وقفزت هايتي، وهي دولة تقع في البحر الكاريبي، وتعد الأفقر في القارة الأميركية، إلى صدارة أخبار العالم، الأربعاء، بعدما تم الإعلان عن اغتيال رئيسها جوفينيل مويس، بعدما هاجم مسلحون مقر إقامته الخاص المطل على العاصمة بورت أو برنس.

وجاءت عملية الاغتيال في ظل اضطرابات سياسية تعيشها هايتي ذات الـ11 مليوناً من السكان، حيث خرجت المعارضة في مسيرات حاشدة تندد بحكم الرئيس مويس وتطعن في شرعيته، فيما يؤكد أنه ولايته مستمرة حتى 2022.

ولكن الأمر مقتصرا على الأزمة السياسية لهانت المعاناة في هايتي، فالسكان يعانون من بطش العصابات المسلحة التي تسيطر على مناطق في البلاد.

وبسبب الحرب التي تخوضها هذه العصابات، اضطر الآلاف من سكان العاصمة بورت أو برنس إلى الهرب من منازلهم قبل أسابيع.

وتقول وكالة “فرانس برس” إنه بسبب انعدام الأمن وغياب الاستقرار السياسي، تكافح هايتي أفقر دولة في القارة الأميركية، للخروج من أزمة لا نهاية لها تتمثل في عمليات الخطف وعنف العصابات.

ووصلت تداعيات الأزمات المتلاحقة في هايتي إلى أبسط مقومات الحياة: الغذاء، فلجأ عدد من السكان في مرحلة ما إلى الاعتماد على فطائر مصنوعة من الطين لمقاومة الجوع.

ويعتمد حاليا قطاع كبير من السكان على مساعدات غذائية تجلبها الأمم المتحدة.

وبسبب فقر البلاد الشديد، تعد هايتي واحدة من قلة من الدول التي لم تبدأ حتى الآن حملة التطعميم ضد وباء كورونا.

 ولكن لماذا كل هذا؟

في البداية، تعرف هايتي بثرواتها من السكر والبن والقطن، وربما كان هذا السبب في تعرض البلاد إلى عمليات استعمارية متتالية.

تقول صحيفة “نيويورك تايمز”، الخميس، إنه لعقود من الزمان رفضت القوى الأوروبية وبعد ذلك الولايات المتحدة الاعتراف بها كجمهورية مستقلة.

وكان هايتي أول جمهورية في العالم يقودها السود، بعدما أعلنت استقلالها عن فرنسا عام 1804، وكانت تعرف باسم “لؤلؤة جزر الأنتيل” قبل أن يصبح اسمها هايتي.

وتشير الصحيفة الأميركية أنه بسبب ثروات هايتي السياسية، كانت مطعما للقوى الاستعمارية، فحتى بعد نيل الاستقلال، لم تتركها فرنسا وشأنها، ففي عام 1825 أرسل ملك فرنسا ، تشارلز العاشر، سفنا حربية إلى العاصمة بورت أو برنس ، وأجبر هايتي على تعويض المستعمرين الفرنسيين السابقين عن ممتلكاتهم المفقودة.

وبسبب عدم قدرتها على دفع المبالغ الضخمة، غرقت لديون كان عليها أن تتحملها لنحو قرن من الزمان.

وفي عام 1915، غزت القوات الأميركية هايتي بعدما قتل متمردون الرئيس فيلبرون غيوم سام، وبررت الولايات المتحدة ذلك بأنه محاولة لاستعادة النظام هناك.

وانتهى الاحتلال الأميركي في عام 1934، لكن سيطرة الولايات المتحدة على الشؤون المالية لهايتي استمرت حتى عام 1947.

بعد ذلك، دخل البلاد في مآسي جديدة سلسلة من الانقلابات العسكرية وعمليات القمع الوحشية، ولم تتسم الحياة السياسية بالاستقرار، فعلى سبيل المثال، في أوائل التسعينيات، انتُخب جان برتران أريستيد ، وهو قس روماني كاثوليكي سابق، رئيسا لهايتي، قبل أن يطاح بحكمه.

وهذا كله أفضى تفشي الفساد وسوء الإدارة، مما بدد ثروت البلاد الطبيعية.

وأكملت  الكوارث الطبيعية أزمات هايتي، ففي عام 2010، تعرضت لزلزال مدمر أودى بحياة حوالى 300 ألف شخص.

ولم تتعاف البلاد من تلك الأزمة وظلت غارقة في التخلف الاقتصادي وانعدام الأمن، وفي عام 2016، أدت تفشي الكوليرا إلى مقتل ما لا يقل عن 10 آلاف هايتي وإصابة 800 ألف آخرين، وفق “نيويورك تايمز”.

skynewsarabia.com