ورغم محاولةالقوات الروسية التقدم تدريجياً صوب المدن الرئيسية بما في ذلك العاصمة كييف، وتدمير المنشآت الحيوية لدفع أوكرانيا للخضوع، إلا أن محللين عسكريين أشاروا لصعوبات كبيرة أمام روسيا في إحكام السيطرة نظرًا للدفاع القوي من جانب القوات الأوكرانية التي تدعمها الولايات المتحدة والغرب، وسط تخوفات من تحول الوضع لحرب استنزاف ممتدة.

 

كان الجيش الروسي قد بدأ يوم 24 فبراير الماضي، عملية عسكرية “خاصة” استهدفت البنية التحتية العسكرية في جميع أنحاء أوكرانيا، بالإضافة إلى عدة مطارات ومنشآت رئيسية أخرى.

وهاجمت القوات الروسية أوكرانيا من 3 جهات، في الساعات التي سبقت ضوء النهار، خاصة مدى أوديسا ودنيبرو وماريوبول وكراماتورسك وخاركيف، في حين تستمر إلى الآن محاولتها لدخول العاصمة كييف وسط دفاع قوّي من القوات الأوكرانية المدعومة من الولايات المتحدة ودول أوروبية.

وقال مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية إنه رغم مرور شهر على الحرب في أوكرانيا، ما تزال القوات الروسية عالقة على بعد 15 كيلومترًا في شمال غرب كييف و30 كيلومترًا في شرق العاصمة الأوكرانية.

وتزامن دخول الحرب الأوكرانية شهرها الثاني في الوقت الذي تحتضن العاصمة البلجيكية بروكسل ثلاث قمم في نفس اليوم هي قمة الناتو ومجموعة الدول السبع، إضافة إلى قمة الاتحاد الأوروبي، بحضور الرئيس الأميركي جو بايدن؛ لمناقشة الخطوات المقبلة لمواجهة نظام الرئيس الروسي فلاديمير بوتن.

مدن في وجه العاصفة
ويرى مدير الاستراتيجيات والتسليح بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ومقره لندن، والمسؤول السابق في حلف الناتو، وليام ألبيركي، أنَّ روسيا ستتوقف مؤقتًا لإعادة تنظيم الإمداد العسكري في شمال أوكرانيا، والبدء من جديد في تطوير هجماتها، حيث تظل كييف النقطة الرئيسية للغزو الروسي.

وأوضح ألبيركي في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن القوات الروسية ستواصل محاولة محاصرة الأوكرانيين بالقرب من مدينتي دونيتسك ولوغانسك، كما ستدمر مدينة موريوبول حتى آخر مبنى، وتنتهي من ممرها البري من شبه جزيرة القرم إلى دونيتسك.

كما يرغب الجيش الروسي في مهاجمة أوديسا، لكن من المحتمل ألا يتمكن من ذلك مع وجود القوات الأوكرانية، وفق “ألبيركي”.

 ومنذ اليوم الثاني للحرب الروسية الأوكرانية، تستميت موسكو للسيطرة على مدينة ماريوبول شرقي أوكرانيا، عبر معارك مستمرة وقصف متواصل حتى باتت أحد أكثر ساحات المعارك سخونة، ما أرجعه محللون لثلاثة أسباب أبرزها خلق ممر بين القرم ودونباس، وكذلك خنق اقتصاد كييف.

وتُواجه القوات الروسية بصمود كبير مِن قِبل الجيش الأوكراني وبعض الكتائب العسكرية التي تعرف تكتيكات الروس.

ماذا تحقق؟
وأشار المسؤول السابق في حلف الناتو إلى أن القوات الروسية “فشلت في تحقيق معظم أهدافها بعد مرور شهر على بداية حربها في أوكرانيا، إذ كان هدفها الأساسي السيطرة على العاصمة كييف وتنصيب نظام تابع لها”.

وأضاف: “لكنها فشل ذلك، ومن المرجح أن يستمر في الفشل في المستقبل المنظور”.

وأشارت تقارير غربية إلى أن الاستيلاء على كييف كان الهدف الأوّل للروس حين عبروا الحدود الأوكرانية في 24 فبراير بهدف إسقاط نظام الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، لكنهم افترضوا أن المقاومة الأوكرانية ضعيفة، دون إعطاء أهمية لاحتياجاتهم اللوجستية.

 كما لم يتمكن الجيش الروسي من تحقيق تفوق جوي في سماء أوكرانيا إلى الآن.

وأوضح “ألبيركي” أن الهدف الثاني للحملة الروسية كان تحقيق جسر بري من شبه جزيرة القرم إلى دونيتسك، ونجحوا في ذلك، وكذلك الحال بالنسبة للهدف الرابع المتمثل في تأمين إمدادات المياه لشبه جزيرة القرم.

وأكد أن الهدف الرابع كان يكمن في الاستيلاء على كل من دونيتسك ولوغانسك، وهذا لم ينجح بعد.

أما الهدف الخامس فكان على الأرجح هو تأمين جسر بري إلى جمهورية ترانسنيستريا المستقلة، وبالتالي عزل أوكرانيا تمامًا عن البحر الأسود، لكن هذا لم ينجح وهو غير مرجح في القريب العاجل، وفق تأكيد المسؤول السابق في حلف الناتو.

حرب استنزاف
بدوره، يعتقد الخبير في شؤون الجيش الروسي مايكل كوفمان، أنه من المحتمل أن تتحول الحرب الأوكرانية بمرور الوقت إلى حرب استنزاف.

وكتب كوفمان عبر تويتر: “قد يكون الفصل التالي من هذه الحرب أكثر قبحًا لأن من المحتمل أن تتحول إلى حرب استنزاف، مع تكثيف قصف المناطق المدنية. ومن المحتمل أن تحاول القوات الروسية التعويض عن الأداء الضعيف من خلال إحداث مزيد من الدمار”.

 وأضاف أنه “بشكل عام، إذا كانت هناك مرحلة أخرى، فمن المحتمل أن تحاول القوات الروسية التعويض عن الأداء الضعيف من خلال إلحاق المزيد من الدمار للقوات الأوكرانية”.

وأشار إلى أن الجيش الروسي يفسر “نزع السلاح” كهدف ثانوي في هذا الصراع، لكنه يلاحق صناعة الدفاع الأوكرانية والبنية التحتية العسكرية الرئيسية، ويبدو أنهم يريدون تقويض الإمكانات العسكرية لأوكرانيا إلى حد كبير.

skynewsarabia.com