فالرئيس الروسي فلاديمير بوتن الذي كان خطابه بمثابة تعبئة شعبية للعملية العسكرية الروسية الدائرة في أوكرانيا وتحذير للدول الغربية، قال إن الجيش الروسي يقاتل حاليا في أوكرانيا من أجل” شعب دونباس ومن أجل أمن وطنه”، وأن بلاده اضطرت لتحرك استباقي لصد عدوان غربي محتوم عليها.

حشد للداخل

وخلال السنوات الماضية، استخدم بوتن العرض العسكري، لعرض قوة جيشه والكشف أحيانا عن أسلحة جديدة فائقة القدرات، إلا أن موكب هذا العام جاء وسط أزمة كبيرة بين روسيا وأوكرانيا المدعومة من الغرب.

كما جاء الخطاب الجديد للرئيس الروسي مناقضا للتوقعات الغربية التي وضعت 3 خيارات سيعلنها بخطابه الذي ترقبه العالم أجمع، وفق مراقبين.

وتراوحت تلك السيناريوهات الثلاث بين التعبئة العامة والعسكرية لتعويض الخسائر الروسية في أوكرانيا بصفوف القوات، أو إعلان الحرب الشاملة على أوكرانيا، وأيضا إعلان النصر في الحرب الدائرة، طبقا لتكهنات تقارير غربية.

لكن بوتن خالف ذلك وتحدث عن محاولات الغرب تقسيم روسيا، كما سعى من أجل تعبئة جماهيرية وشعبية بالداخل والمناطق الموالية لروسيا، حول الحرب في أوكرانيا وإرسال رسائل للانفصاليين في دونباس، وأهمية تحريرهم مما وصفه بـ” النازية الأوكرانية”، وفق الخبراء.

 وفي هذا الصدد، أكد بوتن أن “مقاتلي دونباس وجنود الجيش الروسي يقاتلون في أرضهم حيث حارب أسلافهم معشر الأعداء”، وقال مخاطبا إياهم: “أنتم تقاتلون من أجل الوطن والمستقبل، كي يكون العالم خاليا من الجلادين والنازيين”.

وفي مغازلة لعائلات الضحايا الروس خلال القتال بأوكرانيا، شدد الرئيس الروسي على أن “مصرع كل جندي مأساة بالنسبة لنا جميعا، متعهدا ببذل كل الجهد لمساعدة أسر وأطفال العسكريين الذين سقطوا في أوكرانيا”، كما أعلن دقيقة صمت تكريما لأرواح القتلي الروس خلال الحرب العالمية الثانية.

كما وقع بوتن على مرسوم بشأن فرض تدابير إضافية لدعم عائلات العسكريين وموظفي بعض الوكالات الحكومية الفيدرالية.

وكلف المرسوم الحكومة الروسية بأن تضمن لأبناء العسكريين وموظفي هيئات السلطة التنفيذية الفيدرالية والهيئات الحكومية الفيدرالية الذين شاركوا في فعاليات العملية العسكرية الخاصة في منطقتي دونيتسك ولوغانسك وأوكرانيا، بما في ذلك أولئك الذين قتلوا أثناء توفير منح دراسية للقبول في برامج التعليم العالي بنسبة 10% من الحجم الإجمالي للمنح المقدمة من مخصصات الميزانية الاتحادية.

كما هنأ بوتن كل العسكريين والمحاربين القدامى بـ”عيد النصر“، قائلا: “نحن فخورون بجيل النصر الأبي الباسل وواجبنا هو الحفاظ على ذكرى أولئك الذين سحقوا النازية“.

وفي محاولة لرفع الروح المعنوية أنهي حديثه بصيحة قوية للجنود المحتشدين “من أجل روسيا، من أجل النصر”.

 

وقال المختص في الشأن الروسي نبيل رشوان، إن خطاب بوتن جاء مخالفا لكافة السيناريوهات التي تحدثت عن إعلان الحرب الشاملة واستدعاء المجندين والدفع بمزيد من القوات للسيطرة الكاملة على إقليم دونباس“.

وأضاف لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن عيد النصر يحظى بمكانة خاصة لدى الروس، حيث يجمع عليها كل مكونات الشعب الروسي، بقومياته المتعددة وتوجهاته المختلفة”، لافتاً إلى أن بوتن “حاول عمل حشد جماهيري بالداخل الروسي ورفع الروح القتالية للجنود على الجبهات بالحديث عن القتال في بلادهم والدفاع عن أمنها، كما غازل أسر ضحايا الحرب الأوكرانية.

وأردف أن “الخطاب فتح باب السلام في أوكرانيا، وقدم تبرير للشعب الروسي والعالم الخارجي حول العملية العسكرية في أوكرانيا، حين أكد أن حلف الناتو خطط لشن حرب على شبه جزيرة القرم ودونباس وأن موسكو اضطرت إلى ضربات استباقية لصد هذا العدوان”.

 رسائل للغرب

كما حمل الخطاب الروسي عدة رسائل للغرب بينها، أن “روسيا كانت تدعو الغرب إلى حوار نزيه لكن دول حلف الناتو لم ترغب في سماعها، كما الحلف بدأ الزحف عسكريا إلى مناطق جوار روسيا، وكانت هناك استعدادات لشن هجوم على شبه جزيرة القرم“.

كما ألقى اللوم على واشنطن، قائلا: “بدأت الولايات المتحدة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، تتحدث عن فرادتها، مهينة ليس العالم بأسره فحسب بل ومن يدور في فلكها ومن قبل الخنوع”، مضيفا: “نحن بلد مختلف عن الغرب ولن نتخلى أبدا عن حب الوطن والإيمان والقيم التقليدية واحترام جميع الشعوب والثقافات”.

وقال بوتن إن روسيا صدت العدوان بشكل استباقي، وأن “ذلك كان قرارا اضطراريا اتخذ في الوقت المناسب وهو كان القرار الصائب الوحيد”.

وفي خطابه الذي ترقبه الروس داخليا والعالم الخارجي، قال بوتن إن “الجيش الروسي يدافع عن الوطن الأم في أوكرانيا”.

وفي هذا الصدد قال الخبير في الِشأن الروسي، أندرية بلاكانوف، إن: “خطاب بوتن فضح محاولات النازية الجديدة السيطرة على أوكرانيا، كما كشف مخططات الغرب الذي حاول تشويه صورة روسيا وشيطنتها”.

 واضاف لسكاي نيوز عربية: “أن احتفالات عيد النصر هذا العام مختلفة عن سابقتها جراء ظهور التوترات التي أثارها النازيين الجدد في أوكرانيا على غرار النازية الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية والتي اجتاحت أوروبا وقادت الجيش الألماني ما تسبب في اندلاع الحرب العالمية الثانية”، مضيفا: “روسيا تحارب النازية الجديدة في أوكرانيا كما حاربتها سابقا في ألمانيا قبل 77 عاما”.

وأردف: “قواتنا المسلحة الروسية وكما حققت المهام الموكلة لها في الحرب العالمية الثانية ستنفذ خططها في أوكرانيا بنجاح لصد أي عدوان من الغرب على روسيا الذي يتعمد تشويه صورتها لخداع الشعوب وجر العالم إلى حركة النازية الجديدة“.

وتابع أن “الغرب فشل في تقسيم روسيا بعد محاولاته منذ التسعينيات توجيه ضربات لزعزعة أمن بلادنا عبر إرسال أسلحة إلى الدول السوفياتية السابقة لإثارة القلاقل بالداخل الروسي وتعريض أمننا للخطر”.

skynewsarabia.com