فهل اقترب اليمين المتطرف من السلطة في فرنسا؟
بعد أسبوعين من التشويق، أصدر الناخبون الفرنسيون حكمهم وأعادوا تعيين متزعم حزب “الجمهورية إلى الأمام“، إيمانويل ماكرون، ذو 44 عاما لولاية ثانية وتحطم حلم اليمينية المتطرفة، مرشحة حزب “التجمع الوطني” مارين لوبان في الوصول إلى الإليزيه.
ولكن تبقى النتيجة أقل من تلك الخاصة بالاستحقاق الانتخابي لعام 2017، بعد سحقه منافسته بنسبة 66٪ مقابل 33٪.
ويرى مدير معهد الاستشراق الأوروبي، إيمانويل ديبوي، في حديث مع موقع “سكاي نيوز عربية” أن الامتناع عن التصويت هو “الحكم الأكبر في الاقتراع الحالي”.
ويوضح بالقول: “حصلت لوبان على حوالي 13 مليون صوت فيما ذهب صوت 17 مليون ناخب لماكرون. وغاب 13 مليون ناخب عن الاقتراع مع تسجيل أربعة ملايين “صوت أبيض”؛ ما يعني أن الفائز في هذه الانتخابات ليس ماكرون بل الذين لا يريدون لا مرشح حزب “الجمهورية إلى الأمام” ولا متزعمة “الحزب اليميني المتطرف”.
اليسار والمفاجأة القادمة
وبحسب تقديرات متقاربة من أربعة معاهد استطلاع، بلغ معدل الامتناع عن التصويت 28٪، أي بزيادة 2.5 نقطة عن عام 2017 الذي سجل (25.44٪).
ويضيف المحلل السياسي،”كان تشويقا مصطنعا، لم يكن بإمكان حزب “التجمع الوطني” حسابيا أن يحقق نتيجة أفضل من النتيجة الحالية، مع بعض الأصوات المهاجرة من حزب “فرنسا غير الخاضعة” وأصوات أخرى كانت لصالح اليميني المتطرف، إريك زموز والجمهورية فاليري بيكريس”.
ويعتبر في المقابل أن “الفائز والغائب الأكبر عن هذه الانتخابات هو اليساري جون لوك ميلانشون الذي حقق نجاحا مبهرا في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية مما يجعل منه منافسا مهما في الانتخابات التشريعية في شهر يونيو المقبل”.
ومن جهة أخرى، يقول إيمانويل ديبوي “لا تتوقف لوبان عن اتهام جبهة الجمهوريين بإعاقة تقدم حزبها لكن الواقع يقول عكس ذلك. فبعد خمس سنوات، استطاعت تحقيق قفزة ملحوظة وحصلت على ثقة 13 مليون ناخب من أصل 49 مليونا. وهذا رقم مهم لا يمكن تجاهله لليمين المتطرف في فرنسا”.
وهذا ما قالته لوبان بارتياح بعد إعلان النتائج “إنه في حد ذاته انتصار مدوي. اختار الملايين من مواطنينا المعسكر الوطني”.
انطلاق “جولة ثالثة”
وقبل أن تكتمل الصورة النهائية لنتائج الانتخابات الرئاسية، يبدو أن الجولة الثالثة قد انطلقت قبل أيام، وبدأ الاستعداد الفعلي للانتخابات التشريعية التي ستنظم ما بين 12 و19 من شهر يونيو المقبل.
وهذا ما يؤكده المحلل الفرنسي ديبوي ، بالقول: “لقد انطلقت حملة الانتخابات التشريعية مباشرة بعد صدور نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية. وذلك لتشكيل الحكومة الفرنسية لأن الأغلبية في البرلمان هي التي تحكم البلاد وليس الانتخابات الرئاسية. الرئيس يرأس والحكومة تحكم”.
ويختم بالقول:”لتحقيق الأغلبية البرلمانية، يجب أن يحصل ماكرون على 289 مقعدا برلمانيا. وللإشارة، في عام 2017، كان حزب ماكرون لا يملك إلا 280 نائبا ومن المؤكد سيكون هذا العدد أقل بكثير في استحقاق هذه السنة”.
ويعتبر ماكرون أول رئيس منتهية ولايته يعاد تعيينه خارج ما يوصف بـ”التعايش السياسي”، منذ اعتماد الاقتراع العام المباشر عام 1962.
كما دخل التاريخ وأصبح ثالث رئيس دولة فرنسي يتم انتخابه مرتين متتاليتين بالاقتراع العام، لينضم إلى الرئيسين السابقين فرانسوا ميتران وجاك شيراك.