وأُحضر جوناثان توبي، وهو مهندس بحري يبلغ من العمر 42 عاماً، وزوجته ديانا، وهي معلمة تبلغ من العمر 45 عاماً، مكبّلي اليدين ويرتديان زيّ السجناء البرتقالي إلى قاعة المحكمة ومثُلا بشكل منفصل أمام القاضي.
وخلال الجلسة اطّلع القاضي على مستندات مالية أعلن على إثرها أنّ للمّتهمين الحقّ بتوكيل محامٍ تدفع الدولة بدل أتعابه، ما يعني أنّ حالتهما المادية سيّئة، وهو ما قد يفسّر لماذا حاولا بيع أسرار تتعلق بغواصات أميركية تعمل بالدفع النووية إلى دولة أجنبية لا يزال اسمها لغزاً.
واكتفت وثائق المحكمة بالإشارة إلى أنّ هذه الدولة هي حليف للولايات المتحدة، لأنّها تعاونت مع المحققين الأميركيين، وأنّ سكّانها لا يتحدثون الإنجليزية.
وفي سبتمبر الماضي اندلعت بسبب الغواصات الأميركية أزمة دبلوماسية غير مسبوقة بين واشنطن وباريس إثر انضواء أستراليا في شراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة وبريطانيا كان من أولى ثماره إلغاؤها عقداً ضخماً كانت قد أبرمته مع فرنسا لشراء غواصات تقليدية والاستعاضة عنها بغواصات أميركية تعمل بالدفع النووي.
ووفقاً للدعوى المرفوعة ضدّ الزوجين فإنّ توبي كان يعمل منذ 2012 في مجال تصميم مفاعلات للغواصات العاملة بالدفع النووي من فئة فرجينيا، أحدث جيل من الغواصات الهجومية في الأسطول الأميركي.
وفي أبريل 2020، أرسل هذا المهندس إلى دولة ثالثة طرداً يحتوي على عيّنة من الوثائق ورسالة تتضمّن إرشادات بشأن كيفية التواصل معه.
وقال المهندس في رسالته: “أعتذر عن هذه الترجمة السيئة إلى لغتكم”، واعداً بتقديم “معلومات ذات قيمة كبيرة”.
وفي ديسمبر 2020 وصل الطرد إلى ملحق الشرطة الفيدرالية الأميركية في ذلك البلد، وفقاً للشكوى التي لم تحدّد كيفية حصول هذا الأمر.
وعلى الإثر أقام محقّق من مكتب التحقيقات الفيدرالي اتصالاً مع توبي، متظاهراً بأنّه ممثّل لهذا البلد الذي تعاون إلى حدّ بعيد مع السلطات الأميركية لدرجة أنّه وضع علماً على سفارته في واشنطن من أجل كسب ثقة المهندس.
وبواسطة قناة الاتصال هذه أرسل المهندس مراراً بين يونيو وأغسطس إلى من ظنّه ممثّل الدولة الأجنبية معلومات سريّة من البحرية، تلقّى مقابلها دفعات بعملة مشفرة قيمتها 100 ألف دولار.
وكان الزوجان يخزّنان هذه المعلومات السريّة في شرائح ذاكرة مشفّرة ويسلّمانها لزبونهما المفترض من دون أي لقاء مباشر معه إذ كانا يتركانها في مكان يتم الاتفاق عليه مسبقاً بين الطرفين ويخفيانها في شطيرة أو علبة علكة أو مغلّف لضمادة جروح.
وفي رسالته قال المهندس لزبونه المفترض إنّه يأمل أن يلتقيه يوماً ما “في مقهى حول زجاجة نبيذ”.
وتوبي وزوجته والدان لأطفال قاصرين وقد أوقفهما مكتب التحقيقات الفدرالي السبت وتصل عقوبة الجرائم المنسوبة لها إلى السجن المؤبّد.