وشارك في هذه المناورات البحرية التي انطلقت منذ 28 يونيو الماضي، 5 آلاف عسكري إضافة إلى 32 سفينة و40 طائرة و18 فريق كوماندوز، مما جعل منها أكبر تدريبات مشتركة منذ سنوات.

وأظهرت استعراضًا للعلاقات الدفاعية بين الولايات المتحدة وأوكرانيا مع حلف شمال الأطلسي.

كما حظيت بدور عربي، إذ شاركت 4 دول عربية في المناورات بصفة مشارك أو مراقب، وهي: مصر والإمارات وتونس والمغرب.

رسائل مباشرة

يرى الخبير المتخصص في العلاقات الدولية، الدكتور أيمن سمير، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن تلك المناورات الضخمة حملت العديد من الرسائل المباشرة، خاصة أن مسرح العمليات الخاص بها كان يتعلق بروسيا بشكل محدد.

وقال سمير إن الأمر الأول الذي يتصل بتلك المناورات أنه لا يوجد عدو محتمل لحلف الناتو ودول شرق أوروبا سوى روسيا، وبالتالي وقعت مجموعة من المناوشات أشهرها حادث المدمرة البريطانية “إتش أم أس ديفندر”، التي اقتربت من ساحل شبه جزيرة القرم، وكاد أن يقع اشتباكا مع القوات الروسية.

وأضاف: “هذا استهداف بشكل مباشر للنشاط الروسي في البحر الأسود”.

كانت روسيا قالت الشهر الماضي، إن إحدى سفنها الحربية في البحر الأسود أطلقت طلقات تحذيرية، في حين ألقت طائرة حربية قنابل في طريق المدمرة “ديفندر”، وهي مدمرة تابعة للبحرية الملكية البريطانية، لطردها بعيدا عن منطقة بالقرب من شبه جزيرة القرم تدعي موسكو أنها مياهها الإقليمية.

نددت روسيا بوجود ديفندر ووصفته بأنه استفزاز وحذرت من أنها قد تطلق في المرة القادمة النار لضرب السفن الحربية المتطفلة، في حين أصرت بريطانيا، أن نيراناً لم تطلق باتجاه ديفندر وقالت إنها كانت تبحر في المياه الأوكرانية عندما حلقت الطائرات الروسية في الجو وسُمع صوت إطلاق نار خلال المواجهة.

وعلق الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، على الحادث بأن واقعة المدمرة لم تكن لتثير صراعا عالميا حتى لو أغرقت روسيا السفينة البريطانية لأن الغرب يعلم أنه لا يمكنه الفوز في مثل هذه الحرب، في إشارة محتملة إلى عزم بوتن على المخاطرة بشكل أكبر في حالة وقوع حادث مماثل مرة أخرى.

 

 

بايدن والناتو

الأمر الآخر المرتبط بهذه المناورات، بحسب سمير هو أن الرئيس الأميركي جو بايدن يحاول إعطاء رسالة لحلف الناتو بأن الولايات المتحدة عادت لحماية الدول بعد أن تخلى ترامب عن هذه المهمة بشكل كبير للغاية، إذ كان يعتبر أن التدريبات العسكرية ضد روسيا بمثابة إهدار للأموال، مما دفعه للإعلان عن سحب 9 آلاف و500 جندي من ألمانيا قبل خروجه من البيت الأبيض في يناير الماضي.

وأضاف أن الرسالة الثانية لهذه المناورات كانت موجهة لدول حلف الناتو نفسها بأن واشنطن باقية في الحلف وتقوده، وأكد بايدن بنفسه على ذلك.

كان جو بايدن، قال منتصف الشهر الماضي في أعمال اجتماع زعماء دول الناتو، أن الولايات المتحدة تثق بشكل صارم بوحدة الصف في الناتو، معتبرا أن الاتحاد الأوروبي قادر على تنفيذ دور هيكلي يمكن أن يعتمد عليه الحلف.

تعويض الخلل.. وطمأنة

الأمر الثالث بحسب خبير العلاقات الدولية أن دول الحلف تحاول تعويض الخلل الكبير في ميزان القوى مع روسيا، وبحسب دراسة قدمتها مؤسسة “راند” فإن روسيا وما تمتكله من قوات تتفوق على كل قوات حلف الناتو في شرق أوروبا.

ولذا فموسكو تستطيع أن تفرض حظرًا كاملًا على البحر الأسود في غضون 6 أيام، وقد تمنع وصول دعما عسكريا إلى الحلف في البحر الأسود لفترة طويلة، وفق الخبير المصري.

وأشار إلى أن بايدن وزعماء الحلف يحاولون تعويض هذا الخلل في ميزان القوى من خلال التركيز على التدريبات في البحر الأسود.

كما تأتي هذه المناورات كـ”رسالة طمأنة”، لدول بحر البلطيق، ودول مثل بولندا ورومانيا وبلغاريا، وهي على خط المواجهة مع روسيا، لأنها تشعر بأنه يمكن أن يتكرر سيناريو القرم معها، ومن ثمَّ تحتاج مزيدا من الدعم، بحسب “سمير”.

وأوضح أن فلسفة التدريبات هذا العام تقوم بالأساس على فكرة سرعة نقل القوات من الولايات المتحدة ودول غرب أوروبا إلى شرق أوروبا بجوار الحدود الروسية، والنجاح في هذه المهمة هي أكبر رسالة لطمأنة لهذه الدول الخائفة.

نسخة مختلفة

وفي رأي الباحث بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، محمد حسن، فإن هذه المناورات روتينية وتجري منذ العام 1997، وتشارك فيها العديد من الدول، إضافة إلى أعضاء حلف شمال الأطلسي “الناتو”.

لكن نسخة المناورات هذه المرة تبدو مختلفة لعدة أسباب، على رأسها المناوشات التي حدثت في غضون تنفيذها، وكذلك مشاركة الدول العربية والإسلامية الست: “مصر والإمارات وتونس والمغرب بالإضافة إلى دولتين غير عربيتين، من أصل 32 دولة.

وقال حسن في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”، إنه يمكننا القول أن هذه المناورات الأضخم ليس في تاريخ برنامج مناورات نسيم البحر، وانما في المسرح العملياتي للبحر الأسود.

وشملت تلك المناورات إجراء تدريبات عسكرية على الإنزال البحري على شواطئ العدو، وتنفيذ العمليات البرية، إضافة إلى مهام الضفادع البشرية، كما تشمل تدريبات الدفاع الجوي والقوات الخاصة وحرب الغواصات وعمليات البحث والانقاذ.

skynewsarabia.com