واختتمت المحاكمة في ديار بكر، أكبر مدن جنوب شرق تركيا، حيث يمثل الأكراد أغلبية، في نحو 10 جلسات، لكن القضاة كانوا يتغيرون باستمرار خلال هذه الجلسات.

ولم تنقل المرأتان اللتان تصران على براءتهما إلى قاعة المحكمة إلا مرة واحدة في جلسة النطق بحكم الإدانة.

قال محاميهما جيهان أيدن، إن الترافع من خلال دفاع سليم عنهما كان مستحيلا، لأنه لم يكن يعرف من سينطق بالحكم. وقد تم تبديل القضاة من دون تفسير، كان أغلبهم شباب بلا خبرة.

وقال أيدن، المحامي الحقوقي رئيس نقابة المحامين المحلية: “رئيس هيئة المحكمة تغير 4 مرات أيضا. وفي كل جلسة كانت هناك مجموعة من القضاة الجدد. وفي كل مرة كنا نضطر لبدء الدفاع من البداية”.

وأضاف أيدن: “كان من المستحيل أن يقرأ القضاة آلاف الصفحات في ملف القضية، ولذلك كنا نضطر في كل مرة إلى التلخيص وشرح ما ورد في قائمة الاتهام. وأصبحت مهمتنا تعليم القضاة”.

وأصبحت تهم الإرهاب، مثل التهم المستخدمة في إدانة المرأتين، شائعة في تركيا، لا سيما منذ محاولة الانقلاب الفاشلة التي قام بها  بعض عناصر الجيش للإطاحة بالرئيس رجب طيب أردوغان في العام 2016.

وقال أكثر من 10 محامين ومصادر قانونية أخرى لرويترز، إن أسلوب تغيير القضاة خلال المحاكمات شاع أيضا على نحو متزايد. ويقول مسؤولون أتراك إن هذه التغييرات “روتينية” وترجع لأسباب صحية أوإدارية.

ويقول محامون حاورتهم رويترز إنهم مقتنعون أن هذا أسلوب تتحكم من خلاله الحكومة في المحاكم.

وقال غاريث جنكينز، المحلل السياسي في إسطنبول، إن “التغيير المتواصل للقضاة آلية بسيطة، لكنها شديدة الفائدة. فكل مرة تتدخل فيها الحكومة بهذا الشكل في القضاء توجد مئات أخرى من القضايا التي يتعلم فيها القضاة الدرس” ألا يتصرفون بما يتعارض مع المصالح الواضحة للحكومة.

وقال محمد يلماز، نائب رئيس مجلس القضاة والمدعين، وهو الهيئة التي تتولى تعيين المسؤولين في مجال القانون، إن النظام القانوني في تركيا “ليس متخلفا عن أي بلد في العالم”.

ويستخدم القضاء كأداة لدعم البرامج السياسية في تركيا منذ عشرات السنين. ويقول خصوم أردوغان إن القضاء استخدم في عهده كهراوة سياسية وتعرض للتجريف بدرجة غير مسبوقة.

وفي ظل حملة التطهير التي شنها أردوغان، تم عزل آلاف القضاة والمدعين وفق بيانات الحكومة نفسها. وحل محلهم قضاة جدد لا يمتلكون الخبرة وغير مؤهلين للتعامل مع الزيادة الكبيرة في أعباء العمل من جراء القضايا المرتبطة بمحاولة الانقلاب.

وبينت حسابات رويترز من واقع بيانات وزارة العدل أن 45 في المئة على الأقل من القضاة والمدعين البالغ عددهم حوالي 21 ألفا تقريبا لديهم الآن خبرة لا تتجاوز 3 سنوات.

وقال النائب التركي زين العمري، من حزب الشعب الجمهوري، حزب المعارضة الرئيسي: “نحن لا ندعي أن القضاء كان مستقلا عن الحكومات من قبل. لكن لا مثيل لفترة كهذه تلوّح فيها الحكومة بالقضاء كسيف مسلط على السياسة ولا سيما المعارضة”.

وعند القبض على كشاناك وتونغل في أواخر العام 2016 كانت الاثنتان من الشخصيات البارزة في الحملة التي تشنها الأقلية الكردية منذ عشرات السنين من أجل المساواة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

كانت الصحفية السابقة كشاناك (58 عاما) قد انتخبت قبل فترة قصيرة رئيسة لبلدية ديار بكر. أما تونغل (44 عاما) النائبة في البرلمان، فكانت تمثل دائرة في اسطنبول.

وحكم عليهما بالسجن 14 و15 عاما على الترتيب لنشرهما دعاية إرهابية، والانتماء لحزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا والذي تصنفه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ضمن المنظمات الإرهابية. ونفت الاثنتان الاتهامات.

وقال محمد دراق أوغلو، رئيس نقابة المحامين في إسطنبول، إن حكومة أردوغان حققت من خلال استخدام القضاء كأداة ضد خصومها “ما لم تستطع إنجازه بالوسائل السياسية” عبر صندوق الانتخابات.

skynewsarabia.com