ورغم أن البداية الروسية كانت قوية وبالفعل استولت على أجزاء منها، فإنّها واجهت صمودًا كبيرًا مِن قبل الجيش الأوكراني وبعض الكتائب العسكرية التي تعرف تكتيكات الروس، ومن ثمّ كانت عصية على الجيش الأحمر حتى اليوم.

وبعد أسبوعين مِن حصارها، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، مساء الأحد، منح أوكرانيا مهلة لمدة ساعات للردّ على طلب تسليم المدينة الساحلية، إلا أن الرد جاء سريعًا من قبل نائبة رئيس الوزراء الأوكراني، إيرينا فيريشتشوك، بأن “تخلينا عن مدينة ماريوبول وإلقاء السلاح أمر غير وارد”.

 

وتعيش المدينة أوضاعًا مأساويةً في ظل انعدام الطعام والدواء وانقطاع الكهرباء أو المياه العذبة منذ الأيام الأولى للحرب التي اندلعت في 24 فبراير الماضي، وقال مسؤولون أوكرانيون في المدينة إن دفعات من القنابل تتساقط على المدينة كل 10 دقائق، بينما تنفي موسكو استهداف المدنيين، مقلية باللوم على “القوميين الأوكرانيين” في الوضع في ماريوبول.

3 أسباب روسية

وتعقيبًا على ذلك، قالت الخبيرة الأميركية المتخصصة في الشؤون الاستراتيجية إيرينا تسوكرمان، إن مدينة “ماريوبول” نقطة مهمة من الناحية الاستراتيجية لأنها اتصال محتمل للجسر البري الذي تخطّط روسيا له إلى شبه جزيرة القرم، والذي سيسمح بنقل المقاتلين والإمدادات والأسلحة بسهولة بين الموقعين.

وأضافت تسوكرمان، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”: “ثانيًا، سيسمح الاستيلاء على ماريوبول لروسيا بقطع جميع موانئ البحر الأسود التي تستخدمها أوكرانيا. هذا يعني أن أوكرانيا تفقد الوصول إلى الحبوب، والتي تعد واحدة من الموردين العالميين للمساعدات الإنسانية وشحنات الأسلحة، وهي محاصرة بشكل أساسي، وثالثًا تهدف روسيا أيضًا إلى إمكانية الوصول إلى المياه، وهي فكرة أساسية في استراتيجيتها منذ الحرب العالمية الأولى، مع الأخذ في الاعتبار أن تركيا منعت السفن الحربية الروسية من دخول بوسورث، الأمر الذي يضغط على القوات الروسية في سوريا”.

وتابعت: “سحب القوات إلى أوكرانيا، هذا ضروري لروسيا للحفاظ على التفوق البحري، نجحت أوكرانيا أيضًا في تدمير سفنها في المنطقة، لذا فإن السيطرة على الموانئ سيكون أيضًا إجراءً دفاعيًّا”.

ما سرّ الصمود؟

وحول سر صمود ماريوبول، قالت تسوكرمان إن “جزءًا من ذلك يعود إلى الوجود الناجح لكتيبة آزوف المعروفة بمهاراتها في الاستطلاع والاستطلاع المضاد الذي تفتقر إليه روسيا”.

وأشارت إلى “سببٍ آخر هو ذكرى الهجمات الوحشية التي شنّها الانفصاليون المدعومون من روسيا في عام 2014 وروح المقاومة القوية بشكل عام ضد الاحتلال، والتي عادت إلى الاتحاد السوفيتي، عندما حاول ستالين تجويع المقاومة الوطنية في أوكرانيا”.

وأوضحت أن “الأوكرانيين اعتبروا أن اقتراح روسيا بتسليم ماريوبول إهانة ودعوة للعبودية، لا سيما بالنظر إلى أن روسيا لا تعمل بشكل جيد عسكريًّا أو سياسيًّا أو اقتصاديًّا. علاوةً على ذلك، أعطت وحشية روسيا ضد المدنيين مزيدًا من التفكير لمواصلة القتال. إذا استسلموا، فسيؤدّي ذلك إلى إحباط المدن الأخرى، وسيُنظر إليه على أنه خيانة لكل من مات نتيجة القصف الروسي. لا يرى الأوكرانيون في الاحتلال الروسي بديلًا قابلًا للتطبيق للموت، ويبدو أنهم على استعداد للقتال حتى النهاية”.

وتستمد ماريوبول، وهي ثاني أكبر مدن دونيتسك التي اعترفت روسيا باستقلالها هي ولوغانسك في فبراير الماضي، أهميتها الاستراتيجية من موقعها الجغرافي، فهي عبارة عن أكبر ميناء على بحر آزوف المتصل بالبحر الأسود عبر مضيق كيرتش.

ويقترب عدد سكان ماريوبول من نصف المليون نسمة، وبها نسبة كبيرة من الروس إلى جانب الأوكرانيين واليونانيين والبيلاروس والأرمن واليهود وغيرهم.

 وبعد أحداث 2014 التي أطاحت بنظام فيكتور يانوكوفيتش، تحوّلت ماريوبول إلى إحدى ساحات المواجهة بين السلطات الأوكرانية الجديدة ومعارضيها. وفي أبريل 2014، أصبحت المدينة جزءًا من جمهورية دونيتسك الانفصالية (المعلنة من طرف واحد)، قبل أن تستعيدها السلطات الأوكرانية في يونيو من العام ذاته نتيجة عملية هجومية خاضتها قوات الجيش النظامي وأفراد كتيبة “آزوف” المشكلة من القوميين الأوكرانيين.

ومنذ ذلك الوقت، باتت ماريبول مركزًا عسكريًّا وسياسيًّا مُهمًّا للسلطات الأوكرانية على خط التماس بين طرفي النزاع المسلح في دونباس. واستضافت ماريوبول “بشكل مؤقت” إدارة مقاطعة دونيتسك الأوكرانية، نظرًا لبقاء مركزها (دونيتسك) تحت سيطرة الانفصاليين.

skynewsarabia.com