وجاءت الدراسة التي أعدها مدير المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب، جاسم محمد، وتلقت “سكاي نيوز عربية” نسخة منها اليوم، تحت عنوان: (استراتيجية أوروبية لمكافحة الإرهاب : التنبؤ، المنع، الحماية والاستجابة).

الدراسة أكدت ضرورة التنسيق والتعاون على جميع الجهات الفاعلة ذات الصلة في الاتحاد الأوروبي للعمل معا على مواجهة التهديدات الإرهابية الصادرة عن الإرهابيين المحليين، أو ما يعرف بالمقاتلين الأجانب.

التوقع والاستعداد الجيد للتهديدات

واستعرضت دراسة جاسم محمد ملامح ما أسماها “الاستراتيجية الأوروبية لمكافحة الإرهاب”، التي تسهم في الحد من أي هجمات إرهابية محتملة.

ومن أبرز تلك الملامح التي أوردتها الدراسة: “القدرة على توقع التهديدات الإرهابية سواء الحالية والناشئة في أوروبا بشكل أفضل، عبر تبادل المعلومات متعددة التخصص والمستوى كمفتاح لتقييم التهديد القوي الذي يمكن أن يشكل أساسًا لمواجهة مستقبلية للإرهاب”.

وضمن الاستراتيجية، دعت الدراسة أوروبا إلى “الاستعداد بجدية لمواجهة التهديدات الجديدة المرتبطة باستخدام التقنيات الحديثة في الهجمات الإرهابية، مثل الاستخدام “الخبيث” للطائرات بدون طيار، والذكاء الاصطناعي والمواد الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية.

اقتلاع جذور التطرف

كما اقترحت الدراسة العمل أيضا على استباق حدوث الإرهاب من خلال مواجهة الراديكالية والأيديولوجيات المتطرفة قبل أن تتجذر في المجتمع، والتأكيد على أن احترام أسلوب الحياة الأوروبي وقيمه الديمقراطية وكل ما يمثله ليس أمرًا اختياريا.

وإزاء ذلك، بين المركز أن أوروبا في عام 2022 أمام تحديات خطيرة تتعلق باقتلاع جذور التطرف، ووضع خطط شاملة لتفكيك الأفكار ومنع انتشارها وتوغلها وحماية الأجيال الجديدة منها، وبرامج تتعلق بنزع أيديولوجية التطرف من المقاتلين الأجانب العائدين من دول سوريا والعراق.

ومن الملامح كذلك المطالبة بتحديث أنظمة معلومات إدارة الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي، وضمان عمليات تفتيش منتظمة على الحدود بدول أوروبا؛ من أجل سد الفجوات الأمنية حين يتعلق الأمر بعودة المقاتلين الأجانب.

الحذف الإلزامي للمحتوى الإرهابي

“ضرورة الحذف الإلزامي للمحتوى الإرهابي على الإنترنت”، يأتي أيضا ضمن العناصر الرئيسة المطلوبة في استراتيجية مواجهة الإرهاب.

وأعربت الدراسة عن أسفها من أنه “لم يتبن سوى عدد قليل من الدول الأوروبية حتى الآن، لوائح قانونية جديدة للحذف السريع للمحتوى المتطرف والتحريضي على الإنترنت“.

وفي هذا الصدد، نبهت الدراسة إلى أنه لا تزال المحاولات مستمرة للوصول إلى تفاهم مشترك حول حدود حرية التعبير والمسؤوليات القانونية لمنصات الإنترنت ومقدمي الخدمات.

لكن دراسة جاسم محمد عادت وأشادت بما جرى في السنوات الأخيرة، من دخول أجهزة الأمنية في عدد من دول أوروبا في شراكات مع مشغلي المنصات الرئيسية على الإنترنت، ووسائل التواصل الاجتماعي، وذلك بالتنسيق مع (منتدى الإنترنت العالمي لمكافحة الإرهاب)، ما أدى إلى تقليص الدعاية المتطرفة بشكل كبير.

انعكاسات إيجابية على أمن القارة

وقال مدير المركز الأوربي لدراسات مكافحة الإرهاب، جاسم محمد في حديث خاص لـ”سكاي نيوز عربية” إن وضع استراتيجية لمكافحة الإرهاب في أوروبا، وتحديثها بشكل مستمر سيحمل تداعيات وانعكاسات إيجابية على أمن القارة العجوز.

وأكد أن “الالتزام بهذه الاستراتيجية مستقبلا يمكن أن يحد من هجمات الذئاب المنفردة، مشيرا إلى أنه لا يمكن التنبؤ بهجمات الذئاب المنفردة، والحد منها إلا إذا كان المنفذون على قوائم التطرف والإرهاب”.

ونوه جاسم محمد إلى أن الاتحاد الأوروبي لا يزال في حالة تأهب قصوى مع استمرار التهديد الآخذ في الازدياد من هجمات الذئاب المنفردة التابعة لتنظيم داعش الإرهابي، متوقعا أن يشهد منحنى الإرهاب في أوروبا خلال عام 2022 انخفاضا في عدد العمليات، مقارنة بعام 2021، “ستبقى تلك العمليات محدودة على غرار الذئاب المنفردة”.

وأوضح: “مكافحة التطرف أوروبيا بحاجة إلى معالجات فكرية عميقة، وموارد وتطبيقات تتعلق بنزع أيدلوجية التطرف من المقاتلين الأجانب العائدين من دول سوريا والعراق، معتبرا أن “أكثر العائدين من القتال مازالوا يحملون هذه الأفكار بنسبة كبيرة منهم”.

وكانت عدة تقارير ودراسات صدرت حديثا عن مراكز بحثية أوروبية قد كشفت عن التعزيزات والإجراءات التي تعتزم القارة الأوربية تنفيذها خلال العام المقبل في إطار مواجهة شاملة مع مختلف تنظيمات التطرف، وفي القلب منها جماعة الإخوان.

وأوردت دراسة سابقة صدرت عن المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب أن تهديد الجماعات المتطرفة ومنها جماعة الإخوان المصنفة إرهابية في عدة دول، سيظل خطرا قائما في مختلف دول القارة الأوروبية، مما يعني أهمية الاستمرار في تعزيز التشريعات والإجراءات الأمنية والقانونية لحصرها ومواجهة انتشارها في المجتمعات.

skynewsarabia.com