دعت حركة “السترات الصفراء“، التي انطلقت قبل 4 أعوام، ومثلت التحدي الأكبر والأهم أمام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في فترة ولايته الأولى، إلى تنظيم تظاهرات في باريس ومناطق عدة أخرى السبت، اعتراضا على قانون التقاعد المطروح حاليا أمام البرلمان الفرنسي، وأيضا للمطابة بتحسين الظروف المعيشية لاحتواء تداعيات الأزمة الاقتصادية.
تأتي الدعوة تزامنا مع تصعيد حركة الإضراب العمالية في مختلف أرجاء البلاد، ودخول الأطباء في اعتصام مفتوح للأسبوع الثاني على التوالي، احتجاجا على تدني مستوى الخدمات الصحية.
في محاولة استباقية لاحتواء الأزمة، أبدت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن، مرونة حيال إصلاح نظام التقاعد المثير للجدل، معتبرة أن حلولا أخرى ستكون ممكنة لتساعد الحكومة بشأن خطتها لرفع سن التقاعد إلى 65 عاما، وفي نفس السياق، التقت بورن الثلاثاء النقابات لمناقشة خطة الإصلاح.
كما أعلن الرئيس ماكرون حزمة إجراءات، خلال كلمته التي ألقاها احتفالا بالعام الجديد، من شأنها تهدئة الشارع، أبرزها: إعلان خطة لإعادة هيكلة المستشفيات ونظام الدعم الصحي استجابة لمطالب الأطباء.
كما أكد ماكرون عزمه إصلاح نظام التقاعد الذي تأخر كثيرا في البلاد، على حد قوله.
تطرق ماكرون في كلمته إلى أزمة الطاقة المتفاقمة في البلاد، متعهدًا بالسعي لحلها، وحث الفرنسيين على الاستمرار في توفير الطاقة لتجنب تداعيات أكبر للأزمة.
يشهد يناير دعوات مكثفة للتظاهر من النقابات العمالية وكذلك اتحاد الخبازين، فضلا عن دعوات حركة “السترات الصفراء”، يتشارك جميعها دافع التراجع الاقتصادي في البلاد وتأثير ارتفاع الأسعار، خاصة أسعار الطاقة على حركة الإنتاج، حسب الكاتب السياسي، رئيس تحرير صوت الضفتين بباريس، نزار الجليدي.
وحسب حديث الجليدي، لموقع “سكاي نيوز عربية”، تمثل حركة الاحتجاجات ضغطا على ماكرون وحكومته، خاصة في ضوء تفاقم أزمة الطاقة في البلاد وارتفاع الأسعار بشكل جنوني نتيجة تداعيات الأزمة الأوكرانية.
يقول الجليدي إن البلاد تواجه شتاء قاسيا بسبب استمرار أزمة الغاز في البلاد، دون إيجاد حلول حقيقية من جانب الحكومة، كما يبلغ التضخم أعلى مستوى تاريخي له، الأمر الذي سيدفع إلى توسيع رقعة الاحتجاجات ضد الرئيس الفرنسي وحكومة بورن.
ولفت الجليدي إلى الحكومة الفرنسية تواجه شهرا صعبا في يناير الجاري، مع عودة حركة “السترات الصفراء” إلى الحراك الميداني مجددا، ووجود استجابة شعبية للمطالب التي أعلنتها الحركة، خاصة أنها تتوافق مع مطالب غالبية المواطنين
المتضررين جراء الأزمة الاقتصادية.
من جهته، لا يتوقع السياسي الفرنسي مراد الحطاب، أن تنجح الجهود الحكومية الراهنة في احتواء الأزمة، لأنها لم تقدم حلولا لها.
في تصريح لـ”سكاي نيوز عربية”، يقول الحطاب إن ماكرون يتحمل أمام الشعب مسؤولية الأزمة الاقتصادية وتراجع الخدمات وارتفاع مستوى التضخم، وكلها أمور لها تأثير مباشر على المواطن وتثير غضبه.
وحسب الحطاب، لم يستجب الفرنسيون للنداءات التي أطلقها ماكرون عشية الاحتفال برأس السنة، وخرجت الحشود غاضبة نتيجة تدهور الوضع الاقتصادي في البلاد، واحتجاجا على قانون التقاعد الذي يصر الرئيس على استكماله، وهو ما يعد مؤشرا على زيادة رقعة الاحتجاجات خلال الشهر المقبل.