كشفت إحدى الوثائق، المؤرخة في 23 فبراير الماضي، والتي تحمل علامة “سري“، أن أنظمة الدفاع الجوي الأوكرانية من طراز “إس 300″، والتي تعود إلى الحقبة السوفيتية، سوف تنفد بحلول 2 مايو المقبل وفقًا لمعدل الاستخدام الحالي.
معركة السماء
- اعتبرت صحيفة “وول ستريت جورنال”، أن نفاد آخر احتياطيات الدفاعات الجوية الأوكرانية من صواريخ “إس 300“، سيسمح للطيران الروسي بتنفيذ ضربات في العمق الأوكراني بحرية كاملة، عوضا عن إطلاق الصواريخ من أعالي البحار.
- في الأيام الأولى من الحرب، اعتمدت أوكرانيا على أسلحة الدفاع الجوي من طراز “إس 300″ و”بوك” لاستهداف الطائرات والصواريخ الباليستية، وكروز، والتي تشكّل 89 بالمائة من حماية أوكرانيا ضد الطائرات المقاتلة.
- ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” أن أنظمة الدفاع الجوي “بوك” التي تعتمد عليها أوكرانيا مع “إس 300” قد تواجه مشاكل أيضا بحلول منتصف أبريل.
- قيَّمت الوثيقة المسربة نفسها أن الدفاعات الجوية الأوكرانية المصممة لحماية القوات على خط المواجهة، حيث تتركز الكثير من القوة الجوية الروسية، سيتم “تخفيضها بالكامل” بحلول 23 مايو، مما يؤدي إلى إجهاد شبكة الدفاع الجوي في عمق الأراضي الأوكرانية.
مخاوف أوكرانية
- لم يعلق المتحدث باسم قيادة القوات الجوية الأوكرانية، الكولونيل يوري إهنات، بشكل خاص على المعلومات الواردة في الوثائق المسربة، لكنه قال إنّ بلاده تواجه تحديات خطيرة في العثور على الذخيرة السوفيتية لأنظمتها الصاروخية من طراز “إس 300″ و”بوك”.
- قال المسؤول العسكري الأوكراني إنه “إذا خسرنا معركة السماء، فإن العواقب ستكون خطيرة للغاية بالنسبة إلى أوكرانيا، وهذا ليس وقت المماطلة”، داعيا الحلفاء الغربيين لتسريع مساعدتهم.
- أشارت “الغارديان” نقلا عن مسؤولين عسكريين كبار، إلى أن اكتساب الطائرات المقاتلة والقاذفات الروسية المزيد من الفرص لمهاجمة القوات الأوكرانية قد يشكّل تحديًا كبيرًا لكييف، مما يغيّر بشكل كبير الصراع المستمر منذ 15 شهرًا لصالح موسكو.
- يشعر مسؤولو البنتاغون الآن بالقلق من أن وابل الهجمات التي تشنها موسكو من بعيد يستنزف مخازن أوكرانيا من الصواريخ التي تستخدمها للدفاع عن نفسها.
- يشير تقييم في وثيقة أخرى مسربة للبنتاغون إلى أن عدد الطائرات المقاتلة الروسية المنتشرة حاليا في مسرح العمليات بأوكرانيا يبلغ 485 مقارنة بـ85 طائرة أوكرانية.
نقص مخزون الذخائر
من جانبه، أوضح الباحث المتخصص في السياسات الدفاعية، محمد حسن، في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن الوثائق المسربة لم تأتِ بجديد فيما يخص وضع بطاريات صواريخ الدفاع الجوي الأوكراني بعد 14 شهرًا من الحرب، إذ تعاني كييف فعليا من نقص مخزونها من الأسلحة في الصيف الماضي خصوصا الدفاع الجوي.
حدَّد حسن أسباب نقص مخزون الأسلحة والذخائر، في عدد من النقاط، تشمل:
- روسيا استهدفت في المرحلة الأولى من الحرب أنظمة الدفاع الجوي بشكل مكثف، ونتج عن ذلك امتلاك روسيا حتى شهر مايو الماضي لقدرة التحريم الجوي والسيطرة الجوية، إلا أنه ومع وصول إمدادات الأسلحة النوعية لأوكرانيا لم يتمكّن أي طرف من حسم معركة السيادة الجوية، ولهذا نرى أنماطًا لحروب الخنادق واقتحامات المدن في العديد من المدن الأوكرانية لا سيما الواقعة في حوض دونباس.
- مع عدم تمكّن أي طرفٍ من حسم معركة السيادة الجوية، يأتي دور أنظمة الدفاع الجوي التي عادة ما تنجح في فرض الهيمنة على أجواء المعركة التكتيكية، ولهذا يستنزف كل طرف مخزونه من صواريخ الدفاع الجوي.
- بالنظر للحالة الأوكرانية نجد أنها كانت تمتلك واحدة من أكبر مخزونات بطاريات الدفاع الجوي “إس 300” بأوروبا والعالم، كما تشير بعض التقديرات إلى امتلاك كييف لنحو 100 بطارية لنظام “إس 300″، مع وجود قرابة 300 قاذف.
- لكن في غضون 6 إلى 7 أسابيع من بدء الحرب، دمرت روسيا نحو 21 قاذفا لنظام “إس 300″، وحتى مع حصول أوكرانيا على إمدادات لصواريخ المنظومة من سلوفاكيا وعدة دول بشرق أوروبا، إلا أنّ مخزونها بدأ بالنفاد بالفعل، ونحن هنا لا نتحدّث عن منظومة إس 300 فقط، لكن أيضا منظومة “البوك إم”، متوسطة المدى.
تحدٍّ خطير لأوكرانيا
عن تبعات نفاد آخر احتياطيات الدفاعات الجوية الأوكرانية من صواريخ “إس 300” على مسار الحرب خلال الأسابيع المقبلة، شدد الباحث المتخصص في السياسات الدفاعية على أن هذا التطور يمثِّل تحديا خطيرا للقوات الأوكرانية في هذه الحالات:
- عدم تزويد أوكرانيا بمنظومات دفاعية غربية كافية من حيث الكم والنوع، فمن المعلوم أن أوكرانيا تشغل الآن منظومة “آيريس الألمانية” و”ناسامز” الأميركية، وهاتان المنظومتان تمثلان العمود الفقري لنظام الدفاع الجوي في أوكرانيا.
- تأخّر وصول منظومات “باتريوت” لأوكرانيا، فهي المنظومة الوحيدة المعادلة لـ”إس 300″ من حيث “المدى البعيد”، واللافت أنّ تدريب القوات الأوكرانية على تشغيل المنظومة في الولايات المتحدة يتزامَن مع تدريب قوات أوكرانية أخرى على تنفيذ تكتيكات معركة الأسلحة المشتركة، ما قد يشير إلى استمرار عمليات التحريم الجوي كما هو الحال الآن.
- مع نفاد مخزون أوكرانيا من بطاريات وصواريخ منظومة “إس 300″، فإن الدفاع الجوي الطبقي لأوكرانيا والذي هو أساس عملية التحريم الجوي وغياب حسم السيادة الجوية لروسيا، سيكونان مهدَّدين بلا شك.