يقول دانيليوك، وهو رئيس مجلس الأمن والدفاع في كييف ومستشار رئيس أوكرانيا سابقاً، في تصريحات خاصة لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتن نجح في تحويل التركيز من التهديدات الكبيرة إلى دونباس ولوغانسك، وهدفه في ذلك دفع أوكرانيا إلى اتفاقيات مينسك التي تنطوي على مخاطر بالنسبة لبلدنا (..) وهذا ما يفسر سبب تصعيد روسيا الآن واستهداف قرانا على الحدود في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة (..) الهدف هو الضغط على فرنسا وألمانيا لتسريع محادثات نورماندي؛ للضغط علينا حتى نقبل بتقديم التنازلات”.

ويعتقد السياسي الأوكراني البارز الذي شغل منصب وزير المالية في وقت سابق، أن “هذه الحيلة الروسية تسمح لبوتن بكسب بعض الوقت؛ لإعادة التفكير فيما يجب فعله بعد محادثات نورماندي”، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن “التصعيد سيستمر، وستكون هناك بالتأكيد هجمات إلكترونية جديدة وضغط اقتصادي، يُحتمل معه غلق بعض طرق التجارة”.

ويتوقع مواصلة الكرملين “سياسة الضغط على كييف على مدى سنوات” فضلاً عن عمل روسيا لـ “دفع قوى سياسية موالية لها لتعزيز مصالحها داخل السياسة الأوكرانية”.

الحرب المباشرة

وحول سيناريوهات “الحرب المباشرة”، يوضح المؤسس المشارك لمركز الاستدامة الوطنية والتنمية أنها “تشكل احتمالاً ضئيلاً، على رغم أنها سيناريو واقعي تماماً”، موضحاً أن كل شيء يعتمد على نتيجة “المباحثات الدبلوماسية”، بينما التوترات مرتفعة و”أي خطأ دبلوماسي قد يؤدي لحرب صغيرة أو كبيرة”.

ويؤكد أن “جميع الأطراف تحاول تجنب مثل هذه النتيجة الكارثية، بما في ذلك الروس.. بوتن يخلق انطباعاً بأنه مستعد للهجوم، وربما يكون كذلك، لكن شيئاً واحداً يمنعه من القيام بذلك وهو أن النتيجة لا يمكن التنبؤ بها”.

المسار الدبلوماسي

وبينما يرى السياسي الأوكراني الحسم العسكري مستبعداً، فإنه بموازاة ذلك لا يعتقد بأن آلية النورماندي منصة لحل الأزمة الحالية “لأنه من الواضح أن لدى بوتن طموحات أكبر بكثير”.

ويستطرد: “محادثات النورماندي مع ألمانيا وفرنسا تخلق مزيداً من المخاطر على أوكرانيا (..) حكومتنا يجب أن تكون حازمة في النهاية في قولها إن مينسك ليست وسيلة للمضي قدماً (..) روسيا انتهكت الاتفاق مرات عديدة، وفي الوقت الحالي إذا ذهبنا إلى مينسك 3 فمن الواضح أنه سيكون نوعاً جديداً من الترتيبات التي تفرضها روسيا.. وبالتالي مينسك 3 سيكون أكثر ضرراً على كييف”.

ورداً على سؤال حول ما إذا كانت أوكرانيا قادرة على التصدي لأي تهديدات عسكرية مباشرة، يتحدث دانيليوك، عن “قدرة كييف على صد أي عدوان وإلحاق أضرار وخسائر جسيمة بالخصم”، لكنه يقول في الوقت نفسه: “إذا كنا نتحدث عن حرب تقليدية، فمن الواضح إذا كانت روسيا ستستخدم أسلحتها الاستراتيجية مثل الصواريخ والطيران الاستراتيجي، فقد تكون هذه نتيجة مختلفة.. يمكن لروسيا أن تدمر بنيتنا التحتية.. وفي الواقع في الوقت الحالي ليس هناك الكثير مما يمكننا القيام به لمنع ذلك”.

ملف التسليح

لكنه يتابع: “إذا قررت روسيا بالفعل الاستيلاء على أراضينا، فسنكون قادرين على خلق عقبات وتكبيدها خسائر .. قدراتنا تتزايد بسبب إعداد جيشنا، وتلقينا بعض الدعم العسكري من شركائنا، لا سيما الصواريخ المضادة للطائرات والدبابات (..)”.

وعن الدول الأوروبية التي رفضت تسليح كييف، يقول الرئيس السابق لمجلس الأمن والدفاع في كييف: “توريد الأسلحة في هذه المرحلة من شأنه أن يمنع الحرب، وإذا كانوا يريدون منع الحرب فعليهم مساعدة أوكرانيا ومساعدة أنفسهم ومساعدة أوروبا على عدم خوض موجة جديدة من العنف، قبل فوات الأوان”.

الهجمات السيبرانية

وبموازاة ذلك، يشير السياسي الأوكراني إلى “الهجمات السيبرانية” التي تتعرض لها بلاده، والتي يعتبرها “خطيرة وضارة تماماً كأداة قائمة بذاتها لزعزعة استقرار البلاد”، موضحاً أن أوكرانيا تعرضت لعدة موجات من تلك الهجمات، بدءاً من 2015 وهي الهجمات التي أثرت البنية التحتية للطاقة، وفي 2016 والتي أثرت على النظام المالي ومؤسسات حكومية، وصولاً إلى الهجمات الأخيرة والتي طالت بنوك ومؤسسات حكومية.

ويُبرز في معرض حديثه النقاط المستهدفة من تلك الهجمات، بدءاً من شبكات الهاتف المحمول والبنية التحتية للنقل والطاقة، وتحديداً محطات الكهرباء، بما في ذلك الطاقة النووية، مشيراً إلى وجود هيئة مركزية للدفاع عن أوكرانيا من تلك الهجمات، وهي ناجحة للغاية “لكن نضع في الاعتبار أن ذلك يتطلب الكثير من الموارد والتعاون وتبادل المعلومات”.

ويشير إلى أن كبح جماح روسيا يمكن من خلال “الموقف القوي من شركاء أوكرانيا ورفضهم تقديم أي تنازلات”، متهماً موسكو بـ “الخداع”. ويحذر في الوقت نفسه من تقديم التنازلات لروسيا ضمن محاولات الغرب لمنع العدوان، قائلاً: “عملياً ستشعل تلك التنازلات النيران وتدفع موسكو لتحريك الخطوط الحمراء أقرب نحو الغرب”.

ويختتم حديثه بالإشارة إلى أنه “إذا كانت لدى روسيا بعض المخاوف بشأن أمنها، فعليها التعامل مع هذه المخاوف،ولكن ليس على حساب أوكرانيا أو أي دولة أخرى. أعتقد بأن هذه المخاوف مصطنعة”.

skynewsarabia.com