أو العراق، وكذلك لوقف نزيف الخسائر المليارية.