غير أن المراقبين يُشيرون إلى أن الحركة لن تتمكن من تحقيق مراميها عبر التحركات الدبلوماسية فحسب، دون تحقيق مجموعة من الخطوات الإدارية والقرارات السياسية داخل أفغانستان.

وزارة الخارجية الأفغانية أعلنت أن وفداً سياسياً ودبلوماسياً من الحركة، برئاسة القائم بأعمال وزير الخارجية الأفغاني أمير خان متقي سيلتقي وزير الخارجية التُركي مولود جاويش أوغلو في العاصمة التُركية أنقرة، وأن المحادثات بين الطرفين ستتناول قضايا المساعدات والهجرة والنقل الجوي. حيث تُركيا هي من الدول القليلة التي لم تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع أفغانستان بعد سيطرة الحركة على السُلطة فيها، وأبقت سفارتها مفتوحة، وأظهرت رغبة دائمة لإدارة ملف مطار كابول المدني.

وكان مسؤولون من الحركة قد ألتقوا بمسؤولين من الاتحاد الأوروبي قبل يومين فحسب من زيارة القائم بأعمال وزير الخارجية إلى تركيا، وغداة انعقاد قمة دول العشرين. وقد أكد القائم بأعمال وزير الخارجية إن تلك المحادثات المباشرة مع المسؤولين الأوروبيين أنما تتقصد الحصول على المساعدة والدعم من الاتحاد الأوروبي، لتكريس الاستقرار في أفغانستان.

وكانت حركة طالبان قد حققت مُنجزين سياسيين دبلوماسيين أثناء قمة العشرين التي انعقدت قبل يومين، وعقب لقاء مسؤولي الحركة بنظرائهم من الاتحاد الأوروبي. إذ أعلنت دول الاتحاد الأوروبي تبرعها بمبلغ 1.15 مليار دولار لصالح أفغانستان، للاستجابة السريعة للحاجات الإنسانية داخل أفغانستان، وهذه أول مساعدة مالية دولية مُعتبرة لأفغانستان منذ سيطرة الحركة عليها.

كذلك أكدت إدارة الرئيس الأميركي عن دعمها لـ “استخدام الوسائل الدبلوماسية والإنسانية والاقتصادية لمساعدة الشعب الأفغاني”، وهو يُعتبر موقفاً سياسياً مُتقدماً للولايات المُتحدة تجاه أفغانستان بعد سيطرة طالبان عليها، حيث كانت قبل ذلك تمانع أي تحرك يؤدي ولو موضوعياً إلى الاعتراف والتعامل مع حركة طالبان.

 حققت حركة طالبان ذلك، بالرغم من الانتقادات الواسعة التي وجهها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى الحركة، التي أتهمها بعد الالتزام بتعهداتها تجاه موضوع حقوق النساء والتعليم في أفغانستان، وهي انتقادات رفضها قادة حركة طالبان، الذين أشاروا إلى “إن المدراس أغلقت لتجنب كارثة كورونا“.

وتأتي تحركات القادة السياسيين في حركة طالبان غداة تلقيهم لأول دعوة سياسية دولية، تلقتها الحركة من جانب وزارة الخارجية الروسية، للمشاركة في مؤتمر موسكو المزمع عقده في أواخر الشهر الجاري، وهو يُعتبر مساراً روسياً جديداً ومنفتحاً على الحركة، بعد سلسلة من المخاوف الأمنية والعسكرية التي عبرت روسيا عنها منذ سيطرة الحركة على أفغانستان، التي وصلت إلى درجة إجراء مناورات عسكرية إقليمية مُشتركة على حدود أفغانستان.

وكانت الحركة قد أرسلت عدد من مبعوثيها إلى كُل دول الجوار الأفغاني، بُغية خلق مظلة تعاون سياسي وأمني واقتصادي معها، تؤدي إلى ضبط الحدود والاستجابة للمخاوف الأمنية التي لهذه الدول.

الباحث والناشط الأفغاني، رشيدي، أمروز شرح في حديث لـ”سكاي نيوز عربية” الأوراق التي تعتقد حركة طالبان أنها تمتلكها، وتستطيع عبرها أن تفاوض القوى العالمية والإقليمية، وتنال تنازلات سياسية واقتصادية عبر القنوات الدبلوماسية هذه.

وقال أمروز: “تظن حركة طالبان إنها أظهرت التزاماً ومسؤولية في ملف مكافحة الإرهاب طوال الأسابيع الماضية، بالذات من خلال محاربة وتعقب مقاتلي تنظيم داعش/خرسان، وتالياً فإن الحركة تسعى لأن تنال قبولاً ومساهمة إقليمية ودولية لمسؤوليتها ومساهمتها في هذا الملف الذي هو محل متابعة وحساسية دولية خاصة”.

 وأضاف أمروز في حديثه مع سكاي نيوز عربية “تُدرك الحركة أيضاً أن الملف الإنساني لا يُمكن تجاوزه بالنسبة للقوى الدولية، التي تعرف أن عدم الاستجابة لهذه الأمور سيدهور الأوضاع داخل أفغانستان، وسيؤثر على الأمن والسلام الدولي. لذلك تعرض الحركة جهودها الدبلوماسية على القوى الدولية لتكون ممراً ذو مسؤولية تجاه الاستجابة للحاجات الإنسانية في أفغانستان”.

غير أن عددا من المتابعين فرقوا بين نيل حركة طالبان لأنواع من التعاون السياسي والدبلوماسي مع القوى الدولية، إلا أن الاعتراف الرسمي بالحركة كحاكمة لأفغانستان كقوة شرعية يُمكن لها أن تحصل على كُرسي أفغانستان في الأمم المُتحدة، لا يُمكن أن يحدث دون أن تُقدم الحركة إلى مجموعة من الإجراءات الموضوعية على أرض الواقع داخل أفغانستان نفسها، من احترام حقوق الإنسان والمرأة، وليس انتهاء بالتعليم والشراكة مع باقي القوى السياسية الأفغانية.

skynewsarabia.com