وقال نائب مُدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية، ديفيد كوهين، في حديث خلال قمة الاستخبارات والأمني القومي في العاصمة واشنطن، إن وكالته حصلت على أنباء متطابقة من العديد من الوكالات الدولية المُتعاونة، لا سيما الموجودة في دول مجاورة في أفغانستان، فأقرت كلها بتلك المُعطيات.
وأضاف كوهين أن الوكالة الأميركية، أوقفت جهودها الميدانية على الأرض في أفغانستان، بعد إغلاق السفارة الأميركية وشبكات محطات وكالة المخابرات الأميركية في مختلف أنحاء أفغانستان، لكنها مستمرة في الحصول على معلومات ذات مصداقية، عبر التعاون مع شركاء إقليميين.
تصريحات المسؤول الاستخباراتي الأميركي، لم تذكر ما إذا كان تنظيم القاعدة يتحرك عبر التعاون مع حركة طالبان أو بغض نظر منها، أم إنه ينشط كانعكاس للوضع القائم الذي دخلت فيه أفغانستان خلال الفترة الأخيرة، حيث تسود فوضى أمنية وسياسية عارمة في مختلف مناطق البلاد، لا سيما بعد إخلاء حركة طالبان للمناطق الجبلية العصية، وظهور تنظيمات مُسلحة قريبة من داعش (داعش خرسان).
لكن التقارير الأميركية تأتي في وقت يطالب فيه سياسيون ومشرعون أميركيون، وخصوصا من الحزب الجمهوري الأميركي، بتصنيف حركة طالبان كتنظيم إرهابي.
ووجه العديد من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي رسالة إلى الرئيس الأميركي جو بايدن، يذكرونه فيها بالمخاطر التي تشكلها حركة طالبان على الأمن القومي الأميركي، مذكرين “بأن حركة طالبان، ومنذ إعادة سيطرتها على أفغانستان، استأنفت عاداتها الإجرامية والقمعية التي كانت تمارسها قبل وصول القوات الأميركية في عام 2000”.
من ناحيته، أوضح وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكين، خلال مناقشته أمام مجلس النواب الأميركي أن حركة طالبان أكدت التزامها بعدم السماح لأي شخص بتهديد أية دولة أخرى، انطلاقاً من الأراضي الأفغانية، لكنه أضاف أن الإدارة الأميركية لا تعتمد على ذلك التعهد فحسب “سنحافظ على جهد مراقبة حادة لرصد التهديدات، وقدرات قوية لمكافحة الإرهاب في المنطقة، لتحييد تلك التهديدات إذا لزم الأمر”.
روابط قديمة
ويشرح الباحث المختص في الشؤون الأمنية، رشيدي أمروز، في حديث لـ”سكاي نيوز عربية”، التعقيدات المرتبطة بإمكانية تحويل تنظيم القاعدة لأفغانستان إلى ملاذ “آمن” لها خلال المستقبل المنظور.
وقال أمروز “من المعروف أن تنظيم القاعدة، وبعد هزيمة حركة طالبان خلال العام 2001، شتت من شبكة تمركزه، فبينما كان ثمة اعتقاد واسع أن إيران تحولت إلى مركز أساسي له، إلا أن عددا من الدول الأخرى تعاونت بشكل غير مباشر مع التنظيم. لكن ذلك لم يكن بدون ثمن، حيث خضع هذه التنظيم لأجندات الدول التي استقر لديها، وهو يتطلع أولاً ودائماً للتخلص من تلك الأجندات، والعمل دون وصاية من أي طرف، أو لتغيير نمط العلاقة مع الدولة والأجهزة الاستخباراتية المتعاونة معه”.
يضيف أمروز في حديثه “ثمة ما هو تراجيدي بالنسبة لطالبان وإمكانية إعادة استقبال تنظيم القاعدة في أفغانستان. فمن جهة ثمة وشائج قوية، حتى وإن كانت غير معلنة، بين طالبان والقاعدة، متأتية من تاريخ مشترك بينهما منذ أوائل الثمانينات، حتى قبل التشكيل الرسمي للتنظيم في أواخر ذلك العقد”.
وأردف الباحث “أجيال مقاتلي الطرفين تمت تنشئتهم معا. وهذا الأمر ذو أثر نفسي وسياسي وعقائدي على قادة طالبان. ومن جهة أخرى تتلهف الحركة للحصول على الشرعية والاعتراف الدوليين، وهي تتطلع لأن يتفهم قادة التنظيم حالتهم هذه، ولو بشكل مؤقت”.
وتنظيم القاعدة الذي يُعرف كتنظيم عالمي يقود عمليات عسكرية إرهابية على مستوى العالم، كان قد تأسس في أواخر الثمانينات في أفغانستان، بُعيد انتهاء مرحلة الغزو السوفياتي لأفغانستان.
وكانت الأجهزة الاستخباراتية العالمية تؤكد وجود صلات شخصية وسياسية وتنظيمية وعسكرية بين حركة طالبان وتنظيم القاعدة على الدوام، بما في ذلك التسبب بأحداث الـ 11 من سبتمبر للعام 2001، والتي كانت السبب الرئيس وراء الغزو الأميركي لأفغانستان.
وقد كان أيمن الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة الذي خلف الزعيم المؤسس أسامة بن لادن، قد ظهر من خلال شريط مصور وهنأ حركة طالبان بما أسماه “الانجاز”، وهو ما اعتبره متابعون دليلاً إضافياً على الصلات المحتملة بين الطرفين.