وجاء القرار بالإجماع من قبل وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي المجتمعين في بروكسل، على أن ينشر في الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي حتى يدخل حيز التنفيذ.

وجاءت هذه الخطوة بعدما قالت تقارير إن مئات من عناصر المجموعة في طريقهم إلى مالي التي تشهد هجمات إرهابية، فيما حذرت فرنسا وألمانيا، الشهر الماضي، الدولة الواقعة بغرب إفريقيا من مغبة إبرام اتفاق مع مجموعة “فاغنر” للتعاقد مع ألف عنصر من المجموعة.

وفي وقت سابق، قال أكثر من 12 شخصا لهم علاقات بمجموعة “فاغنر” لـ”رويترز”، إن “الشركة نفذت عمليات قتالية سرية نيابة عن الكرملين في أوكرانيا وليبيا وسوريا”، فيما تنفي روسيا ذلك، حيث أكد الرئيس فلاديمير بوتن، في تصريحات سابقة، أن مجموعة “فاغنر” الأمنية الروسية الخاصة لا تخدم مصالح الكرملين، وإنما تخدم مصالحها الخاصة.

وأشيع أن المجموعة الأمنية تحصل على تمويل من رجل الأعمال يفغيني بريغوجين الذي فرض عليه الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عقوبات على خلفية اتهام بالتدخل في الانتخابات الأميركية، في حين ينفي بريغوجين أي علاقة بالمجموعة.

بديل فرنسا

وتدهورت العلاقات بين فرنسا وشريكتها التاريخية مالي، إثر انقلابين عسكريين شهدتهما باماكو في الأشهر الأخيرة، وكانت باريس قد تعهدت في يونيو بإعادة تنظيم وجودها العسكري في منطقة الساحل، لا سيما من خلال إخلاء قواعدها الثلاث في أقصى شمال مالي، لتركيز قواتها في منطقتي “غاو” و”ميناكا” قرب الحدود مع كل من النيجر وبوركينا فاسو.

وزادت حدة التوتر بين فرنسا ومالي مع خطاب رئيس وزراء الأخيرة شوغل كوكالا مايغا، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي اتهم فيه فرنسا بالتخلي عن بلاده في منتصف الطريق بقرارها سحب قوة “برخان”، مبررا بذلك بحث بلاده عن “شركاء آخرين”، من بينهم شركات خاصة روسية.

وقال رئيس الوزراء المالي إن الوضع الجديد الذي نشأ بسبب انتهاء “برخان”، وضع مالي أمام أمر واقع ويعرّضها لما يشبه التخلي عنها في منتصف الطريق، ويقود إلى استكشاف السبل والوسائل لكي نضمن الأمن على نحو أفضل مع شركاء آخرين.

وأوضح أن المطلوب هو ملء الفراغ الذي سينشأ حتما عن إغلاق بعض مواقع “برخان” في شمال مالي، منتقدا قلة تشاور باريس، وإعلانا أحاديا صادرا من دون تنسيق ثلاثي مع الأمم المتحدة والحكومة المالية.

تحذيرات فرنسية أميركية

وفي نوفمبر الماضي، أصدرت وزارة الخارجية الفرنسية بيانا حذرت فيه موسكو من نشر قوات “فاغنر” الروسية الخاصة في منطقة الساحل الإفريقي والصحراء الكبرى، مؤكدة أنه سيكون إجراء “غير مقبول” من جانب روسيا.

وانتقد وزير الخارجية جان إيف لودريان ووزيرة الجيوش الفرنسية، فلورانس بارلي، خلال اجتماع عقد في باريس مع نظيريهما الروسيين سيرغي لافروف وسيرغي شويغو، بسبب “الطابع غير المقبول” لنشر قوات “فاغنر” في قطاع الساحل والصحراء.

وكرر الوزيران الفرنسيان رسائلهما الحازمة فيما يتعلق بـ”مخاطر زعزعة الاستقرار الإقليمي” و”الاعتداء” على مصالح باريس وشركائها المساهمين في مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل الإفريقي.

ونهاية الشهر الماضي، حذر وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، المجموعة الروسية “فاغنر” من التدخل في مالي، حيث دعا إلى انتقال للحكم المدني.

وأفاد بلينكن، في تصريحات على هامش زيارته إلى السنغال، بأن الولايات المتحدة تساهم في جهود مع مالي والشركاء لدعم الاستقرار في البلد الإفريقي الذي يعيش حالة حرب، مشيرا إلى أنه “لا يمكنني أن أضيف سوى أنه سيكون من المؤسف أن تنخرط عناصر خارجية قد تجعل الأمور أكثر صعوبة وتعقيدا، وأفكر على وجه الخصوص بمجموعة فاغنر”.

حقول الغاز

أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأميركية، سعيد صادق، قال إن أوروبا وأميركا تخشيان أن تسحب روسيا البساط منهما في أماكن تعد مناطق نفوذ ومستعمرات قديمة، وباتت تمثل قيمة كبيرة، في الوقت الحالي، خاصة بعد الاكتشافات الأخيرة في قلب إفريقيا، سواء تعلق الأمر بمناجم الذهب أو بحقول الغاز.

وبيّن صادق، في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن الدول الكبرى تفضل أحيانا عدم التدخل المباشر، وتستخدم شركات أمن تزعم أنها خاصة للقيام بأعمال عسكرية تخدم استراتيجيتها.

ولفت إلى أن أميركا لديها شركة “بلاك ووتر” التي تدخلت في العراق، وروسيا لديها “فاغنر” في دول إفريقية، مضيفا “أوروبا المتحالفة مع أميركا تدين فاغنر وليس بلاك ووتر، وهذا تناقض صارخ”.

وأكد أن “روسيا وفاغنر ستواصلان أنشطتهما بغض النظر عن العقوبات الأوروبية، لأن الأمر يتعلق بجزء من حملة الضغط والحصار على روسيا بخصوص أزمة أوكرانيا المتصاعدة حاليا”.

ما هي “فاغنر؟”

يرجع تأسيس “فاغنر” عام 2014 إلى ديمتري أوتكين، العميد السابق في الاستخبارات العسكرية الروسية، وظهرت لأول مرة شرقي أوكرانيا ثم نشطت في جزيرة القرم، ويتولى أوتكين القيادة الميدانية والجوانب التقنية الخاصة بعملها.

وتضم المجموعة في صفوفها أفرادا متقاعدين من القوات المسلحة الروسية، وتضطلع بحماية عدة شركات في دول بها نزاعات، كما تنسب لها عمليات في بلدان مختلفة.

ويشير خبراء ومنظمات منها العفو الدولية، إلى أن “فاغنر” تتحرك بدعم مباشر من الحكومة الروسية، لدرجة أن البعض وصفها بـ”الجيش السري للرئيس بوتن”.

وتقدر تحقيقات صحفية روسية عدد المنضمين لـ”فاغنر” بين 3500 و5 آلاف مقاتل، بعضهم ذوو أصول من دول الاتحاد السوفيتي السابق القريبة من روسيا.

skynewsarabia.com