ورغم مساحتها الضئيلة فإن الجزيرة تعد محور تنافس استراتيجي، فهي تمنح المسيطر عليها ميزة كبيرة في البحر الأسود، احتلتها القوات الروسية منذ اليوم الثاني للحرب في أوكرانيا التي بدأت في 24 فبراير الماضي، وحازت اهتمامًا دوليًّا عندما رفض حرس الحدود الأوكرانيون المتمركزون هناك طلب سفينة حربية روسية منهم الاستسلام.
ومنذ ذلك الحين، تتعرض “جزيرة الثعبان” لقصف أوكراني متواصل، حيث هاجمت القوات الأوكرانية الجزيرة عدة مرات بطائرات مسيرة، وأخرى حربية إلا أنه، وفق محللين، في الأسابيع الأخيرة ومع وصول الأسلحة الثقيلة زادت الضربات عليها مما اضطر الروس للانسحاب.
كانت الضربة الأبرز في 21 يونيو حيث قالت قيادة العمليات الجنوبية في الجيش الأوكراني إنه تم توجيه ضربة نحو الجزيرة بأسلحة ووسائل تدمير مختلفة، مما أسفر عن خسائر كبيرة للروس، وفي 17 يونيو، أعلنت البحرية الأوكرانية أنها وجهت ضربة لسفينة روسية كانت تحمل أنظمة دفاع جوي إلى جزيرة الثعبان.
طرد وليس انسحابًا
وحول التضارب بين الجانبين، قال المحلل المتخصص في الشؤون الأمنية والاستراتيجية، ليون رادسيوسيني، إن الطرفين في حرب ولن ينسحب طرف من موقع استراتيجي من تلقاء نفسه، الأوقع هو الطرد، وليس الانسحاب، روسيا تسعى إلى حصار أوكرانيا بشكل كامل، وموقع الجزيرة الاستراتيجي يمنحها ضرب ميزات كبيرة في كشف الساحل الأوكراني.
وأضاف رادسيوسيني، في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن جزيرة “سنيك” هي رمز للمقاومة الأوكرانية من أول أيام الحرب عندما رفض الجنود الأوكرانيون الاستسلام، مؤكدًا أن عودتها لكييف ستمثل دافعًا معنويًّا كبيرًا بعد الخسارات الكبيرة خلال الشهر الجاري في الشرق.
وأشار إلى أن “ما أسهم في حسم المعركة هو الأسلحة الثقيلة ضمن المساعدات الغربية الأخيرة، وسوف يساعد استعادة الجزيرة في كسر الحصار الذي تفرضه القوات الروسية على شواطئ أوكرانيا في البحر الأسود“.
فيما اعتبر الناطق باسم البحرية الفرنسية، إريك لافو، أنه “في هذه الحرب تعتبر (جزيرة الثعبان) نقطة استراتيجية أساسية يجب رصدها كونها تمنع الوصول الجوي والبحري إلى كل الشريط الساحلي الأوكراني، وتشكل تهديدًا على مصب نهر الدانوب“.
كما يُمكن أن يستخدمها الروس منصة “لوضع معدات دفاعية مضادة للطائرات ومعدات دفاع مضادة للسفن، لكن أيضًا أنظمة صواريخ متوسطة المدى بالإضافة إلى القوة النارية لسفن أسطول البحر الأسود، وهي نقطة دعم تسمح بأن يكونوا أكثر ثقة في محاولات الاقتراب من السواحل الأوكرانية”، وفق خبير الدفاع إيغور ديلانوي من المرصد الفرنسي-الروسي، وهي هيئة تحليل سياسي مقرها في موسكو.
تضارب الروايات
قالت وزارة الدفاع الروسية: “في بادرة حسن نية، أنجزت القوات الروسية أهدافها المحددة في جزيرة الثعبان وسحبت كتيبتها منها”، مشددة على أن من شأن هذه البادرة تسهيل صادرات الحبوب من أوكرانيا.
في المقابل، أشاد الجيش الأوكراني بـ”تحرير المنطقة الاستراتيجية”، وقال فاليري زالوجني، القائد العام للقوات المسلحة الأوكرانية، على تطبيق “تليغرام”: “أشكر المدافعين عن منطقة أوديسا الذين بذلوا أقصى جهودهم لتحرير منطقة ذات أهمية استراتيجية“.
كما كتبت القيادة العسكرية الجنوبية لأوكرانيا على موقع “فيسبوك” أنه “بعد عملية ناجحة شملت استخدام وحدات صواريخ ومدفعية، أخلت القوات الروسية مواقعها فوق الجزيرة ورحلت على متن زورقين“.
وأكد أندريه يرماك، رئيس مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أن القوات المسلحة الأوكرانية “طردت” القوات الروسية من الجزيرة، مضيفًا أن ادعاء موسكو أن الانسحاب جاء بدافع حسن النية غير صحيح. وكتب يرماك على “تويتر”: “لم تعد هناك قوات روسية على جزيرة سنيك.. لقد قامت قواتنا المسلحة بعمل رائع“.
وتبلغ مساحتها 0.17 كيلومترًا مربعًا، ويصل طولها إلى 662 مترًا وعرضها 440 مترًا، في حين ترتفع أعلى نقطة فيها نحو 41 مترًا، وتقع الجزيرة على مسافة نحو 50 كلم من مصب نهر الدانوب، أحد الأنهار الرئيسية في أوروبا والطريق التجاري المهم.
كما تقع على مسافة نحو 100 كلم من مدينة أوديسا، كذلك، تبعد مسافة أقل من 200 كيلومتر من ميناء كونستانتا الروماني الرئيسي و300 كيلومتر من القاعدة الروسية الرئيسية في شبه جزيرة القرم في سيفاستوبول.
كان على رومانيا وأوكرانيا اللجوء إلى القضاء لتسوية النزاع بينهما للسيطرة على هذه الموارد، وفي العام 2009، أصدرت محكمة العدل الدولية حكمها وقررت أن الجزيرة أوكرانية.