والتقى الرئيس الأميركي جو بايدن، الخميس، في البيت الأبيض، مع الرئيس الفنلندي سولي نينيستو، ورئيسة الوزراء السويدية مغادالينا أندرسون، حيث دافع عن انضمام بلديهما للناتو بأن هذه الخطوة لا تشكل تهديدًا لأي طرف.
وأعرب بايدن عن وقوف بلاده إلى جانب هلسنكي وستوكهولم قائلًا: “سندافع عن كامل أراضي دول حلف الناتو، لأن أي هجوم على دولة عضو بالناتو يمثل هجوما على الحلف”.
في غضون ذلك، شددت رئيسة وزراء السويد، على متانة العلاقات التي تجمع بلدها بالولايات المتحدة، مضيفة أنه “أصعب الأوقات، ثمة حاجة إلى التواجد بين أقرب الأصدقاء (…) وأتيت مع الرئيس الفنلندي نينيستو إلى هنا (واشنطن) في لحظة تاريخية بالنسبة لبلدينا”.
ودفعت العملية العسكرية التي شنتها روسيا في أوكرانيا، إلى تغيير تاريخي في موقف فنلندا والسويد بشأن الانضمام لحلف الناتو، بعدما بقيتا على الحياد خلال الحرب الباردة، في مقابل تأكيدات من موسكو بأن القوات السوفياتية لن تغزو أراضيهما.
دعم وصفقات تسليح
من جانبها، ترى الخبيرة الأميركية المختصة في الشؤون الاستراتيجية والقضايا الجيوسياسية، إيرينا تسوكرمان، أن فنلندا اشترت بالفعل أسطولًا من طائرات “إف-35” من الولايات المتحدة، ومن المرجح أن يسعى كلا البلدين إلى المزيد من عمليات الشراء المتعلقة بالأمن والدفاع على أعلى مستوى.
وأوضحت تسوكرمان في حديث خاص لـ”سكاي نيوز عربية”، أنه علاوة على ذلك، فالسويد وفنلندا تبحثان عن طمأنة ودعم من واشنطن في ضوء تهديد تركيا بعرقلة خطوة انضمامها لحلف شمال الأطلسي.
وتبدي تركيا معارضة صريحة لانضمام الدولتين الاسكندنافيتين إلى الناتو، بسبب ما تعتبره دعما من السويد وفنلندا لعناصر من حزب العمال الكردستاني الذي تدرجه أنقرة في قائمة المنظمات الإرهابية.
وأشارت تسوكرمان أن بايدن ناقش مع قادة السويد وفنلندا الأمن في أوروبا والتزام الولايات المتحدة بتعزيزه، وعرض الناتو وتفاصيل الاتفاق على تلك الخطوة، وتقوية العلاقات بينهما، مع دعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا إذ قدمت هلسنكي وستوكهولم بالفعل دعمًا كبيرًا لكييف، لكن ربما تتطلعان أيضًا إلى زيادة التدريب المشترك مع واشنطن أو تعزيز جيوشهما بدعم من الولايات المتحدة.
وقالت إنه بالإضافة إلى ذلك، هددت روسيا باتخاذ إجراءات قد تصل لشن حرب نووية، ومن المحتمل أن تسعى فنلندا والسويد بشكل متحفظ إلى مساعدة أميركية لتعزيز دفاعاتهما، سواءً أنظمة الدفاع الجوي والتكنولوجيا المضادة للصواريخ.
وفي وقت سابق الجمعة، أعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، عزم موسكو تشكيل 12 قاعدة عسكرية في الجزء الغربي من البلاد، ردا على مساعي فنلندا والسويد للانضمام إلى حلف الناتو.
سر الدعم القوي
وعن أسباب الترحيب والدعم القوي الذي تقدم الولايات المتحدة لفنلندا والسويد لعضوية الناتو، تقول الخبيرة الأميركية، إن إدارة بايدن تدعم بشكل عام المنظمات متعددة الأطراف والتعاون الدولي، لكنها تعتقد أيضًا أنه نظرًا لأن فنلندا والسويد مكرسان جدًا لأمنهما ولهما خبرة في التعامل مع التهديدات الروسية، فإنهما سيقدمان إضافات قيمة إلى حلف الناتو، كما سيساعدان أوروبا في تحمل العبء المالي للدفاع المتبادل.
كما أنه في نظر إدارة بايدن فكلما انضمت المزيد من الدول القريبة من روسيا وأوكرانيا إلى حلف الناتو، زادت صعوبة تصعيد روسيا سواء من خلال الوسائل التقليدية أو من خلال شن هجمات نووية ضد أي من الدول الأوروبية، سواء كانت أعضاء في الناتو أم لا، وفق تسوكرمان.
وكان مسؤولو الإدارة الأميركية أشاروا قبل لقاء بايدن مع قادة فنلندا والسويد إلى رغبة الرئيس الأميركي في أن يلقي بثقل بلاده، أكبر عضو في الحلف، خلف مساعي الدولتين للانضمام للناتو، وهو ما من شأنه أن يعيد تشكل المشهد الأمني في أوروبا في حقبة ما بعد الحرب الباردة، كما أن ذلك سيشكل مصدر حرج للرئيس الروسي فلاديمير بوتن، والذي سعى إلى تقييد مساعي توسع الحلف.
وأضافت: “يعطي عرض فنلندا والسويد أيضًا إشارة مطمئنة بشكل عام حول الالتزام الأوروبي المتزايد بأمنها ودفاعها وربما تعزيز التعاون مع الولايات المتحدة على تلك الجبهة، وهي علامة مرحب بها على تحسين العلاقات بعد فترة من الخلافات والتوترات في الماضي”.