يأتي هذا في الوقت الذي أعلنت تركيا أن وزير دفاعها خلوصي آكار يبذل جهوداً لاستئناف “اتفاق الحبوب” بعد تعليق موسكو له على خلفية هجمات شهدتها مدينة سيفاستوبول جنوبي شبه جزيرة القرم.

وقال بيان لوزارة الدفاع التركية، إن “آكار” يواصل مباحثاته مع “الجهات المعنية” لحل المشكلة، واستئناف أنشطة مبادرة الحبوب التي نُفِّذت عبر التنسيق المشترك حتى اليوم، مطالبا بأهمية استمرار الاتفاق “لما له من تأثير إيجابي على الإنسانية في أنحاء العالم، وإمكانية حل الأزمات كافة عبر الحوار والنوايا الحسنة”.

وطالب بضرورة تجنب “أي استفزاز” من شأنه أن يؤثر سلباً على استمرار الاتفاق، في الوقت الذي كشف البيان أن الموظفين الروس العاملين في مركز التنسيق المشترك بإسطنبول لا يزالون في أماكن عملهم.

 

وفي وقت سابق، دعا الاتحاد الأوروبي، روسيا إلى التراجع عن قرارها بالانسحاب من اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، والذي يتزامن مع أزمة غذاء عالمية.

شرط روسي
على الجانب الآخر، كشف نائب وزير الخارجية الروسي، أندريه رودنكو، أن الحديث عن عودة روسيا إلى “اتفاق الحبوب” من الممكن أن يحدث بعد معرفة ملابسات الهجوم على سفن أسطول البحر الأسود في مياه سيفاستوبول.

وقال رودنكو في حديث نقلته وكالة “نوفوستي” الروسية، إنه “على الأرجح فقط بعد أن تصبح كل التفاصيل معروفة، بحيث من الممكن التحدث عما ستكون عليه الخطوات التالية”، معتبرًا أنه من الضروري الكشف بالتفصيل عن جميع ملابسات الحادث لأنه “ينتهك جميع الشروط التي تم الاتفاق عليها في وقت سابق”.

وفي يوليو الماضي، وقعت روسيا وأوكرانيا على اتفاقية في إسطنبول برعاية الأمم المتحدة وتركيا، تتيح لأوكرانيا إعادة فتح موانئها على البحر الأسود من أجل تصدير الحبوب، بما يسمح بتصدير ملايين الأطنان من الحبوب العالقة في أوكرانيا بسبب الحرب.

وحتى 27 أكتوبر الجاري، جرى تصدير أكثر من 9.2 مليون طن من الحبوب والمواد الغذائية الأخرى بموجب الاتفاقية، وفقًا للبيانات التي نشرتها الأمم المتحدة.

 وعلى الرغم من أن الهدف الأساسي لاتفاق الحبوب كان إنهاء الحصار على الصادرات الأوكرانية، والذي كان جزءًا من أزمة الغذاء العالمية، إلا أنه سمح أيضًا بمزيد من شحنات الحبوب والأسمدة الروسية.

بدورها، قالت وزارة الدفاع الروسية إنها انتشلت وحللت حطام طائرات مسيرة استخدمت في مهاجمة أسطول البحر الأسود يوم السبت في شبه جزيرة القرم.

وأوضحت أن الطائرات المسيرة التي هاجمت السفن الروسية في سيفاستوبول غادرت أوديسا وتحركت على طول المنطقة الأمنية لممر صفقة الحبوب.

أزمة كبرى
من جانبه، يرى الخبير في العلاقات الدولية عبد المسيح الشامي، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن ما دفع روسيا لإيقاف هذا الاتفاق هو عدم الالتزام من الجانب الأوكراني ومن خلفه الغرب، كون أن الضربة التي وجهت إلى الأسطول الروسي في سيفاستوبول، هو عمل مشترك على الرغم من اعتبار المنطقة التي وقع بها الهجوم من المناطق الآمنة لتصدير الحبوب.

 

ويرى “الشامي” أن موسكو تنظر لتلك الأزمة بأن الأطراف الغربية أرادت إيقاف هذه الاتفاقية ومنع تصدير الحبوب، لتحميل روسيا مسؤولية “تجويع العالم” وعدم تصدير الحبوب ووصول المواد الغذائية إلى دول العالم وخاصة الفقيرة منها، مضيفًا: “لا يمكننا التوقع أكثر من الموقف الروسي، فهذا أمر طبيعي عندما يُستهدف أسطول روسيا في جزيرة القرم الذي يشرف على مناطق تصدير الحبوب والذي يحمي القوافل ويؤمن المعابر”.

وتوقع خبير العلاقات الدولية أن تؤثر هذه الأزمة على أسعار المواد الغذائية وارتفاع معدلات التضخم في العالم، كون روسيا وأوكرانيا من المصادر الأساسية للغذاء العالمي.

وتعليقاً على الوساطة التركية لاستئناف الاتفاق مجددًا، قال “الشامي” إن “الدور التركي مهم لأسباب مختلفة، وهو مدفوع بمصالح أنقرة التي تحاول أن تلعب دور الوسيط والجسر الذي يربط مصادر الطاقة والمواد الغذائية والأسواق التي تستهلكها”.

وأوضح أن اتفاق تصدير الحبوب يعود على أنقرة بفائدة اقتصادية ومنافع سياسية واهتمام دولي في الأزمة الراهنة، ولذا تجد نفسها معنية بتنشيط المفاوضات ودفع موسكو لاستئناف الاتفاق حتى لا تخسر “ورقة رابحة” تستعملها في ملفات أخرى مع أوروبا وتحسين موقفها مع روسيا.

skynewsarabia.com