وأعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو السيطرة على ماريوبول، مؤكدا أن “أكثر من ألفي مسلح محاصرون الآن في مصنع أزوفستال”.
وهنأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتن وزير الدفاع على نجاح العملية في ماريوبول، فيما أمر قواته بإلغاء خطط اقتحام مصنع التعدين، مشيرا إلى أنه يريد استمرار حصاره بشكل آمن بدلا من ذلك.
ومع أن استمرار سيطرة الأوكرانيين على المصنع يحرم روسيا من إعلان النصر الكامل في ماريوبول، فإن الاستيلاء على المدينة يمثل أهمية استراتيجية ورمزية معا، إذ أنها تعد مهد مجموعات أوكرانية مسلحة تطلق على نفسها اسم كتيبة آزوف نسبة إلى بحر آزوف الذي تقع عليه ماريوبول، وتضم هذه الكتيبة متطرفين يمينيين من بينهم “نازيون جدد”، حسب تصريحات وزارة الدفاع الروسية.
وعن أهمية ماريوبول، قالت الخبيرة الأميركية المتخصصة في الشؤون الاستراتيجية إيرينا تسوكرمان، إن المدينة “نقطة مهمة من الناحية الاستراتيجية لأنها اتصال للجسر البري الذي تخطط روسيا له إلى شبه جزيرة القرم، الذي سيسمح بنقل المقاتلين والإمدادات والأسلحة بسهولة بين الموقعين”.
وأضافت تسوكرمان في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”: “يسمح الاستيلاء على ماريوبول لروسيا بقطع جميع موانئ البحر الأسود التي تستخدمها أوكرانيا“.
وأشارت إلى أن “روسيا تهدف أيضا إلى إمكانية الوصول للممرات المائية، وهذا عنصر أساسي في استراتيجيتها منذ الحرب العالمية الأولى، مع الأخذ في عين الاعتبار أن تركيا منعت السفن الحربية الروسية من دخول البوسفور، الأمر الذي يضغط على القوات الروسية في سوريا“.
إحكام السيطرة على دونباس
وفيما يتعلق بتأثير النصر في ماريوبول على المعركة الدائرة في دونباس، قال المحلل السياسي هاشم عبد الكريم، إن السيطرة على المدينة ستعطي دفعة معنوية كبيرة للروس بإقليم دونباس، وستمثل وضربة قاصمة للمقاومة الأوكرانية.
واعتبر عبد الكريم في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن سيطرة قوات روسيا بالكامل على ماريوبول “سيشكل منعطفا مهما في الحرب الروسية بأوكرانيا، وستكون بداية لما بعدها، فالمدينة التي تبعد نحو 55 كيلومترا فقط عن الحدود الروسية كانت مركزا رئيسيا لقيادة القوات الأوكرانية في عملياتها ضد القوات الانفصالية بمنطقة دونيتسك منذ 2014″، لافتا إلى أن المعركة القادمة “ستكون باتجاه خاركيف لتأمين لوغانسك ودونيتسك” شرقي أوكرانيا.
وأوضح أن “ذلك سيمكن روسيا من تأمين ممر يربط قواتها التي استولت على الموانئ الرئيسية في بيرديانسك وخيرسون، وتلك القادمة من شبه جزيرة القرم، والقوات الانفصالية وتلك القادمة من دونباس”.
وأشار إلى أن استعجال روسيا بالاحتفال بالسيطرة على المدينة رغم أنها منقوصة “تعويض لبعض الخسائر الواسعة في شمال أوكرانيا ودفعة معنوية للجنود في دونباس توطئة لاحتفال موسع في عيد النصر 9 مايو المقبل”.
الأهمية الاستراتيجية لماريوبول
وتستمد ماريوبول، وهي ثاني أكبر مدن دونيتسك التي اعترفت روسيا باستقلالها هي ولوغانسك في فبراير الماضي، أهميتها الاستراتيجية من موقعها الجغرافي، فبها أكبر ميناء على بحر آزوف المتصل بالبحر الأسود عبر مضيق كيرتش.
ويقترب عدد سكان ماريوبول من نصف مليون نسمة، وبها نسبة كبيرة من الروس إلى جانب الأوكرانيين واليونانيين والبيلاروس والأرمن وغيرهم.
وبعد أحداث 2014 التي أطاحت نظام فيكتور يانوكوفيتش، تحولت ماريوبول إلى إحدى ساحات المواجهة بين السلطات الأوكرانية الجديدة ومعارضيها.
وفي أبريل 2014، أصبحت المدينة جزءا من جمهورية دونيتسك الانفصالية (المعلنة من طرف واحد)، قبل أن تستعيدها السلطات الأوكرانية في يونيو من العام ذاته نتيجة عملية هجومية خاضتها قوات الجيش النظامي وأفراد كتيبة آزوف، المشكلة من القوميين الأوكرانيين.
ومنذ ذلك الوقت، باتت ماريوبول مركزا عسكريا وسياسيا مهما للسلطات الأوكرانية على خط التماس بين طرفي النزاع المسلح في دونباس.