يأتي ذلك خلال مشاركة الجابر في المؤتمر الوزاري الإفريقي المعني بالبيئة الذي عقد في إثيوبيا، حيث ألقى كلمة أكد فيها على الحاجة الملحّة لزيادة التمويل المناخي للدول الإفريقية لبناء مستقبل خال من الانبعاثات وقادر على التصدي لتداعيات تغيُّر المناخ، كما استعرض خطة عمل COP28 المكونة من أربعة ركائز تتضمن تسريع تحقيق انتقال منظّم وعادل ومسؤول في قطاع الطاقة، وتطوير آليات التمويل المناخي والتركيز على الحفاظ على البشر والحياة وتحسين سُبل العيش، ودعم هذه الركائز من خلال احتواء الجميع بشكل تام.
ويُعد المؤتمر الوزاري الإفريقي المعني بالبيئة من أهم الأحداث التي يتم خلالها تحديد سياسات الاتحاد الإفريقي بشأن مواجهة تداعيات تغيُّر المناخ، وتنسيق المواقف الإفريقية المشتركة في المؤتمرات الإقليمية والعالمية، مثل COP28.
وتأتي مشاركة الجابر في هذا المؤتمر حرصاً على التواصل مع القادة الأفارقة استعداداً لانطلاق مؤتمر الأطراف COP28، وتمهيد الطريق للتوصل إلى نتائج وحلول فعلية بشأن موضوعات التمويل، والتكّيُف، والخسائر والأضرار.
واستهل الجابر كلمته بالإشارة إلى ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لتصحيح مسار العمل المناخي وتحقيق أهداف اتفاقية باريس للحفاظ على إمكانية تحقيق هدف تفادي تجاوز الارتفاع في درجة حرارة الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية.
وقال: “سيجمَع مؤتمر COP28 دول العالم في دبي بعد ما يزيد عن 100 يوم، وكل الحقائق العلمية تؤكد على ضرورة إجراء نقلة نوعية وتطوير جذري لأسلوب استجابة العالم للتغيُّر المناخي”.
وأشار إلى أن القارة الإفريقية هي إحدى المناطق الأكثر تضرراً من الظروف القاسية التي يسببها تغيُّر المناخ، خاصة المناطق الممتدة من القرن الإفريقي إلى بحيرة تشاد ومحيطها، مضيفا: “تواجه إفريقيا ظروفاً مناخية قاسية مع تداعيات مستمرة لمدة طويلة، حيث لم تهطل الأمطار في القرن الإفريقي منذ أكثر من أربعة فصول، ويعاني 23 مليون شخص من الجوع الشديد في مختلف أنحاء إثيوبيا وكينيا والصومال، إلى جانب تقلُّص مساحة بحيرة تشاد إلى عُشر حجمها، وهي التي تعد شريان حياة لملايين البشر في نيجيريا والنيجر وتشاد والكاميرون، فيما دمرت الفيضانات المستمرة المحاصيل وانتشرت الأمراض في جميع أنحاء مالاوي، وموزمبيق، ومدغشقر، وزامبيا، ورواندا”.
وأشاد بالمبادرات المناخية للحكومات الإفريقية، وأعطى أمثلة من إثيوبيا، الدولة المستضيفة للمؤتمر الوزاري الإفريقي المعني بالبيئة، وقال: “فيما يتعلق بموضوع التخفيف، فإن 100 بالمئة من الطاقة في إثيوبيا تأتي من المصادر الكهرومائية المتجددة، كما أنها تقوم بدور رائد وقيادي لمعالجة موضوع التكّيُف من خلال التقدم في مبادرة “الإرث الأخضر لمحاربة التصحر”، التي أسهمت منذ عام 2019 في زراعة أكثر من 25 مليار شتلة، وعززت الزراعة المستدامة والأمن الغذائي، وصدَّرَت الأغذية الصحية إلى الأسواق الخارجية، وأوجدَت ما يقرب من مليون فرصة عمل خضراء جديدة، ويجب دعم هذه المشاريع والمبادرات من خلال معالجة النقص المستمر في التمويل المناخي وتوفيره بشكل كافٍ ومُيّسر وبتكلفة مناسبة”.
وأضاف: “في الوقت الحالي، تستفيد إفريقيا من عُشر التمويل المناخي العالمي فقط، ووفقاً لبنك التنمية الإفريقي، يجب توفير نحو 250 مليار دولار سنوياً للوفاء بالتزامات دول إفريقيا الـ 54 تجاه المساهمات المحددة وطنياً حتى عام 2030. كما تتلقى القارة أقل من 30 مليار دولار في السنة من التمويل المناخي رغم أنها تسهم بأقل من 5 في المئة من الانبعاثات العالمية، أي أن التمويل الذي تحصل عليه قليل جداً مقارنة مع بقية العالم، ويجب البدء بإصلاح ذلك”.
وأعلن الجابر في كلمته أن رئاسة COP28 ستستضيف بالاشتراك مع حكومة المملكة المتحدة اجتماعاً وزارياً بشأن المناخ والتنمية ضمن الاجتماعات التمهيدية لمؤتمر الأطراف، وسيركز هذا الاجتماع على تقديم التمويل المخصص للتكّيُف إلى الدول الأكثر عرضة لتداعيات تغيُّر المناخ، وسيكون الاجتماع برئاسة مشتركة بين مالاوي وفانواتو.
وأشار خلال استعراضه لخطة عمل COP28 لتطوير أداء التمويل المناخي إلى أن الخطة استرشدت بنتائج الجولة العالمية للاستماع والتواصل، التي التقى خلالها مع العديد من الأفراد والشخصيات من جميع أنحاء العالم، وخاصة من إفريقيا.
وجدد الجابر دعوة المجتمع الدولي للوفاء بمسؤولياته التاريخية، التي تشمل التزام الدول المتقدمة بتوفير مبلغ 100 مليار دولار من التمويل المناخي سنوياً للدول النامية، ومضاعفة تمويل التكّيُف بحلول عام 2050، وتجديد موارد صندوق المناخ الأخضر، وتفعيل صندوق الخسائر والأضرار وترتيبات تمويله، والالتزام بالتنفيذ السريع لكافة التعهدات.
وتناول التوصيات الرئيسية للاجتماع الذي عقدته رئاسة COP28 مؤخراً لـ”فريق الخبراء المستقل رفيع المستوى المعني بالتمويل المناخي”، وبحث سُبل تحديث الهيكل المالي العالمي، حيث أشار إلى أن آليات مؤسسات التمويل الدولية وبنوك التنمية متعددة الأطراف “تم وضعها خلال النصف الثاني من القرن الماضي، ولا بد من تطويرها وتحديثها لتلبية احتياجات هذا القرن”.
وقال: “يجب توفير مزيد من التمويل المُيّسر بما يسهم في خفض المخاطر، وجذب مزيد من رأس المال من القطاع الخاص، بالتزامن مع إنشاء واعتماد ونشر آليات جديدة ومبتكرة لإدارة المخاطر المرتبطة بالعملات، وينبغي تطبيق شروط أكثر مرونة للدول التي تعاني من أعباء ديون عالية في مختلف أنحاء العالم لتعزيز قدرتها على التكّيُف مع تداعيات تغيُّر المناخ، كما يجب أن يشترك القطاعان الحكومي والخاص في إقامة مجموعة من المشروعات التجارية القابلة للتمويل، ويجب معالجة التفاوت الهائل بين تمويل التخفيف وتمويل التكّيُف، حيث يتم تخصيص دولار واحد فقط للتكّيُف مقابل تسع دولارات للتخفيف”.
وسلط الجابر الضوء على خطة عمل رئاسة COP28 “لوضع الطبيعة والناس والصحة في صميم أجندة المناخ، وضمان الارتباط الوثيق بين العمل المناخي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية”، مؤكدا على الحاجة الملحة “لوضع التطوير الشامل للنظم الغذائية وتعزيز الاستخدام المستدام للأراضي ومعالجة انعدام الأمن الغذائي في مقدمة الأولويات. حيث لا ينبغي أن يواجه أي منزل في العالم الجوع، بما في ذلك 140 مليون إفريقي يواجهون حالياً انعدام الأمن الغذائي. ومن خلال الاستفادة من التقنيات الزراعية وأساليب الزراعة المستدامة، يمكننا الحد بشكل كبير من انعدام الأمن الغذائي، بالإضافة إلى انبعاثات الكربون الناتجة عن إنتاج الغذاء”.