ويتخوف مراقبون من أن تمتد التوترات بين موسكو وعواصم الغرب إلى المؤسسات والمنظمات الأممية والدولية، مما قد يعقد الأزمة بين الطرفين، مشيرين إلى أن الأجدى بتلك المؤسسات القيام بأدوار وسطية تحض على وقف الحرب وإحلال السلام.
وتعليقا على ذلك، يقول مسعود معلوف، الدبلوماسي السابق والخبير في الشؤون الأميركية والدولية، في حوار مع سكاي نيوز عربية :”لتمريره يحتاج القرار لأصوات نحو 130 دولة مؤيدة من أصل 193 دولة، ففي السابق صوتت 141 دولة لإدانة حرب روسيا في أوكرانيا مقابل امتناع 35 صوتا، لكن هذه المرة الأمر يبدو معقدا أكثر حيث ليس من اليسير على الكثير من الدول الأعضاء في الجمعية العامة التصويت على تعليق عضوية روسيا كونه يعتبر قرارا صعبا جدا ومحرجا لها، ولهذا تبذل واشنطن جهودا وضغوطا كبيرة على الكثير من الدول لإقناعها بالتصويت لصالح القرار”.
ويضيف: “ثمة شكوك جدية حول حظوظ هذا القرار في التمرير، كونه أن العديد من الدول الأعضاء تربطها شبكة علاقات ومصالح مع روسيا، ولا تستطيع المجازفة بها عبر التصويت على قرار كهذا”.
ويضيف الدبلوماسي السابق: “وحتى لو مرر القرار فهذا لن يغير شيئا على الأرض، فالرئيس الروسي، فلاديمير بوتن، ماض في حربه إلى أن يحقق أهدافه في أوكرانيا، لكن ما تطمح له واشنطن من وراء محاولة إقرار هذا القرار، هو إظهار عزلة روسيا دوليا ومواصلة فرض العقوبات عليها والتي وصلت الأربعاء، لحد فرض عقوبات على ابنتي بوتن نفسه، وبهدف إضعافها وإنهاكها اقتصاديا كي تجد صعوبة في تمويل حربها الأوكرانية، مع المضي في دعم كييف عسكريا كي تستطيع المقاومة والصمود قدر المستطاع أمام الهجوم الروسي، وبالتالي يتمكن الغرب من كسب المزيد من الوقت لإنهاك روسيا اقتصاديا وإجبارها على التراجع”.
وعن الموقف الأممي المتحفظ على طرح هذا القرار للتصويت، يقول معلوف: “الأمين العام للأمم المتحدة ليس مؤيدا لروسيا في حربها الأوكرانية، لكن من منطلق الحرص على التوازن وعدم التصعيد ربما عمد للتعبير عن تحفظه حول طرح القرار، كوننا نتحدث عن تصويت على ما هو أشبه بالطرد لروسيا من مجلس حقوق الإنسان، وهو يختلف تماما عن إدانة الحرب الروسية ضد أوكرانيا، ولذا من المحتمل جدا أن يؤثر هذا التحفظ من قبل الأمانة العامة على موقف العديد من الدول الأعضاء خلال جلسة التصويت”.
من طرفها تقول لانا بدفان، الباحثة في العلاقات الدولية والأوروبية بمدرسة موسكو العليا للاقتصاد، في حوار مع سكاي نيوز عربية: “تعليق عضوية روسيا في هذا المجلس سيكون عبارة عن تحيز فاضح وغض بصر عن الجرائم التي ترتكبها الميليشيات الأوكرانية المتطرفة، وهكذا خطوة دون وجود تحقيق مستقل وعادل في الاتهامات الموجهة لروسيا باستهداف المدنيين الأوكرانيين يعني التحيز وعدم الموضوعية”.
ورغم أنه يمكن تعليق عضوية روسيا في حال صوت ثلثا الدول الأعضاء بالجمعية العامة، كما تشرح بدفان: “لكن كما نعلم هناك العديد من الدول لديها موقف محايد من الحرب الروسية الأوكرانية، علاوة على تلك الداعمة للموقف الروسي، ولهذا فحظوظ تمرير هذا التعليق بالجمعية العمومية ضئيلة جدا”.
وتضيف الباحثة في العلاقات الدولية: “وفي حال تمت هذه الخطوة، فهي ستشكل تصعيدا غربيا سترد عليه روسيا بتصعيد مماثل، ويمكن القول إن ذلك قد يقود موسكو لتغيير مقارباتها إزاء الغرب، واعتماد المواجهة بدلا من الدبلوماسية”.
وعموما فتعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان، وفق بدفان: “يعني إقصاء رواية أحد طرفي الصراع في أوكرانيا، حيث ينبغي على مجلس حقوق الإنسان الأممي الاستماع لكليهما، وليس تبني رواية طرف واحد، سيما وأن الطرف المحرض الذي يقف خلف تحريك هذا الملف هو واشنطن التي لديها سجل حافل في انتهاكات حقوق الإنسان والجماعات في العديد من دول الشرق الأوسط وإفريقيا وأوروبا وحسبنا الإشارة ليوغوسلافيا والعراق”.
وللمضي قدما في المسار، لا بد من توفر النصاب القاضي بتصويت ثلثي الدول الأعضاء الـ193 في الجمعية العامة، التي تم استدعاؤها لهذا الاستحقاق. ولن يتم احتساب حالات الامتناع عن التصويت.
وأعلنت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس-غرينفيلد، الاثنين، أن بلادها ستسعى إلى تعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان “ردا على الصور الواردة من مدينة بوتشا الأوكرانية”.
وتابعت متوجهة إلى 140 دولة “صوتت لإدانة” الهجوم الروسي على أوكرانيا :”إن صور بوتشا والدمار الذي لحق بأنحاء أوكرانيا يجبراننا على تحويل الأقوال إلى أفعال”.
من جهته، أكد المتحدث باسم الكرملين، ديميتري بيسكوف، الثلاثاء، أن عمل إدارات الأمم المتحدة، بما في ذلك مجلس حقوق الإنسان، لا يمكن تصوره دون مشاركة روسيا، وهي العضو الدائم في مجلس الأمن الدولي.
وقد عبرت الأمانة العامة للأمم المتحدة، عن تحفظاتها بشأن طرح تعليق عضوية روسيا، خشية من فتح ذلك المجال أمام طلبات عشوائية من أي دولة لطلب تعليق عضوية أي دولة في أي هيئة في الأمم المتحدة.
وكل من أوكرانيا وروسيا منضويتان حاليا في مجلس حقوق الإنسان. وتنتهي مدة عضوية روسيا فيه عام 2023.