وخلال الأسابيع الأخيرة اتخذت أطراف الأزمة (الصين والولايات المتحدة) إجراءات وصفت بالتصعيدية، منها إعلان واشنطن صفقات أسلحة جديدة مع تايوان بقيمة 619 مليون دولار، تعزز بشكل خاص سلاحها الجوي، فيما رفعت بكين ميزانيتها العسكرية بنسبة 7,2% لعام 2023.
واتهمت تايوان الصين بأنها رفعت الميزانية استعدادا لاجتياح الجزيرة، بينما قالت الصين إن واشنطن تأجج الصراع في المنطقة بتزويد تايوان بأسلحة متطورة.
ووفق مبدأ “الصين الواحدة” الذي تعتبره بكين خطا أحمر لا يُسمح بتجاوزه، فإن تايوان جزء من أراضيها، رغم أن تايبيه تدير نفسها بنظام الحكم الذاتي، متهمة واشنطن بأنها تشجع “الانفصاليين” في الجزيرة لفرض النفوذ عليها وعلى الممرات التجارية العالمية المحيطة بها بدلا من الصين.
وهددت بكين مرارا بعدم استبعادها استخدام القوة واجتياح الجزيرة، وفرض الحكم المباشر عليها، حال استجاب انفصاليون فيها لـ”تحريض” واشنطن.
الحلول السلمية موجودة
المتخصص في الشؤون الدولية الدكتور جاسر مطر يبادر بالقول: “بالطبع هناك حل سلمي للأزمة كما كان الوضع في أوكرانيا، ولكن السؤال هنا هل الأطراف جاهزة لوضع أطر يتم الاتفاق عليها لحل الأزمة سياسيا؟”.
شارحا باختصار سبب إصرار كل طرف (الصين والولايات المتحدة) على موقفيهما في الوقت الحالي، وإمكانية تجاوزه إلى حل سلمي يقي العالم شرورا وأزمات جديدة، يقول مطر:
• الصين ترى أن تايوان جزء من أراضيها، وأن انفصالها التام عنها انتهاك لسيادتها، ويهدد نفوذها في بحر الصين الجنوبي وما يحويه من مضايق يمر فيها 60% من التجارة العالمية.
• أما واشنطن، التي تحرك تايوان في هذه الأزمة، فهي ترى أن نفوذ الصين في تلك المنطقة يهدد تجارتها، واستحواذ الصين التام على تايوان يعني ترسيخ نفوذ بكين في بحر الصين الجنوبي؛ وهو ما يفسر تصريحات القادة الأميركيين بنيتهم الدفاع عن تايوان حال الاجتياح.
• الحل إذن هو عقد مفاوضات مباشرة بين واشنطن وبكين، تحدد أطر تنظيمية لحركة التجارة هناك، ويضع إشرافا دوليا على الممرات لتكون حيادية، وأن توقف الصين مناوراتها العسكرية التي تعطل التجارة، في مقابل أن تلتزم الولايات المتحدة بمبدأ “الصين الواحدة” الذي يعني تبعية تايوان لأراضي الصين مع احتفاظها بسلطة خاصة وحكم ذاتي.
• الأعراف الدبلوماسية والسياسية تقول إن هذا هو الحل السلمي المتاح، وبغير ذلك فإن المواجهة حتما ستشتعل بين الفريقين.
عنصر الوقت
“الصين بلد يصعب استفزازه بسهولة، أو جرها إلى حرب، وهي تتخذ المسارات الطبيعية لمواجهة أزمة تايوان قبل أي مواجهة”، كما يستشف ذلك من تحركاتها الكاتب المتخصص في الشؤون الصينية عبد المجيد السياسي.
ومن هذه المسارات، بحسب السياسي “المراهنة على الوقت”، و”تنمية قدراتها العسكرية والاقتصادية بحيث يصعب على تايوان التفكير في اتخاذ إجراءات تُغضب بكين منها”.
ويتوقع المحلل المتخصص في هذا الملف، أن “محاولات الولايات المتحدة استغلال تايوان لاستفزاز الصين لن تجدي نفعا”، وواشنطن “لن تنجر في حرب مع الصين”، متساءلا: “هل تستطيع تايوان مواجهة بكين كما فعلت أوكرانيا أمام روسيا؟”، في إشارة لمدى قدرة تايوان تحمل فاتورة أن تقوم بحرب بالوكالة.
وختم حديثه بأن “اللجوء للخيار العسكري وارد، ولكن تفكير القيادة في الصين سيجعلهم يستنفذون كل الحلول قبل اللجوء لهذا الخيار”.