وكانت وزارة الصحة الإيرانية قد أعلنت، الخميس، أنها سجلت 23 ألف حالة جديدة في مختلف مناطق البلاد، بالذات في العاصمة طهران، وهو وضع شديد الخطورة حسب جميع المقاييس الإحصائية العالمية راهنا.
وحسب وكالة تنسيم الإيرانية شبه الرسمية للأنباء، فإن 27 مدينة إيرانية أضيفت لقائمة “الحالة الحمراء” شديدة الخطورة في البلاد، مما يعني أن مختلف مناطق البلاد، بالذات الأكثر كثافة شمال وشمال غرب والجنوب الشرقي من إيران، صارت ضمن هذه الحالة.
وفي مناطق طهران وفارس وخرسان ومازندران وأصفهان، وصل التفشي إلى أعلى مستوياته.
هذه المناطق والمدن شديدة الخطورة، تضاف إلى قرابة 400 مدينة ومنطقة إيرانية أخرى، تتراوح فيها أحوال التفشي بين الحالة “البرتقالية والصفراء”، وتفصلها عن المراحل الحمراء نسب قليلة من أعداد المصابين.
مستويات التفشي دفعت العدد الأكبر من تجار ومُشغلي “سوق طهران الكبير/البازار” إلى إغلاق محالهم وأشغالهم العامة، فيما تنتظر المؤسسات التجارية التي تحوي أعدادا أكثر من 100 عامل، قرارا من السلطات الحكومية لإعلان الإغلاق.
هذه الإغلاقات ترافقت مع قرارات مشابهة في مناطق بلوشستان وسيستان وبندر عباس وزهدان. وقد وصفت بعض المواقع الإعلامية المحلية، الأخيرة، بأنها تحولت إلى “مدينة أشباح”.
لم تفعل السلطات الحكومية في تلك المناطق شيئا، خلا إعلان حالة الطوارئ، تحسبا لأية تحركات شعبية ناقمة على الأوضاع العامة.
فالطبقات الاجتماعية في تلك المناطق عبرت عن نفورها من عدم سعي السلطات الحكومية لتقديم أية حوافز للأشخاص الأكثر فقرا وتضررا من تفشي الوباء وإغلاق الأسواق العامة.
وكانت السلطات الإيرانية، عن طريق الرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني، قد اعترفت بصعوبة الأوضاع التي تواجه البلاد في ظل هذه الموجة الوبائية، إذ قال في تصريحات تلفزيونية: “أخشى أن نكون على مسار الموجة الخامسة في كامل البلاد”.
إلا أنه لم يقدم أية رؤية بشأن خطط حكومته أو التوجه العام في البلاد لمواجهة الموجة الجديدة، عدا مطالبته بمزيد من الحذر، قائلا: “يجب أن نكون أكثر حذرا في المحافظات الجنوبية، لأن متحور دلتا انتشر”.
وحسب الإحصاءات العالمية، فإن إيران كانت واحدة من أكثر دول العالم من حيث نسبة حالات الوفاة لمجموع السكان، طوال 20 شهرا من تفشي وباء كورونا.
وبلغت أعداد الوفيات أكثر من 325 ألف حالة، من أصل قرابة 30 مليون إصابة في مختلف مناطق البلاد، وهؤلاء يشكلون أكثر من 0.5 بالمائة من سكان البلاد.
الباحث الإيراني المختص بالشؤون الداخلية، رضا حق غلامي، شرح في حديث مع موقع “سكاي نيوز عربية”، دلالات وتأثيرات هذا الوضع في إيران.
وقال: “في المحصلة، هذه دلالة على أن النظام الداخلي الذي يدير أمور البلاد يمثل جهازا فاشلا، لا يستطيع أن يتبنى أية رؤية لفهم مشاكل إيران وإيجاد حلول موضوعية لها”.
وتابع: “أولا النظام الإيراني غير معني بذلك، لعدم منحه الاعتبار لمواطنيه وأوجاعهم، فهو لا يشعر بأي ضغط من السكان، ويعتقد بأن أي ضغط أو محاولة تحرك يمكن سحقها بالقوة”.
وأضاف: “كذلك لأن العقل السياسي للنظام مشغول بالعديد من الملفات الخارجية، في دول ومناطق إقليمية، ويرسل سفنا حربية إلى المحيطات العالمية، ويصر على صرف مليارات الدولارات على مشاريع تطوير الأسلحة النووية، وليس من مقارنة بين هذه الملفات وبين المسائل الداخلية الملحة في البلاد“.
وعادة ما تدفع السلطات الإيرانية باللائمة على العقوبات الأميركية والدولية المفروضة عليها، والتي تمنعها، حسب السلطات، من الحصول على الأدوية والمواد الطبية وتحصين البنية التحتية للقطاع الصحي في البلاد.
تدحض المعطيات الرقمية ادعاءات السلطات الإيرانية في ذلك الاتجاه، إذ تحتل الجودة الصحية في إيران المرتبة 54 على مستوى العالم، حسب معطيات منظمة الصحة العالمية.
وبالرغم من كون إيران دولة نفطية منذ ثلاثة أرباع قرن، فإن قطاعها الصحي هو الأسواء بالنسبة للبلدان ذات المداخيل المشابهة، إذ ليس في عموم إيران إلا 150 ألف سرير في المستشفيات العامة، وثمة ما يقارب 1.1 طبيب لكل ألف من السكان، ومتوسط العمر المتوقع للمواطن الإيراني هو 76 سنة فقط.